لماذا هذا الاحتقان؟ ولماذا هذه الكراهية والنظرة الدونية لغير «الأنا»؟ الإنسان الكويتي، وليس لدي اهتمام بغيره، دائماً مشمئز، وغالباً متضايق، يقضي يومه متوتراً، وينام تحت هواجس الكبت والإرهاق.
شعوب العالم الأخرى ـ المتمدنة بالطبع - وخارج منطقتنا العربية وحتى الإسلامية، تعيش في سلام وانسجام وفي تناغم وقبول بالمحيط وما يحيط. عندنا الوضع مختلف... الإنسان منّا معني بالبحث عما يثيره أو يضايقه، ينتقد ما يختلف عنه، ويمقت ما لا ينسجم مع ما يحب أو يعتقد.
حتى لو كان «الغير» أو الجديد الغريب أفضل منه، أو على الأقل متناغماً والواقع، ومنسجماً مع المحيط، يبقى في نظر إنساننا شيئاً غريباً خُلق هو لانتقاده ولتحقيره، وحتى لسحقه إن أمكن.
لا يمكن للإنسان عندنا هنا أن يهدأ إن لم ينتقد غيره، أو يشتم من يختلف عنه، أو يشير بسخرية بغيضة إلى ممارسات أو معتقدات الآخرين. وإن لم يجد شيئاً يستحق الشتم أو اللعن، فإن «الحكومة» تبقى الموضوع المفضل للسخرية والانتقاد. فهي، وهي إلى حد ما بالفعل مسؤولة، المسؤولة عن الوضع المزري الذي هو فيه. الغريب وما يثير بالفعل الدهشة أن المواطن عندنا بالكاد ينتقد مجلس الأمة أو أعضاءه، رغم أن المجلس والأعضاء كانوا أيام عزهم المسؤول عن أغلب مشاكلنا وأزماتنا الخانقة. أعتقد أن هذا يرجع إلى شعور خاطئ لدى المواطن بأن المجلس والأعضاء من إنتاجه هو ومِن صنعه هو، وبالتالي من غير الممكن انتقادهم أو السخرية منهم مثلما يفعل مع الغير. أقول شعور خاطئ، لأن مجالس الأمة عندنا منذ الثمانينيات هي صنيعة السلطة ونتاج عبثها وهيمنتها على العملية الانتخابية. وهذا يدلل لنا كم هو بعيد عن المنطق والعقل هذا الإنسان المتوتر والغاضب باستمرار.
لماذا لا نفكر في كيفية حل مشكلة الطقس، أو نتجادل حول نظرية علمية، أو نتناظر حول ابتكار جديد بدلاً من هذا الزعيق والنعيق حول الشيعة والسنّة، البدو والحضر، إلخ.. إلخ..؟
ناس فاضية ما عندها شغل، ثلاثة أرباع عمرها نوم أغلب النهار، وفي الليل لا شغل أيضاً، ولا عمل سوى التثاؤب من نومة النهار.