• هذه هي زيارتك الثانية للكويت خلال السنوات الثلاث الماضية... كيف تصف الوضع الحالي للعلاقات الثنائية وآفاقها؟
- علاقاتنا طويلة الأمد ومريحة في كثير من النواحي ومشجعة في إمكاناتها، وتبادلنا التجارة منذ زمن سحيق، وكانت هناك جالية هندية في الكويت منذ ذلك الحين. ونتيجة لذلك، هناك تقدير بديهي لبعضنا البعض، الأمر الذي يعتبر مصدر قوة لدبلوماسيتنا.
ويقيم في الكويت مليون مواطن هندي ويرسلون تحويلات مالية بقيمة مليار دولار أميركي إلى الهند سنوياً. وتعد الكويت سادس أكبر شريك لنا في مجال الطاقة، كما أن للهيئة العامة للاستثمار الكويتية استثمارات كبيرة في الهند. ونعتقد أن هناك اهتماماً متزايداً بالاستثمار الأجنبي المباشر الآن.
وبلغت التجارة الثنائية منذ فترة طويلة بين 10 و15 مليار دولار سنوياً. هذا ويشارك العديد من الشركات الهندية في مشاريع البنية التحتية في الكويت وتقدم خدمات في مجالات متعددة.
وعلى المستوى السياسي، كنا منذ فترة طويلة متفهمين لمصالح بعضنا. وبشكل عام، فإن العلاقة قوية ومستعدة للارتقاء في كثير من النواحي.
توسيع التعاون
• الهند هي واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للكويت، هل ثمة إمكانية لزيادة التجارة الثنائية؟ وفي أي المجالات؟
- كما ذكرت، فإن مستويات التجارة ثابتة بقدر يبلغ ما بين 10 و15 مليار دولار أميركي سنوياً، حيث كان قطاع الطاقة والأغذية هو الدعامة الأساسية لها، وفي السنوات الأخيرة، شهدنا بدايات التنويع. فقد دخل المزيد من المنتجات «صنع في الهند» إلى سوق الكويت، بما في ذلك المركبات والآلات الكهربائية ومعدات الاتصالات. ومع تعمق قدرات التصنيع الهندية، أتوقع تكثيف هذا الاتجاه. وهناك بعض العوامل التي يمكن أن تسهل هذه الرحلة. فلدينا مناقشات اتفاقية التجارة الحرة الجارية في صيغة ومستوى مجلس التعاون الخليجي. وانني على دراية باهتمام الكويت بالتوصل إلى تفاهم بشأن الأمن الغذائي معنا، وهناك بعض المشاكل المتعلقة برسوم مكافحة الإغراق، أي الرسوم المفروضة على السلع المستوردة. وهناك مجال لتوسيع التعاون في مجال الأدوية والمعدات الطبية، ومن شأن الاعتراف بدستور الأدوية الهندية أن يساعد في هذا المجال. ويمكننا أيضاً استكشاف عملية التسويات التجارية بالعملات المحلية، ونأمل أن تفكر الكويت في ربط النظام للدفع عن طريق كي نت بـ UPI الهندية.
• الهند من أكبر مستهلكي النفط والغاز في العالم، والكويت واحدة من أكبر مصدريها... ما هو مستقبل العلاقات الثنائية في هذا المجال في سياق التحرك العالمي نحو مصادر الطاقة النظيفة؟
- الهند بالتأكيد واحدة من شركاء الكويت الرئيسيين في مجال الطاقة، وخاصة النفط والغاز. ومن المرجح أن يستمر هذا لبعض الوقت. وفي الواقع، تشير الدراسات التي أجرتها وكالة الطاقة الدولية إلى أن الهند ستكون واحدة من المحركات الرئيسية للطلب الجديد في هذا المجال. في الوقت نفسه، لدينا هدف طموح للطاقة المتجددة، ونسعى لتركيب 500 غيغاواط بحلول عام 2030، وتم بالفعل تركيب 195 غيغاواط منها. لقد كنا نشيطين بشكل استثنائي في الدعوة إلى الطاقة الشمسية وتبني الوقود الحيوي. وهناك اهتمام كبير بالهيدروجين الأخضر، والأمونيا الخضراء أيضاً.
فرص استثمارية
• تعد الهند خامس أكبر اقتصاد في العالم بناتج محلي إجمالي يبلغ 3.5 تريليونات دولار، وستصبح ثالث أكبر اقتصاد قريباً. هل هناك فرص جيدة للاستثمارات الكويتية في الهند؟
- الهند اليوم أسرع اقتصاد كبير نمواً في العالم. ومن المتوقع عموماً أن يستمر معدل النمو هذا بقدر يتراوح بين 7 و8% خلال العقود المقبلة. وهناك ثقة بأننا سنكون ثالث أكبر اقتصاد عالمي بحلول نهاية العقد.
إن الفرص الاستثمارية في الهند هائلة حيث يوجد هناك وتيرة غير عادية لبناء البنية التحتية، سواء تحدثنا عن الطرق السريعة أو السكك الحديدية أو المطارات أو الشبكات. وتضاعف عدد مؤسسات التعليم والمهارات منذ عام 2014. لقد كان التقدم في مجال التكنولوجيا المالية هائلاً، وخاصة فيما يتعلق بالمدفوعات الرقمية. وينعكس ارتفاع وتيرة التصنيع في كل من النمو المحلي وزيادة الصادرات. وتتزايد طلبات المستهلكين بشكل مطرد مع توسع الطبقة المتوسطة بسرعة. ويدرك العالم اليوم هذه الاتجاهات، ما يجعلنا أحد أكبر وجهات تدفقات الاستثمار الدولية. ونود أن نرى الكويت تبدي المزيد من الاهتمام بإمكانيات الاستثمار.
• هناك جالية هندية كبيرة في جميع أنحاء العالم، والكويت ليست استثناءً لذلك، حيث يشكل الهنود هنا أكبر جالية. كيف ترى دور الجالية الهندية في توطيد العلاقات مع البلدان المضيفة؟
- تعمل الجالية الهندية كجسر حي بين الشعوب. فهي تساعد في بناء التفاهم بين الشعوب، وتعمل على تسهيل العديد من تعاملاتنا. وبينما نتطلع إلى رفع مستوى شراكتنا، أعتقد أن أهمية الجالية الهندية ستنمو أكثر فأكثر. وأنني على يقين بأن السلطات الكويتية ستقدر إمكاناتهم الكاملة، وتوفر لهم المزيد من التشجيع والتسهيلات. وفي نهاية المطاف، فإن وجود جالية تضم مليون شخص يعني وجود مليون سفير بين بلدينا.
• كيف ترى الهند منطقة الخليج العربي وعلاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي؟
- نعتبر دول مجلس التعاون شريكاً رئيسياً للهند. فهي قريبة جداً لنا، ولدينا معها مصالح اقتصادية وأمنية وسياسية ولدينا جاليات كبرى فيها. وندرك أن منطقة مجلس التعاون تمثل سدس إجمالي تجارة الهند وثلث إجمالي جالياتها.
ويتم استيراد 30 في المئة من احتياجاتنا النفطية و70 في المئة من احتياجاتنا الغازية من دول مجلس التعاون. وفي عهد رئيس الوزراء ناريندرا مودي، أعطت الهند أولوية خاصة لتنمية العلاقات الوثيقة مع دول المجلس.
كما أن الهند مستمرّة في الحوار السياسي على المستوى الوزاري منذ عقدين من الزمن. وأتوقع أن ألتقي بنظرائي في دول مجلس التعاون بشكل جماعي قريباً جداً.
وفيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية والتجارية، تكثف تعاوننا في مجال الطاقة في أعقاب الصراع في أوكرانيا.
ومع تطور النمو القوي للهند على مدى العقد الماضي، نشهد أيضاً اهتماماً أكبر من دول مجلس التعاون بالاستثمار في الهند. ونحن على ثقة بأن الكويت من بين الدول الراغبة في تعميق الروابط الاقتصادية.
دور الهند كقوة رئيسية في العالم
أكد وزير الخارجية الهندي أن بلاده «هي الدولة الأكثر سكاناً اليوم، والخامس من حيث حجم الاقتصاد، ومساهم متزايد في الصالح العالمي».
وأضاف: من خلال وجودنا في مجلس الأمن وخارجه، سعينا إلى تطوير النظام العالمي في اتجاه المزيد من التعددية القطبية والديموقراطية.
وتابع: في أوقات الأزمات، سواء كانت بسبب كورونا أو الكوارث الطبيعية، اعتُبرت الهند المستجيب الأول، ورأى شعب الكويت ذلك عندما أرسلنا الى هنا فريقاً طبياً لغرض المساعدة في فترة كورونا. كما قدرت البحرية الدولية موقفنا عندما قمنا بنشر قوتنا في بحر العرب لتأمينها، لافتاً إلى أن «العديد من عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تستفيد من مشاركة الهند».
وقال: نحن أعضاء في أكثر من 50 مجموعة وآلية متعددة الأطراف، بما في ذلك منظمة شنغهاي للتعاون، ومن خلال الترحيب بالكويت كشريك حوار في منظمة شنغهاي للتعاون خلال رئاستنا، عززنا علاقاتنا الثنائية والمصالح الدبلوماسية الأوسع للكويت، وأنني على ثقة بأن هذا التفاهم سيحافظ على نمو شراكتنا بشكل مطرد.
حربا غزة وأوكرانيا والحاجة إلى الدبلوماسية
رداّ على سؤال ما اذا كانت بلاده قادرة على لعب دور في الأزمتين الفلسطينية والأوكرانية، أكد جايشانكر، أن «الوضعين مختلفان للغاية، ولكن القاسم المشترك بينهما هو الحاجة إلى الدبلوماسية».
وأوضح أنه «فيما يتعلق بفلسطين، تدعم الهند فكرة حل الدولتين. ونحن نشعر بأنه في الصراع الحالي في غزة، ينبغي أن يكون هناك اهتمام مناسب بالضحايا المدنيين ومراعاة القانون الإنساني الدولي، وقد قدمنا المساعدات الإنسانية من خلال الأونروا وسنستمر في ذلك. كما لدينا بعض مشاريع التنمية البارزة في الضفة الغربية».
وتابع: أما فيما يتعلق بأوكرانيا، تعتقد الهند أن هذا ليس عصر الحرب، وأن الخلافات ينبغي تسويتها من خلال الحوار والدبلوماسية، وبصفتنا دولة تقف بحزم إلى جانب السلام، فإننا على استعداد دائم للمساهمة في أي جهود في الاتجاه الصحيح».