خلال عملي في مختلف الجهات والهيئات والأجهزة والوزارات الحكومية خلال ما يقارب 40 عاماً، لم أشعر بالفوضى الإدارية والتنظيمية للجهاز التنفيذي وللنظام الإداري مثل شعوري هذه الأيام! هناك فوضى إدارية وتنظيمية في الجهاز التنفيذي للدولة من الناحية القانونية والتنظيمية والإدارية بشكل مخيف ومُريب!
ولكي أدلل على ما أقول: هناك وزارات بدون وزراء، وهيئات ومؤسسات حكومية بدون مديرين عامين، وإدارات بدون مديرين، ومراقبات بدون مراقبين، وأقسام وشعب ووحدات إدارية بدون مشرفين أو مسؤولين! كما أن هناك قطاعات إدارية في بعض الوزارات والأجهزة والهيئات والمؤسسات الحكومية بدون وصف وظيفي لشاغلي هذه الوظائف! واستمرار في التعيين في الوظائف القيادية (من وكلاء الوزارات والوكلاء المساعدين والمديرين العامين ونوابهم في الهيئات والمؤسسات الحكومية) بأسلوب الباراشوت، إضافة إلى أن الشهادات العلمية المزورة والوهمية لم تقتصر على مستوى الماجستير والدكتوراه بل وصلت لمستوى الجامعة والثانوية العامة! وكذلك بحوث علمية مزورة ومدفوعة الثمن بطرق ملتوية يتم على أساسها الترقيات العلمية والأكاديمية! جوازات سفر كويتية مزورة! وإقامات مزورة يتم اكتشافها بشكل يومي! عمالة سائبة وشركات وهمية وتعديات على أراضي الدولة ومخالفات في مباني المواطنين والمباني الحكومية! سرقات في بعض الجمعيات التعاونية! طرق داخلية وخارجية متهالكة وهدر في الإنفاق والصرف الحكومي! وضعف في مراقبة ومتابعة مشاريع الدولة وخصوصاً الكبرى! خيانة الأمانة من بعض المسؤولين والموظفين لواجباتهم الوظيفية ! ترقيات بالواسطة والمحسوبية لا على أساس جودة الأداء والكفاءة! برامج عمل حكومية لا تنفذ وخطط استراتيجية لا ترى النور! غرامات تأخير على شركات كبرى لا يتم تحصليها من قبل الدولة! مبانٍ ومنشآت حكومية تأخرت وبعضها جاهز ولم يتم تسلُّمه من الحكومة!
طابور من العاطلين عن العمل من شباب الكويت رغم تصريحات ديوان الخدمة بأن نسبة البطالة صفر% وتكدس وظيفي في الجهاز الحكومي في ظل وجود أكثر من مليوني فرصة عمل للأجانب في القطاعين الحكومي والخاص! إحالة الموظف الكويتي الذي أمضى 30 عاماً في الوظيفة الحكومية للتقاعد بالرغم من أن عمره لم يتجاوز 56 عاماً في ظل ارتفاع نسبة ومعدل عمر المواطن الكويتي إلى 79 سنة للذكور و83 للإناث!
هذه بعض المنغصات والمعوقات بنظرة سريعة في الجهاز الحكومي الكويتى! إنها «الفوضى الهدامة» لا «الفوضى الخلاقة» في إدارة وتنظيم الجهاز التنفيذي للدولة! لذا يشعر الإنسان الحريص والغيور والمواطن المخلص والمتابع للشأن العام بالهم وعدم الارتياح من الوضع القائم ومن المستقبل!
رغم كل ما ذكرته من معوقات مع مشاكل قانونية وإدارية وتنظيمية، فإن الأمل موجود في حل هذه المشاكل والتعامل معها متى ما توافرت الإدارة ذات الكفاءة والفعالية والإرادة والنية الصادقة للإصلاح والتطوير والتنمية!
فمتى نتحرك وننقذ ما يمكن إنقاذه؟!
ودمتم سالمين