بلينكن ينتزع التزاماً إسرائيلياً مشروطاً باتفاق غزة المعدل
وزير الخارجية الأميركي يتحدث عن «آخر فرصة» بشأن الرهائن... وطهران تؤكد فصل الرد عن الهدنة
• «حماس» و«الجهاد» تتبنيان انفجار تل أبيب... وتخوّف إسرائيلي من عودة العمليات الانتحارية
في وقت تكثّف واشنطن ضغوطها على جميع الأطراف للقبول بالخطوة، التي تراهن عليها لاحتواء خطر توسّع حرب غزة وتحوّلها إلى صراع إقليمي شامل، يجر خصوصاً «حزب الله» وإيران، تمخض اجتماع ثنائي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، استمر 3 ساعات أمس، عن إعلان الأول التزاماً مشروطاً بآخر مقترح طرحته إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن بشأن إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، وإقرار هدنة بالقطاع الفلسطيني قد تفضي إلى وقف الحرب.
ووصف مكتب نتنياهو الاجتماع بأنه «إيجابي وجرى في أجواء طيبة»، مشيراً إلى أنه أكد «التزام إسرائيل بالمقترح الأميركي الأحدث بشأن إطلاق سراح رهائننا، مع الأخذ في الاعتبار الاحتياجات الأمنية لإسرائيل، والتي أكد عليها بشدة».
وعقب بيان نتنياهو، اتهم المتحدث باسم حكومته الحركة الفلسطينية بـ «التراجع في اللحظات الأخيرة»، مؤكداً أن إسرائيل تريد التفاوض والتوصل إلى صفقة.
وأشار المتحدث إلى أن الفريق التفاوضي أصر على «بقاء قواتنا في محور فيلادلفيا، مع الالتزام بالمحادثات بشكل كامل»، في إشارة إلى تمسّك نتنياهو بالإبقاء على احتلال الشريط الحدودي الفاصل بين غزة وسيناء، وهو ما لم تشمله مسودة اتفاق قبلتها «حماس» في 2 يوليو الماضي وتصرّ على تطبيقها.
وأمس الأول، ذكرت تقارير أن المفاوضين الإسرائيليين أبلغوا نتنياهو بأنه في غياب تسوية لهذه القضية لن يكون هناك اتفاق، وحثّوه على المرونة، وردّ رئيس الوزراء بأنه ما دامت «حماس» تصر على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من «فيلادلفيا»، فلن يكون هناك اتفاق.
وجاء التزام نتنياهو المشروط وتوضيح المتحدث باسم حكومته بالتمسك بمواصلة التفاوض كمحاولة لرمي الكرة في ملعب الحركة الفلسطينية التي أصدرت بياناً ليل الأحد ـ الاثنين أكدت فيه رفضها للصفقة المعدلة.
أفضل فرصة
وقبل أن يغادر تل أبيب متوجهاً إلى القاهرة، محطته الثانية بجولته الإقليمية الرامية لدفع جهود التوصل إلى الصفقة بحلول نهاية الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل، حذّر بلينكن، خلال لقاء مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، من «أنها لحظة حاسمة، على الأرجح، أفضل، وربما آخر فرصة، لإعادة الرهائن إلى ديارهم، والتوصل إلى وقف إطلاق نار، ووضع الجميع على طريق أفضل إلى سلام وأمن دائمين».
وحثّ بلينكن إسرائيل و«حماس» على عدم إخراج الجهود من أجل الهدنة عن المسار.
من جانبه، ألقى هرتسوغ باللوم على «حماس» بشكل مباشر، لفشل التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن، وقال: «يتعين على الناس أن يفهموا أن الأمر يبدأ برفض حماس المُضي قدماً في المفاوضات».
وثمّن هرتسوغ جهود الوساطة المصرية والقطرية والأميركية لإطلاق الرهائن، وشكر الرئيس الأميركي على «إظهار القوة وحشدها بالمنطقة» في مواجهة التهديدات الإيرانية.
تضامن وفصل
في غضون ذلك، تلقى وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، اتصالاً هاتفياً من نظيره الأميركي بحث «التطورات التي تشهدها المنطقة، ومنها جهود إنهاء حرب غزة»، فيما أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي زيارة رسمية إلى الرياض، لتعزيز العلاقات الثنائية والتشاور حول التحديات الإقليمية المشتركة وتدعيم أواصر التضامن العربي.
في هذه الأثناء، جدد المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية، ناصر كنعاني، تأكيد بلده على ضرورة أن يتم الفصل بين قرار الهجوم المرتقب على إسرائيل، رداً على اغتيال زعيم «حماس» إسماعيل هنية بطهران، والوقف المحتمل لإطلاق النار في غزة. وقال كنعاني إن بلده تدعم المحادثات التي تجرى في قطر من أجل تحقيق وقف إطلاق النار، وأنها لا تسعى إلى زيادة التوتر في المنطقة، لكنها ستمارس حقها في «معاقبة إسرائيل بالوقت المناسب».
ووصف كنعاني الولايات المتحدة بأنها طرف في المفاوضات، وليست وسيطاً، لافتاً إلى أنهم مستمرون في تبادل الرسائل معها من خلال وسطاء حول مختلف القضايا.
قتلى ومخاوف
إلى ذلك، أعلنت السلطات الصحية ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة إلى «40 ألفاً و139 قتيلاً، من بينهم 40 شهيداً خلال 24 ساعة».
وعلى صعيد متصل، برزت في إسرائيل مخاوف أمنية من عودة مشاهد التفجيرات في حافلات ومطاعم وأسواق تجارية، بعد تبنّي حركتي حماس والجهاد انفجاراً في تل أبيب نجم عن عملية نفذت بواسطة عبوة شديدة الانفجار، وأسفرت عن مقتل حاملها وإصابة إسرائيلي بجراح متوسطة أمس الأول.
وهددت الحركتان باللجوء إلى إعادة العمليات الانتحارية إلى الواجهة، رداً على «استمرار مجازر الاحتلال وسياسة الاغتيالات والتهجير»، فيما كشفت مصادر أمنية إسرائيلية أن السلطات فرضت حظراً على النشر بشأن التحقيقات الدائرة حول الانفجار، بعد أن وصلت إلى «اتجاه غير مألوف فيما يتعلق بهوية المشتبه الذي قُتل في الانفجار وبهوية الذي قد يكون أرسله».
ورفعت الشرطة الإسرائيلية حالة التأهب وأعمال البحث الواسعة بتل أبيب في أعقاب «محاولة فاشلة» لتنفيذ عملية تفجيرية كانت تستهدف كنيساً يهودياً أو مركزاً تجارياً، وكان بإمكان هذا الحدث أن ينتهي بعشرات القتلى.
ولفتت أوساط عبرية إلى أن التقديرات تشير إلى أن منفذ الهجوم الذي لم يكتمل (بأعجوبة)، قدم من الضفة الغربية، لكنها لم تستبعد احتمال لجوء طهران أو «حزب الله» إلى تنفيذ رد انتقامي غير تقليدي ثأراً لمقتل هنية ورئيس أركان الجماعة اللبنانية فؤاد شكر.
تزامناً مع ذلك، شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة مداهمات واقتحامات بالضفة الغربية والقدس، تخللتها مواجهات في بعض المناطق واعتقالات طالت عدداً من الفلسطينيين، فيما دارت اشتباكات في بعض المناطق خلال التصدي للقوات المقتحمة، أسفرت عن إصابات بصفوف الفلسطينيين.