ربما يوجد أمل أن تُعيد الحكومة النظر في القرارات الأخيرة بسحب وفقد الجنسية، وخصوصاً للذين فقدوها بالتبعية، وهم أولاد أو أحفاد مَنْ قام بتزوير ملف جنسيته، فهؤلاء ليس لهم ذنب أن تُصادر أموالهم.
واستعمال عبارة «تجميد أموالهم» في هذه الحالة لا يختلف عن المصادرة، كمسألة واقع، ولا يبدو أن الحس الإنساني للبعض أو الكثير من هذا الشعب يكترث له كثيراً.
الذين سُحبت وأُلغيت جنسياتهم أيضاً تمت مصادرة ممتلكاتهم العقارية، أي منازل سكنهم، وإذا قامت بعض وسائل الإعلام بنشر أخبار عن زيد أو عبيد من جنسية مزورة قام بتهريب أمواله قبل المصادرة، فلا يصح التعميم وعقاب الكل بجريمة أحد ما.
أن تمنح الحكومة هؤلاء فرصة بتخويلهم فترة زمنية لتصفية أمورهم المالية وغيرها يعد خطوة متقدمة نحو تحقيق العدالة للمظلومين، وإن كان لا يرفع واقع الظلم الذي وجدوا أنفسهم به، فهؤلاء الذين تم إلحاقهم بفئة البدون بصورة مفاجئة وتحت ذريعة سيف القانون ظُلموا، فقبل القانون هناك اعتبارات العدالة والرحمة والإنسانية، والقانون فكرة مجاز لتنظيم العلاقات الاجتماعية بين الناس، وليس إله حرب يحمل سيفاً، ويبطش بخلق الله عشوائياً.
ثبات مؤسسة حكم القانون وتثبيت اليقين القانوني في ضمائر الناس ومَنْ يقوم بأعمال حكمه من دعائم دولة العدالة.
هنا مفارقة، فالذي يشرع وينفذ جهة واحدة، هي سُلطة الحكم، أي الحكومة، والقضاء مقصي من النظر في تلك المظالم، هل هكذا نفهم دولة المؤسسات بشكل «فيك الخصام وأنت الخصم والحكم»؟
أيضاً طالب «بدون» حصل على علامات عالية في اختبار «آيلتس» للقبول في الجامعات الإنكليزية، وتم بالفعل قبوله، لكن تم إلغاء جواز سفره، وقرار السماح بالحصول على جواز سفر كاستثناء محصور في الطلبة الدارسين، أما الذين تم قبولهم فلا يمكنهم المغادرة، ومثلهم الذين قرروا الهجرة من البلاد وتم قبولهم بدول أوروبية، ماذا يمكنهم أن يصنعوا بعد إلغاء جوازاتهم، هل أصبحنا «لا نرحم ولا نخلي رحمة الله تنزل»... ما هذا؟! ولماذا وقَّعت الدولة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، والذي يؤكد في المادة الخامسة عشرة أن «لكل فرد حق التمتع بجنسية ما، ولا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها». وين رايحين بدولة المولات وكتابنا وكتابكم؟ نسألكم.