وصلت جهود إبرام صفقة بشأن غزة، بهدف احتواء الكارثة الإنسانية في القطاع الفلسطيني والحيلولة دون وقوع تصعيد إقليمي أوسع، إلى منعطف خطير يهدد بانهيارها بشكل كامل، بعد أن تبادلت حركة حماس وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الوسيط الرئيسي بالمفاوضات غير المباشرة بين الحركة وإسرائيل، الاتهامات وإلقاء اللوم أمس.
وبعد اتهام بايدن لـ «حماس» بالتراجع عن موافقتها على المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار، أكدت الحركة، في بيان، أن «تصريحات الرئيس الأميركي ووزير خارجيته أنتوني بلينكن ادعاءات مضللة لا تعكس حقيقة موقفها الحريص على وقف العدوان».
وشددت على أنها ملتزمة بما وافقت عليه مع الوسطاء، مصر وقطر والولايات المتحدة، يوليو الماضي.
واعتبرت أن ما تم عرضه مؤخراً عليها مغاير تماماً لما اتفق عليه، مشددة على أن المقترح الجديد يعتبر انقلاباً عما توصلت إليه الأطراف مطلع الشهر الماضي، «والمرتكز على إعلان بايدن في 31 مايو، وقرار مجلس الأمن رقم 2735». ورأت أنه «رضوخ لشروط رئيس الوزراء الإسرائيلي المتطرف الجديدة، ومخططاته الإجرامية تجاه غزة».
كما اعتبرت أن «الوسطاء في قطر ومصر يعلمون أن الحركة تعاملت بإيجابية ومسؤولية في كل جولات المفاوضات السابقة، وأن نتنياهو كان دائماً من يعرقل الوصول لاتفاق، ويضع شروطاً وطلبات جديدة».
واتهمت الإدارة الأميركية بـ«الانحياز الكامل للدولة العبرية ومنحها ضوءاً أخضر من أجل ارتكاب المزيد من الجرائم وتصفية القضية الفلسطينية».
تشبث وتوبيخ
وبعد ساعات من إعلان بلينكن عقب لقاء مع نتنياهو أن إسرائيل وافقت على الخطة الأميركية المعدلة لـ«سد الثغرات في الخطة الأصلية» التي تتضمن اتفاقاً لتبادل إطلاق سراح المحتجزين وإقرار هدنة قد تفضي إلى وقف حرب غزة المتواصلة منذ 10 أشهر، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي ليؤكد أنه لن يترك محوري «فلادليفيا»، الفاصل بين غزة ومصر، و«نتسريم»، الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه، تحت أي ظرف من الظروف ورغم الضغوط الشديدة التي يتعرض لها.
وقال نتنياهو، إنه ليس متأكداً من أنه سيكون هناك اتفاق، «لكن إذا حدث فسيكون اتفاقاً يحفظ مصالحنا الاستراتيجية التي أكرر التأكيد عليها».
وجاء تشبث رئيس الائتلاف اليميني المتشدد الحاكم بعدم الانسحاب بشكل كامل من القطاع المدمر وإبقاء سيطرته الأمنية على معبر رفح ومحور فيلادلفيا (صلاح الدين)، فضلاً عن وقف نار مؤقت، وهو ما ترفضه «حماس» والجانب المصري على السواء، في وقت نقل تقرير لموقع «أكسيوس»، عن مسؤولين إسرائيليين أن نتنياهو «يُظهر وجهين» مختلفين فيما يتعلق بالمفاوضات.
وقال مسؤولان إسرائيليان كبيران للموقع الأميركي، إن «فريق التفاوض أبلغ نتنياهو قبل لقاء بلينكن، أنه إذا منحهم المزيد من المساحة للمناورة، فقد يكون من الممكن التوصل إلى اتفاق، وهو ما رفضه ووبخهم على ما اعتبره استسلاماً».
بلينكن والسيسي
في غضون ذلك، شدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي في مدينة العلمين، على أن «الوقت حان لإنهاء الحرب الجارية في غزة والاحتكام لصوت العقل»، محذراً من خطورة توسع نطاق الصراع إقليمياً على نحو يصعب تصور تبعاته.
ولفت السيسي عقب اللقاء الذي حضره وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي إلى أن «وقف إطلاق النار في غزة يجب أن يكون بداية لاعتراف دولي أوسع بالدولة الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين».
من جهته، جدد وزير الخارجية المصري تأكيد بلده على أنه لا يمكن التراجع عن موقفها الرافض لتشغيل معبر رفح البري الفاصل بين غزة وسيناء في ظل استمرار احتلاله من إسرائيل.
وأتى ذلك في وقت أكد المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية صامويل وربيرغ أن بلده قدمت المقترح الجديد بشأن غزة لسد الثغرات بين إسرائيل و«حماس»، موضحاً أن «الولايات المتحدة تأخذ بعين الاعتبار مخاوف مصر الأمنية».
وقال وربيرغ، إن واشنطن تسعى إلى نهاية للحرب في غزة بأقرب وقت، مشدداً على أنه لن يكون هناك أي دور لـ«حماس» في مستقبل القطاع «والشعب الفلسطيني هو من يختار من يمثله في أي حكومة».
استعادة وانتقادات
في السياق، أعلن جيش الاحتلال أنه استعاد جثث 6 رهائن إسرائيليين من منطقة خان يونس بجنوب غزة، وذكر موقع «والاه» أن الجثث تعود لمختطفين «أسروا أحياء وماتوا لاحقاً».
وطالب «منتدى عائلات الرهائن» الحكومة الإسرائيلية بضرورة العمل من أجل «إعادة الـ 109 رهائن المتبقين فقط من خلال صفقة تفاوضية بمساعدة الوسطاء وأن تبذل كل ما في وسعها لاتمام الصفقة المطروحة حالياً».
وعقب احتفاء نتنياهو بعمل الجيش الاستخباراتي والميداني لاستعادة رفاة الأسرى الـ6 وتقديمه العزاء لأسرهم، شن زعيم المعارضة يائير لابيد هجوماً على الائتلاف الحاكم وطالبه بالاستقالة وتشكيل لجنة تحقيق بنكسة «7 أكتوبر»، معتبراً أن «الأيام تمر ونفقد المزيد من الرهائن، وعلينا أن نعقد صفقة الآن».
ميدانياً، قتل وأصيب عدد من الفلسطينيين، جراء قصف الجيش الإسرائيلي لعدة مناطق في غزة، فيما نعت «حماس» مرافقي رئيس مكتبها السياسي الراحل، إسماعيل هنية، والعاملين في مكتبه الذين قتلوا إثر غارة على مخيم الشاطئ بشمال القطاع أمس الأول.