عمال النظافة بملابسهم الصفراء الفاقعة اللون، المنتشرون في المناطق السكنية وفي الشوارع بغرض التنظيف هم أبعد ما يكونون عن أبسط مبادئ النظافة، لأنني أعرف أن هذه العمالة الآسيوية التي يغلب عليها الجنسية البنغالية، جلبتها شركات مقاولات التنظيف من بيئات فقيرة جداً، ولم تحظ بتعليم مقبول أو حتى متواضع، إذ لا يمكن لشخص وافد حاصل على شهادة جامعية أن يمتهن مهنة تنظيف الشوارع تحت هذه الشمس الحارقة وبراتب لا يزيد على سبعين ديناراً شهرياً، هذا إن تمكّن من الحصول على راتبه الشهري بانتظام.
ولهذا لا يشعر الواحد منّا أن شوارعنا نظيفة، ولسان حالنا يقول، إنه لو استغنينا عن عمال النظافة لما شعرنا بفرق كبير في مستوى النظافة، خصوصاً بعد أن لاحظ معظم المواطنين والوافدين أن الهم الأكبر لهذه العمالة هو الحصول على المال من أسهل الطرق وأقصرها، مشروعة كانت أم غير مشروعة، حتى لو كان بالتسول.
وقد تزايدت خلال الأعوام القليلة الأخيرة جرائم ارتكبت من عمال النظافة، مثل سرقة المنازل أو الاستيلاء على أغراض أو ممتلكات مركونة خارج المنازل، بل وحتى المساعدة في تهريب وتغييب العمالة المنزلية بمختلف المناطق، ولا يعلم إلا الله إن كان عمال النظافة من خريجي السجون أو من أصحاب السوابق أو مرضى نفسيين.
حتى موظف الأمن أو «السيكيوريتي» الذي يقوم بحراسة وحماية المنشآت الحيوية الحكومية وغير الحكومية، لا أعتقد أنه يفهم في مبادئ الأمن والسلامة والحراسة الحقيقية أو أصول حماية المنشآت، لتحقيق الأمن والأمان في محيطها.
وما عليك إلا أن تنظر إليهم لتتعرف على طريقة وقفتهم وطريقة استقبالهم للمراجعين أو مراقبتهم لكل من يحوم حول المنطقة التي يفترض أن تكون تحت حماية هذا الحارس، أو أسلوب تعاملهم مع المراجعين أو اهتمامهم بتفحّص هويات الزائرين وبطاقاتهم، للتأكد من احترافية هذا الحارس وقدرته على حماية المنشآت من عبث العابثين.
في الدول المتقدمة تجد حراسة المجمعات السكنية، وليس المرافق العامة أو الحساسة، مشددة إلكترونياً ومن البشر المزودين بأسلحة كالمسدسات للدفاع عن النفس ولحماية السكان وممتلكاتهم، ولا يستطيع أحد اقتحام هذه المجمعات دون إذن من سكانها.
أما في الكويت فالوضع الأمني في غالبية المنشآت الحيوية التابعة للحكومة أو للقطاع الخاص ينذر بعواقب وخيمة، بسبب حمايتها من وافدين غير مدربين على أصول الحراسة الاحترافية للمنشآت، وغير مزودين بأسلحة للدفاع عن النفس على الأقل، وأقصى ما استطعنا إنجازه في عصر الذكاء الاصطناعي لحماية منشآتنا هو تركيب كاميرات، وإذا كان غالبية شرطتنا الكويتيين لا تحمل أسلحة بيضاء أو مسدسات، فما بالك برجال أمن غير كويتيين؟
ومثل عمال النظافة ورجال أمن المنشآت في هامشيتهم وافتقادهم للاحترافية والذين يمثلون عبئاً على الطرقات والمراكز الصحية وعلى الاقتصاد الوطني، لدينا عمالة تتمركز أمام مداخل المراكز الصحية، من دون فهم لأبسط مبادئ الصحة العامة، ولا تعكس الوجه الحضاري ولا المتطور لهذه المراكز. وبسبب جلبنا لشتى أنواع العمالة الهامشية، يبدو والله أعلم أن عندنا «شوية فلوس مو عارفين اشلون نصرفها»، فنتجه لجلب عمال نظافة هم أبعد ما يكونون عن أبسط مبادئ النظافة، ونجلب عمال حراسة أو «سيكيوريتي» لحماية منشآتنا الحيوية، بينما وجودهم في تلك المواقع الحيوية فيه خطورة على هذه المواقع أو المرافق أكثر مما لو أبعدوا عنها، فلا عمال النظافة مفيدون للوطن ولا للمواطنين، ولا رجال الأمن أو الـ «سيكيوريتي» مفيدون ولا لعمال شركات المقاولات الزراعية ولا لعمالة المستشفيات أو المراكز الصحية قيمة مضافة لبلادنا. بل إن كل هذه العمالة الهامشية تذكرنا بالمثل المصري «اللي عنده جنيه ومحيّره يجيب حمام ويطيّره» هذه هي حالنا في الكويت... ببساطة شديدة.