تحت عنوان «عمار الشريعي سيرة ملهمة»، أصدرت دار ريشة للنشر والتوزيع بالقاهرة كتابا جديدا للكاتب سعيد الشحات، يتناول سيرة الملحن الكبير الراحل عمار الشريعي.
ويكشف الشحات العديد من الأسرار التي أحاطت بالموسيقار الراحل، وبدايات حبه للموسيقى وكتابته للشعر في بواكير حياته، إضافة إلى نشأته في صعيد مصر، ويوم ولادته كفيفا، وانعكاس ذلك على الأسرة.
عن يوم ولادته وسر تسميته، يذكر الشحات أن عمار الشريعي ولد لأسرة ثرية، في مركز سمالوط بمحافظة المنيا، وكانت فرحة أبيه علي محمد باشا الشريعي كبيرة، وتزامن ذلك مع وجود صديق لوالد عمار، وهو رجل بدوي يعيش في الصحراء الغربية بين مصر وليبيا، واسمه عمار المصري، ليأتي المولود الجديد يوم 16 أبريل 1948، فأسماه عمار، ليكون «عمار علي محمد باشا الشريعي».
ويستند المؤلف إلى العديد من المصادر ليؤكد أن مولد عمار كان هو الإضافة الجديدة لعائلة الشريعي العريقة بمحافظة المنيا وصعيد مصر، وكان حدث مولده الأهم في حياة الأسرة، حسبما قالت «أم عمار»، ابنة مراد بك الشريعي، أحد أقطاب ثورة 1919، والوفدي الثائر القريب من سعد زغلول حينذاك،
ويستطرد المؤلف: «كانت صدمة الأب والأم في اكتشافهما أن عمار ولد كفيفا، يصف عمار هذه اللحظة بعد ذلك في أحد حواراته: كان زلزالا عند أمي، وبطبيعة الحال لم يكن أبويا يتمنى ذلك، لكنه وجد نفسه أمام حقيقة لا فرار منها، فجهز نفسه لرحلة خاصة معي، تختلف عن باقي إخواتي، يزيد منها أنني كنت طفلا شقيا، سريع الحركة، طفل متعب لكل من حوله».
شغف بالموسيقى
وفيما كان الأب يعد طفله عمار، أملا منه في أن يكون طه حسين آخر، كانت «أم عمار»، ودون أن تدري، تضع البذرة الأولى لعبقريته الموسيقية التي ستجعله غواصا نادرا في بحر النغم.
ويستشهد المؤلف بما ذكره عمار للمؤرخ والناقد الموسيقي الدكتور زين نصار في مجلة «الكواكب، 1 يناير، 2013»: «أمي كانت أول من غرس في وجداني حب الاستماع إلى الغناء، كانت تغني لي أغاني متنوعة، وكانت تحفظ كما كبيرا من التراث الفلكلوري»، كما كنت أكتب الشعر في المرحلة الاعدادية والثانوية.
وتخرج عمار في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية عام 1970، لكنه لم يعمل بها، بسبب عشقه للموسيقى وتعلم آلة الأورغ التي عشقها وأصبح أبرع عازفيها في جيله، رغم تعقيد تلك الآلة وصعوبتها عليه بسبب كونه كفيفا، إلا أنه فاق كل التوقعات، ولم يكتف بذلك بل اتجه للتأليف وتلحين الموسيقى.
وأكد المؤلف أن عمار الشريعي عشق الموسيقى وقدم أعمالا تركت بصمة كبيرة لدى الجمهور، ولم يهتم يوما الفتى الكفيف بإعاقته، ولم يحسب انطفاء نور عينيه إعاقة من الأساس، بل عمل واجتهد وثابر حتى أصبح واحدا من أهم أعمدة الموسيقى العربية، وأحد رموزها الذين لم ولن ينساهم التاريخ الموسيقي العربي.
وترك عمار علامات وبصمات في عالم الموسيقى، سواء التصويرية للعديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية أو التترات الشهيرة التي قدمها مع سيد حجاب وعلي الحجار ومحمد الحلو، والأعمال التي تعد من كلاسيكيات الدراما، حيث تخطت أعماله السينمائية 50 فيلماً، وأعماله التلفزيونية 150 مسلسلاً، وما يزيد على 20 عملاً إذاعياً، و10 مسرحيات غنائية استعراضية.