في محاولة لإيجاد صيَغ «حل وسط» بشأن عدة نقاط خلافية تحول دون إبرام اتفاق بين إسرائيل و«حماس» لمنح قطاع غزة بارقة أمل بإمكانية وقف الحرب المتواصلة ضده منذ 10 أشهر، ومنع تدهور الأوضاع الإقليمية نحو المزيد من التصعيد، تشهد العاصمة المصرية اليوم جولة مفاوضات مفصلية لمناقشة مقترحات إضافية لسد الفجوات بين طرفَي الأزمة وآليات التنفيذ.

وأفاد مصدر مصري، أمس، بأن جولة المفاوضات ستنطلق بمشاركة مدير المخابرات المصري عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن، ومبعوث الرئيس الأميركي، بريت ماكغورك، ومدير الاستخبارات المركزية، ويليام بيرنز، عقب «مناقشات موسعة جرت في القاهرة الجمعة والسبت بمشاركة وفد إسرائيلي للإعداد لها».

Ad

وتوقّع أن تتمخض جولة اليوم عن بلورة اتفاق سيعلن عنه إذا نجحت إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن في الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

اتصالات بايدن

وجاء ذلك بعد أن تحدث الرئيس الأميركي هاتفياً مع أمير قطر تميم بن حمد، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ليضغط من أجل التوصل إلى الاتفاق صعب المنال.

وجاءت المحادثتان الهاتفيتان بعد أن وصف البيت الأبيض محادثات القاهرة التي يشارك بها بيرنز وماكغورك بأنها «بنّاءة وتتقدم»، وحث جميع الأطراف على التعاون للعمل نحو تنفيذ الاتفاق المقترح.

وبعد أن نفى البيت الأبيض أن المفاوضات على وشك الانهيار، كشف 3 مسؤولين إسرائيليين أن الرئيس الأميركي طلب من نتنياهو، خلال مكالمتهما الهاتفية يوم الأربعاء الماضي، الموافقة على سحب القوات الإسرائيلية من جزء من الحدود بين مصر وغزة خلال المرحلة الأولى من الصفقة، حتى تتمكن المفاوضات من المُضي قدماً.

وأفاد المسؤولون الإسرائيليون لـ «أكسيوس» بأن نتنياهو قبل جزئياً طلب بايدن ووافق على التخلي عن موقع إسرائيلي واحد، من شريط يبلغ طوله من كيلومتر إلى كيلومترين «بطريقة لا تضر بالسيطرة العملياتية».

وكشف مسؤول أنه بعد دعم واشنطن لموقف إسرائيل، كان على مصر أن توافق على تسليم الخرائط المقترحة مع الانتشار المحدث للقوات الإسرائيلية إلى «حماس».

وقال المسؤولون، إنهم لا يعتقدون أن الحركة ستوافق على الخرائط الجديدة مع انتشار مخفض قليلاً للجيش الإسرائيلي على المحور.

خلاف واستماع

وجاء ذلك في وقت نقلت «رويترز» عن مصدر مطّلع أن نتنياهو دخل في خلاف مع مفاوضي وقف إطلاق النار الإسرائيليين، بسبب إصراره على ألا ينسحب الجيش من «فيلادلفيا» النقطة الشائكة الرئيسية في المحادثات.

كما يصر نتنياهو على أن إسرائيل التي تخشى إمكانية تهريب الأسلحة عبر سيناء إلى غزة، لا بد أن تبقي على نقاط تفتيش في محور نتساريم، لمنع مقاتلي «حماس» من الانتقال من الجزء الجنوبي من القطاع إلى شماله.

ووسط تعرّض نتنياهو لضغوط شديدة من وزراء اليمين المتطرف الذين يهددون بنسف حكومته إذا وقّع على اتفاق يسمح بإنهاء الحرب، حذرت صحيفة هآرتس العبرية، في افتتاحيتها من أنه يجب عدم السماح لرئيس الوزراء بالاستمرار في إجراء «مفاوضات زائفة»، تتخلى عن الأسرى.

على الجهة المقابلة، وصل إلى العاصمة المصرية، وفد «حماس» برئاسة خليل الحية، «للاستماع إلى نتائج المفاوضات في القاهرة».

وأعلنت الحركة التزامها بما وافقت عليه في 2 يوليو الماضي، والمبني على «إعلان بايدن» وقرار مجلس الأمن، مؤكدة جاهزيتها لتنفيذ ما اتفق عليه.

وطالبت الحركة بالضغط على إسرائيل وإلزامها بتنفيذ ذلك، ووقف تعطيل التوصل إلى اتفاق.

مواجهة إيران

وفي موازاة الجهد الدبلوماسي الإقليمي والأميركي، بدأ رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي، سي. كيو براون، زيارة لم تكن معلنة للمنطقة، لمناقشة سبل تجنب أي تصعيد جديد للتوتر لئلا تتسع رقعة الصراع، إذ إن المنطقة في حالة تأهب لهجوم تهدد إيران بشنّه ضد إسرائيل. وأوضحت هيئة البث العبرية أن براون الذي استهل جولته من الأردن سينسق خلال وجوده في إسرائيل سبل مواجهة الضربة الإيرانية المحتملة والتصعيد على الجبهة اللبنانية، كما سيزور القاهرة.

وكتب براون على «إكس» أن زيارته تهدف إلى «منع حرب إقليمية واسعة».

وفي القطاع المحاصر والمدمر الذي يعاني كارثة إنسانية تهدد سكانه وعددهم 2.4 مليون نسمة، طالب المتحدث باسم جيش الاحتلال الموجودين في عدة مناطق شرق دير البلح ووسط غزة بمغادرة مساكنهم فوراً، والانتقال إلى المنطقة الإنسانية لشنّ عملية عسكرية فورية.

وزعم الجيش أنه قضى على عشرات الإرهابيين خلال اليوم الماضي في مواجهات بتلّ السلطان برفح، فيما أكد الدفاع المدني انتشال جثامين 49 ضحية بينهم أطفال ونساء جراء غارات إسرائيلية على مناطق متفرقة.

وأشار الدفاع المدني إلى أن سلطات الاحتلال قلصت مساحة المنطقة الإنسانية إلى 35 كلم مربع فقط من مساحة القطاع، في ظل تقدير الأمم المتحدة بأن نحو 84 بالمئة من غزة ضمن مناطق الإخلاء القسرية، ووفق التقديرات، فقد نزح 90 بالمئة من سكان غزة خلال مسار الحرب. وفي الضفة الغربية تعرّضت قوة من الجيش لهجوم بعبوة ناسفة، وخاضت اشتباكات مع مسلحين فلسطينيين عند دخولها قلقيلية لـ «إنقاذ إسرائيليين دون العثور عليهما». وأفادت وسائل إعلام عبرية عن اختفاء إسرائيليين دخلا لإصلاح سيارتهما في المنطقة الفلسطينية.

استعجال قضائي

إلى ذلك، طلب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، كريم خان، من قضاة المحكمة عدم تأجيل إصدار مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانت، وزعيم «حماس» يحيى السنوار، بسبب جرائم مشتبه بها، مثل «التسبب في الإبادة وفي المجاعة كوسيلة من وسائل الحرب، واستهداف المدنيين عمدا».

وأوضح في رسالة للقضاة أن التأخير غير المبرر لهذا الإجراء سيؤثر على حقوق الضحايا في الأراضي الفلسطينية، كما طلب خان من القضاة رفض الالتماسات القانونية المقدمة بشأن مذكرات الاعتقال.