الدعومات الحكومية لغير المستحقين تستنزف الميزانية وتهدد الاستقرار
وزراء سابقون وخبراء لـ «الجريدة•»: ضرورة وضع استراتيجية للإصلاح الاقتصادي لتحقيق العدالة
«الجريدة» فتحت ملف الدعومات الحكومية، واستطلعت آراء عدد من المختصين بالشأن الاقتصادي والسياسي بالكويت، حيث أكدوا أن الدعم منظومة متكاملة يجب النظر إليها بشمولية، لخطورة الملف الذي يمس جيب المواطن ويهدد الاستقرار الاجتماعي، مطالبين بوضع استراتيجية واضحة للإصلاح الاقتصادي وتنمية موارد الدولة، مع حتمية توجيه المساعدات إلى المستحقين فقط، وإسقاط الدعم عن الشرائح المرتفعة الدخول، لأن حصولهم على المساعدات يتنافى مع فلسفة قضية الدعم، والتي تستهدف بالأساس الشرائح المحتاجة ضماناً للأمن الاجتماعي والاستقرار.
في البداية، أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية السابقة د. هند الصبيح أن موضوع الدعم ضروري، وتعاقبت عليه الحكومات المختلفة، موضحة أن فلسفة الدعم تستهدف توجيه الدعم لمن يستحق وكيفما يحتاج، كأن يكون الدعم معنويا وليس ماديا فقط، نظرا لأثره الأكبر وأهميته، فضلا عن أهمية دعم الاقتصاد من خلال المشاريع الصغيرة للشباب، وما حدث في منطقة الصديق يحكي عنه كل الشباب، من تسهيل للعمالة وتيسير الإجراءات، ما ساعدهم في تنمية مشاريعهم وفتح فروع جديدة، حيث كان لذلك أثر كبير في التخلص من هاجس الحصول على عمالة.
الدعم المعنوي للمشاريعهند الصبيح: صاحب الدخل المرتفع عليه تقديم الدعم لوطنه الذي سانده للوصول إلى هذه المكانة المرموقة من باب رد الجميل
وأضافت الصبيح أن هذا الدعم المعنوي المتعلق بتذليل العقبات أمام المشاريع الشبابية، كان له أيضا إيراد مادي، يغطي تكلفة عمل الهيئة، والتي تعد من أفضل الهيئات التي تغطي إيراداتها مصروفاتها، وهذا يقود إلى موضوع الموازنة، حيث إن أغلب الهيئات المستقلة أو الملحقة تتطلب حصة بالموازنة، ولكن الأصح أن تغطي مصروفاتها من الإيرادات.
وأفادت بأنه تم إقرار المساعدات للمحتاجين من الرجال والنساء كغير العاملات والمطلقات، حتى يعيش الكويتي حياة كريمة يكفلها له وطنه، ولكن الإحصائيات والدراسات تشير إلى أن القرارات والقانون غير مطبق، فالكثير من الأشخاص يخالفون القانون، ويحصلون على المساعدات من أكثر من جهة، لعدم وجود ربط آلي، وهو ما يؤثر بالسلب على الفرد والأسرة والدولة بشكل عام.
وأشارت إلى أن إحدى الدراسات التابعة للبنك الدولي حذرت من تبعات تلك الممارسات، وأكدت أهمية الضمان الاجتماعي، حيث يجب على الأشخاص المحتاجين الاعتماد على أنفسهم في حال انقطع الدعم، ومن هنا قامت شبكات الأمان الاجتماعي بتدريبهم كنوع من الدعم لإقامة مشروعهم الخاص، وإن كان متناهي الصغر.
واستطردت: «أقمنا دراسة بالتعاون مع عدة جهات، مثل معهد الأبحاث والإدارة العامة للإحصاء، لبحث دخل الأسرة، بحيث يتم التأكد من حصول المواطن على راتب متوسط وليس منخفضا، ليكون ذلك هو الحد الأدنى الذي يجب ألا يتجاوزه المواطن حتى يستحق الدعم، والمقصود هنا جميع أنواع الدعوم وليس المساعدات فقط، كدعم البنزين والكهرباء وغيرهما».
تدخلات سياسيةلماذا يُمنح دعم عمالة بين 700 و1000 دينار لمواطن يتقاضى 10 أو 15 ألف دينار في «الخاص»؟
وقالت الصبيح: «إن سبب تأخير ملف الدعوم هو عدم الاعتماد على دراسات فنية بنسبة 100%، بل كانت تعاني من التدخلات السياسية بنسبة تصل إلى 60%، وبعدها يتم النظر في الجوانب الفنية، وكان ذلك بسبب الضغوطات السياسية أو وضع سياسي متوتر، أو حماية وزير، أو غيرها من الأسباب، أما الآن فلدينا متسع من الوقت لمراجعة كل هذه الدراسات، بعدما أصبح لدى الوزير فرصة في التركيز أكبر على هذا الملف، بعيدا عن جلسات مجلس الأمة واجتماعات اللجان التي كانت تستغرق الكثير من وقته ومجهوده».
وشددت على ضرورة ربط الجهات المعنية بهذا الشأن آليا، لأنها منظومة متكاملة لا يمكن أن تقوم بها وزارة واحدة، ولكن يجب أن تتكاتف من أجلها جميع مؤسسات الدولة، وهو ما سيكشف الحاصلين على دعوم بدون وجه حق، ثم يأتي في المرحلة التالية النظر في بعض القرارات التي أدت إلى تضخم الدعوم، وضربت مثالا على المساعدات غير المقننة، ومنها قرار حصول كل سيدة بلغت 55 عاما على مساعدة مالية إذا لم تكن موظفة حكومية وغير مالكة لعقار، قائلة: «بعض هؤلاء السيدات هن أزواج لرجل ثري أو ملياردير، أو ابنة لأب على قيد الحياة، وهو أيضا شديد الثراء، أو قد تكون مقيمة في قصر باهظ الثمن، فكيف يتم رصدها على أنها مستحقة للدعم».
ولفتت إلى أن ملف الكهرباء أيضا يعاني من خلل كبير بمسألة الدعم، فهناك سلوك لدى بعض المواطنين أصحاب البيوت الكبيرة والتي تستهلك معدلات مرتفعة من الكهرباء، وخاصة في ظل موسم الصيف وارتفاع درجة الحرارة، وهؤلاء الأشخاص يسافرون إلى الخارج ويتركون المكيفات تعمل، وهو سلوك يجب مكافحته، بحيث يتم دعم الاستهلاك الكهربائي عند حد معين، وإذا تجاوز هذا الحد يتم تخفيض الدعم بنسبة متوسطة، في حين إذا وصل الاستهلاك إلى حدود باهظة يتم رفع الدعم، وبهذا يتم تقنين الاستهلاك إلى حد معقول، وفي نفس الوقت ترشيد الدعم وتوجيهه إلى مستحقيه.
دعم العمالة
وحول دعم العمالة، ذكرت الصبيح أنه في البداية كان له سقف محدد، أما الآن فقد تم فتح الدعم بدون سقف، ورغم وجود حوالي 7 دراسات حول هذا البند، وجميعها أيدت وجود سقف محدد، لكنها لم تطبق، فليس من المعقول المساواة بين من يحصل على راتب 600 دينار و20 ألف دينار، بل يجب أن يقدم من يحصل على دخل مرتفع دعما لوطنه الذي سانده حتى وصل إلى هذه المكانة المرموقة، من باب رد الجميل وحب الوطن الذي لم يقصر في حق مواطنيه وأبنائه في جميع مراحل حياتهم.
وشددت على وضع خطة مدروسة يجري العمل بها فورا على عدة مستويات، لدعم الشباب في المقام الأول، لأنهم 70% من الشعب الكويتي، ولا يعني ذلك منحهم مبالغ مالية، ولكن تسهيل الإجراءات والتنفيذ والتسويق من خلال إمدادهم باللوجستيات، وتدريبهم وتشجيعهم وتقديم خدمات استشارية لهم، لاستغلال طاقاتهم في نجاح مشاريعهم.
أحمد باقر:300 مليون دولار سيتم توفيرها في حال نجاح ضبط منظومة الدعوم
جيب المواطن
من جانبه، أكد النائب وزير العدل والتجارة السابق أحمد باقر أن موضوع الدعوم يحتاج إلى دراسة علمية على أسس شرعية واقتصادية، نظرا لتبعاته الخطيرة، التي تتعلق بالأسرة الكويتية وجيب المواطن، ولذلك فإن تناول هذه القضية يتطلب الحذر والتحرك وفقا لدراسة علمية تتناول تأثيره على الأسرة، ولا تغفل الكليات من الأمور، على سبيل المثال قانون دعم الكويتي بالقطاع الخاص الذي يتضمن علاوة اجتماعية وعلاوة الغلاء وعلاوة الأولاد، ومع زيادة الكويتيين في القطاع الخاص، حيث إن أكثر من 90% منهم يتجهون إلى العمل بالحكومة لأن مغرياتها أكثر، فاتجهت الحكومة إلى ضبط الدوام الحكومي ووضع ضوابط تقيد عملية الحضور والانصراف والالتزام بمواعيد الدوام، وهنا أصبح الدوام الحكومي يتشابه مع القطاع الخاص في هذه القضية.
وتساءل باقر: «لماذا أمنح دعم العمالة، الذي يتراوح بين 700 و1000 دينار للمواطن الذي يتقاضى 10 أو 15 ألف دينار في القطاع الخاص؟ حيث إنه مرغوب والدليل أنه يتقاضى هذا الراتب، ولذلك يجب على الحكومة وضع حد، ومن يتجاوزه لا يستحق الدعم، وهو ما سويناه بقانون 19 لسنة 2000، وتم التصويت عليه بمجلس الأمة عندما كنت عضوا بالمجلس».
وأردف: «بعدها بشهرين دخلت الحكومة، فساعدت في وضع اللائحة التنفيذية للقانون، وتم وضع حد 1000 دينار لمدة سنة تقريبا، وبعدها تمت إزالة السقف مجددا، ربما كان السقف الذي وضعناه منخفضا، ولكن بدلا من إزالته كان يمكن أن يتم رفعه وصولا إلى 7 آلاف أو أكثر، بحيث يكون المواطن غير محتاج لدعم العمالة، بما لا يؤثر على الأسر الصغيرة أو متوسطة الحال».
مواطنون يحصلون على المساعدات من أكثر من جهة بالمخالفة لعدم وجود ربط آلي
الخدمة الصحية
واستنكر باقر أن الخدمة الصحية التي يقدمها الدعم يتم توفيرها على مستويي القطاع الخاص والحكومي، وهي مكلفة جدا، ومن المفترض أن يختار المتقاعد هل يحتاج الخدمة الحكومية أم «عافية»، وخاصة في ظل إنفاق الحكومة على مستشفياتها التي تتميز بأعلى مستوى من الخدمة الصحية، مثل مستشفى الولادة وغيره، ليس من المنطقي أن يترك المواطن مستشفيات حكومية على أعلى مستوى ليذهب إلى تلقي الخدمة الصحية بالقطاع الخاص، وفي حال اختيار خدمة «عافية» فيجب أن تشمل كل الخدمات.
وأضاف أنه يعتمد على الخدمة الحكومية في الحصول على أدوية الضغط، مشيرا إلى أن مستشفيات الضمان تخفف العبء عن القطاع الحكومي، وفي حال توجه الوافدين إلى مستشفيات الضمان فمن سيستفيد بالخدمة الحكومية، وبعض الحالات يتم تحويلها من مستشفيات القطاع الخاص إلى الحكومة، وهنا يجب أن يتم تحصيل المستشفى الحكومي مقابل الخدمة.
واستطرد: «يمكن أيضا تصنيف وزيادة أملاك الدولة وفقا للنشاط الاقتصادي، فبعض النشاطات التي تحتاج لها الدولة يمكن عدم زيادتها، أما الأنشطة التي لا تحتاج لها الدولة ولا توظف كويتيين فيمكن زيادتها تدريجيا، لأنه في النهاية سينعكس على المواطن، وفقا للمادة 19 لسنة 2000 من قانون دعم العمالة، والتي تنص على أن جميع الخدمات التي تقدمها الدولة للقطاع الخاص تكون مقرونة بتعيين الكويتيين كالمصانع، والمصنع الذي لا يوظف كويتيا يمكن إقرار زيادة عليه، وهي مادة غير مطبقة رغم نص القانون عليها».
احتكار الأراضي
وحول احتكار الأراضي، تساءل باقر: «إلى متى يظل هذا الاحتكار، فجميع الاقتصاديين طالبوا بتوفير الأراضي للنشاط الاقتصادي التجاري والصناعي والخدمي والأسواق، وهناك شباب كويتيون لا يجدون أراضي لمشاريعهم فاتجهوا إلى التأجير بمئات الآلاف من الدنانير سنويا، فالحل هو توسعة القطاع الخاص، وتوفير الخدمات والبنية التحتية والمصانع والشركات له، بدون تضليل، كأن يقوم البعض بالحصول على قسيمة وتأجيرها».
وبين أنه في حال توفير الأراضي فسيتم بالتبعية تخفيض ايجار وقيمة الأراضي الحكومية المحتكرة الآن، متابعا: «عندما كنت في مجلس التخطيط طالبت بوجود جزء من أراضي الحكومة في كل منطقة سكنية، يتم تخصيصها لعمل مدرسة خاصة ومنطقة خدمية خاصة، وسوق مركزي ينافس الجمعية التعاونية، بشرط أن هذه المشروعات تخصص للكويتيين، وبالتالي يحصل على إيراد ويوظفهم»، مشدداً على أن المشكلة الأساسية هي الإصلاح الاقتصادي الذي سيوفر مليارات الدنانير مقابل 300 مليون دولار سيتم توفيرها في حال نجاح ضبط منظومة الدعوم.
منظومة الدعوم في الكويت غير مستدامة لأنها تأكل كثيراً من الإيرادات
وشدد على أهمية دراسة تخفيض الدعم، ومنها مشروع دعم البنزين، حيث تتم حاليا دراسة منح كل مواطن لديه رخصة قيادة دعم لبنزين سيارة واحدة بعد حساب متوسط الاستهلاك الشهري مثلا، ولذلك في حال رفع أسعار البنزين فإن ذلك ستتحمله الشركات والقطاع الخاص، ولكن في المقابل ورغم أهمية هذا الإجراء فإنه بالتأكيد سيؤدي إلى زيادة الأسعار نتيجة ارتفاع تكلفة النقل، وهنا يأتي دور الحكومة في ضبط الأسعار لمنع التلاعب والتضخم.
قانون الضريبة
وأشار باقر إلى قانون الضريبة الموحد بالخليج ونسبته 15% على المشتريات، وفي الكويت 5% حتى لا يرهق جيب المواطن، مضيفا أنه من الأفضل العمل بالقانون الذي ناقشه مجلس 2006، وهو قانون الزكاة التي تحصل 1% من إجمالي صافي الأرباح، والتي يمكن زيادتها إلى 2.5% مثلا.
وأضاف أنه في هذه الحالة تم التوجه إلى مجمعات الأموال وليس إلى الإنسان، بحيث إن من لديه مئات الآلاف من الأسهم هو من سيدفع النسبة الأكبر، وفقا للقاعدة الإسلامية التي تتوجه إلى الكبير قبل الصغير، وسيتم من خلالها جمع أموال أكبر من التي سيتم جمعها بالضريبة الموحدة التي ترهق جيب المواطن محدود الدخل وتؤثر على الأسرة وتهدد الاستقرار في الكويت.
الحماية الاجتماعية
بدوره، أفاد الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية د. خالد مهدي بأن أهم أهداف الدعوم تحقيق الحماية الاجتماعية للفئات المستضعفة وقليلة الدخل وبدون الدعم لا تستطيع أن تعيش حياة كريمة، سواء من الأصحاء أو المعاقين وهي شبكة أمان اجتماعي لهم، والهدف الثاني هو تشجيع القطاعات الاقتصادية التي تنمي الناتج الوطني وتخلق فرص عمل، وهناك دعوم اجتماعية وأخرى اقتصادية.
وأوضح مهدي أن أحد المشاريع مع «الإسكوا» كان عبارة عن إنشاء مرصد للإنفاق الاجتماعي، لرصد دعوم الدولة، وأين تستهدف، ونتج عن الدراسة أن منظومة الدعوم في الكويت غير مستدامة، لأنها تأكل كثيرا من إيرادات الموازنة العامة، وغير مستهدفة للشرائح والغايات المرجوة، كما أن القطاع الاقتصادي لم يخلق فرص العمل الوطنية المرجوة من دعمه، ومن هنا كان غير مستحق للدعم لعدم تحقيق أهدافه التي وضع من أجلها.
وأضاف أن ملف دعم الطاقة هو أكبر بند في ميزانية الدعوم، والذي يتنوع بين إنتاج الطاقة الكهربائية، والطاقة اللازمة لإنتاج المياه وتحلية مياه البحر، فالكويت دولة تعاني عدم توافر مصادر طبيعية للمياه العذبة، مما يضعها أمام قضية أمن مائي خطيرة، موضحا أن هذه الدعوم تتجه إلى المصانع والقطاع النفطي ومساكن المواطنين، وطالب بإعادة هيكلة الدعم وفقا للقطاعات المستفيدة ووفقا لسياسات الخطة الإنمائية، وإعادة إحياء اللجنة الوطنية للطاقة في الكويت، لأن فلسفة الدعوم حاليا غير مجدية لأنها تصل إلى غير مستحقيها مما تسبب في خلل هيكلي بالمالية العامة.
خالد مهدي: فلسفة الدعوم حالياً غير مجدية لأنها تصل إلى غير مستحقيها مما تسبب في خلل هيكلي بالمالية العامة
قاعدة بيانات متكاملة
وأشار مهدي إلى أهمية أن يقوم القطاع النفطي في الكويت بتوفير متطلباته من الطاقة منفردا بتعديل مجموعة من القوانين الخاصة بإنتاج الطاقة الكهربائية، مؤكدا أن ملف الدعم حساس، لأنه يتم التعامل معه من منطلق الاستحقاق، وعلى سبيل المثال يحصل الطالب الكويتي الجامعي على 200 دينار شهريا، ولكن في السابق كان يتم دراسة هل هذا الطالب يستحق أم لا.
وأضاف أن أحد أهم شروط بناء منظومة الدعوم المستهدفة والمستدامة هو أن تتوفر قاعدة بيانات متكاملة للمواطنين والقطاعات الاقتصادية، وأن تكون البيانات دورية وليست منقطعة، وعلى مستوى المباني والمنشآت والأشخاص، مؤكدا أهمية تفعيل منظومة العدادات الذكية لحساب قيمة استهلاك كل بيت كويتي من الكهرباء والماء شهريا.
وبين أنه في حال مقارنة الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي ودول منظمة التعاون الاقتصادي تتم ملاحظة أن معدل استهلاك الفرد للطاقة الكهربائية يصل إلى الضعف، وهو معدل استهلاكي مرتفع جدا على مستوى الفرد، مؤكدا أهمية مراجعة مرسوم التحاسب بين القطاع النفطي ووزارة المالية كأحد الحلول المقدمة عام 2016، والذي سيعالج المواضيع المالية والطاقة كرؤية لأمن الطاقة في الكويت، وهو ما يعزز الأمن المائي والغذائي.
الدويسان: إلغاء الدعم بالكامل لن يحل مشكلة العجز
شدد مستشار الجودة والتميز المؤسسي أستاذ الهندسة الصناعية السابق في جامعة الكويت د. طارق الدويسان على أن الدعوم تستخدم لتنمية الاقتصاد والتوظيف، ولذلك فإن هناك أفكارا مطبقة في دول الخليج تتعلق بالمحتوى المحلي، مثل تشجيع وتنويع النشاط الاقتصادي وتوظيف المواطنين، وهو ما يستحق الدعم، ويطلق عليه مؤشر القيمة المضافة، وهو ما يوجه الشركات إلى ممارسات معينة تدعم الاقتصاد، كالشراء من السوق المحلي وتوظيف الشباب، وفي المقابل تحصل الشركات على تسهيلات بالمناقصات والمشتريات الحكومية.وأكد الدويسان أن الكويت لديها أكثر من 5 إلى 6 مليارات دينار عجز في ميزانية الدولة 2024، والدعوم تمثل 20% من المصروفات، أي حوالي 5 مليارات دولار، مشددا على أن «إلغاء الدعم بالكامل لن يحل مشكلة العجز، لأن المشكلة الأساسية في مكان آخر، فالكويت بحاجة إلى تكبير حجم الكيكة، وليس تقليلها، وهو ما يتطلب تنمية الاقتصاد وتنويع مداخيله، وهذا التحدي الحقيقي الذي نواجهه منذ الستينيات، حيث نعتمد على النفط كمصدر واحد للدخل والميزانية، لأن المصروفات في زيادة مستمرة، وسعر برميل النفط لا يرتفع بنفس النسبة، وهنا تأتي الإشكالية، في ظل الاستمرار في زيادة المصروفات».
وأوضح أن سوق العمل الكويتي يستقبل 20 إلى 30 ألف كويتي سنويا، فتقوم الحكومة بتوظيف أكثرهم، في ظل سياسة 0% بطالة، ولكن الحل ليس توظيفهم بالحكومة، بل خلق فرص عمل مجدية لهم في السوق، لأن حل مشكلة البطالة الآنية يخلق مشكلة أكبر في المستقبل، ولذلك يجب تنمية الاقتصاد وتنويعه بعيدا عن النفط.
4.5 مليارات قيمة الدعوم بنسبة 23.8% من الموازنة
رصدت الموازنة العامة للكويت للعام المالي 2024 - 2025 أبرز ملامح مصروفات السنة المالية الجديدة، والتي تضمنت إيرادات متوقعة قيمتها 18.9 مليار دينار، ومصروفات قيمتها 24.5 مليارا، بنسبة عجز متوقع بين الإيرادات والمصروفات بلغت قيمتها 5.6 مليارات، وهي تكافئ تقريبا قيمة الدعوم والمساعدات المختلفة التي تخصصها الدولة سنويا، وتبلغ قيمتها 4.5 مليارات دينار، أي تقريبا 23.8% من أرقام الميزانية، والتي تتضمن دعوم الطاقة كالكهرباء والماء والوقود، ودعوم تكاليف المعيشة للمواد الغذائية والإيجار والإسكان والقروض العقارية والزراعة والصناعة والثروة السمكية والتعليم والدراسة بالخارج وإعانات الطلبة والعلاج بالخارج والرعاية الاجتماعية، ودعم الأندية الرياضية والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.كما يلتهم بند المرتبات، وما في حكمها، النسبة الأكبر من ميزانية الدولة، حيث تخصص له ما قيمته 14.823 مليار دينار، أي نسبة تصل إلى 78% من إجمالي إيرادات الدولة، والتي تتضمن نسبة أخرى من الدعوم تتعلق بدعم غلاء المعيشة، وعلاوة الزوجية وعلاوة الأبناء، لتستغرق المعاشات والدعوم نسبة 80% تقريبا من الموازنة العامة للدولة.
وتتوزع نسب الدعوم من مجموع أرقامها في موازنة العام الماضي كالتالي:
دعم الوقود والطاقة 59.4%
دعم التعليم 16.3%
دعم اجتماعي 9.9%
دعم إسكاني 5.9%
دعم صحي 4.2
دعم اقتصادي 2%
دعم رياضي 1%
دعم زراعي 0.75%