رياح وأوتاد: صدقت يا البغلي... لماذا أُلغيت السيطرة؟
كتب الاقتصادي محمد البغلي، يوم الأحد الماضي، مقالاً مهماً في جريدة الجريدة، بمناسبة صدور حكم من محكمة فدرالية أميركية يعتبر أن شركة غوغل (عملاق البحث على الإنترنت) شركة محتكرة، وقارن هذا الحكم وغيره من الأحكام والإجراءات في أميركا بإلغاء نسبة السيطرة من القانون الكويتي، مما يخالف التوجه العالمي لحماية المنافسة.
وقد ذكّرني هذا المقال بالجهد الذي بذلناه في لجنة الشؤون المالية بمجلس الأمة عام 2007 أثناء صياغة قانون حماية المنافسة المقترح من أحد الأعضاء، حيث اطلعنا على القانون السعودي والقانون الاسترشادي من الأمم المتحدة، ووجدنا أن السيطرة مذكورة في القانونين، ومعناها ألا يسيطر مقدم الخدمة أو السلعة وحده، أو بالاتفاق مع غيره، على نسبة معيّنة تقدر بحوالي 30 بالمئة من حجم السوق، وعلى من يتجاوزها أن يثبت أنه تجاوزها من دون ارتكاب أي ممارسة من الممارسات المخلة بالمنافسة، مثل الإغراق أو الإخفاء أو الاتفاق مع الآخرين.
فاتفقت اللجنة على أن تكون النسبة في الكويت 35 في المئة، وصدرت بالقانون 10 لسنة 2007.
وفي مقاله المذكور، أورد البغلي نص مادة السيطرة من هذا القانون وهي: «وضع يتمكن من خلاله شخص أو مجموعة أشخاص تعمل معاً بشكل مباشر أو غير مباشر من التحكم في سوق المنتجات بالاستحواذ على نسبة 35 في المئة من حجم السوق المعنية»، ثم أورد النص بعد إلغائها بالقانون 72 لسنة 2020 وهو «العلاقة القانونية أو التعاقدية التي تؤدي بشكل منفصل أو مجتمع إلى التأثير الحاسم».
وقال البغلي إن هذا التعديل (الذي ألغى نسبة السيطرة) يبتعد عن فحص الممارسات الاحتكارية التي تضر بالمستهلكين، ويمنع دخول المنافسين، وهو محق تماماً، لأن الواجب هو التدقيق على أساليب السيطرة لمتابعة واكتشاف أي التفاف على حرية المنافسة الذي يؤدي إلى الإضرار بالمستهلك، كما يؤدي الحرص على عدم تجاوز هذه النسبة إلى تحقيق المنافسة وتحسين جودة الخدمة أو السلعة وتخفيض الأسعار للمستهلك ومحاربة الغلاء، وهو الهدف الذي تسعى إليه الدول المتقدمة، ومن المؤسف أن يقوم المجلس والحكومة بإلغاء نسبة السيطرة من القانون عام 2020 في الوقت الذي يعاني البلد التضخم والغلاء وسوء الخدمات والممارسات المخلة بالمنافسة، ولا شك في أن موضوع تخفيف الغلاء عن المواطن من واجبات الحكومة، والفرصة مواتية أمامها الآن لإعادة هذه النسبة والمواد المنظمة لها.