لا يترك الإسرائيليون فرصة إلا ويسعون من خلالها إلى تصعيد حدّة ووتيرة العمليات العسكرية ضد حزب الله في لبنان.
كان أمس الأول الجمعة من الأيام الأعنف منذ 8 أكتوبر، لجهة عدد الغارات وحجم الاستهدافات وعمليات الاغتيال، فقد سقط لحزب الله 11 قتيلاً بينهم 3 مسؤولين ميدانيين في المواجهات، وهي أعلى حصيلة في يوم واحد. وليس بالضرورة أن تصبح هذه الوتيرة من العمليات ثابتة، لكن الأكيد أن الإسرائيليين تعمدوا في الأيام القليلة الماضية إيصال رسائل بالنار والدم للحزب حول ما يمتلكونه من قدرات.
أولى هذه الرسائل كانت باستخدام قنابل خارقة ومدمرة للتحصينات في كفركلا، فردّ عليها حزب الله بفيديو «عماد 3» حول ما يمتلكه من أنفاق صخرية، وسط معلومات داخل الحزب تؤكد أن أسلحته الاستراتيجية لا تزال محمية، ولن يكون هناك قدرة لدى الإسرائيليين على الوصول إليها.
ثانية الرسائل كانت بتعميق حجم الاستهداف نحو عدلون والبقاع باستهداف مخازن صواريخ للحزب، وهي رسالة يوصل الإسرائيليون من خلالها إشارة واضحة للحزب حول بنك الأهداف الذي يمتلكونه والمعلومات الدقيقة لديهم حول مراكز الحزب ومخازنه.
وهذه الرسالة النارية ترافقت مع رسائل نقلت إلى الداخل اللبناني بأن إسرائيل في حال تصعيد المواجهة بينها وبين الحزب ستكون قادرة على تدمير جزء كبير من ترسانته في حملة جوية سريعة وعنيفة.
أما ثالثة الرسائل، فكانت دموية وهي التي وجهتها إسرائيل يوم الجمعة بمقتل 11 من عناصر الحزب، وهي أيضاً إشارة إلى القدرة الإسرائيلية على إلحاق خسائر بشرية.
في المقابل لا يزال حزب الله يلتزم الصمت ولا يتجاوب مع كل المحاولات التي تدعوه إلى تجنّب الردّ على استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال المسؤول العسكري الكبير فؤاد شكر.
إلا أن مصادر متابعة قريبة من الحزب تؤكد أنه يمتلك قدرات كبيرة جداً، ولا يريد الكشف عنها حالياً بانتظار التوقيت الذي يراه مناسباً، وفي إطار «التدرج العسكري في المواجهة».
فرصة جديدة تنتظرها المنطقة لتجنّب تصعيد المواجهة، وهي فرصة مفاوضات القاهرة، وبالنسبة إلى المصادر هناك مجموعة عوامل حقيقية تشير إلى أن فرصة وقف إطلاق النار جديّة، لا سيما أن واشنطن تمارس ضغوطاً كبيرة على إسرائيل لوقف الحرب، وهذه مصلحة للرئيس الأميركي جو بايدن، وللمرشحة الرئاسية الديموقراطية كامالا هاريس.
لا تريد أميركا استمرار الحرب خشية اتساعها وتحولها إلى حرب إقليمية ستكون لها آثار سلبية على الاستراتيجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط.
لا أحد قادر على الجزم بوصول مفاوضات القاهرة إلى اتفاق، لكن الأكيد أن وضع المنطقة ككل أصبح يرتبط بمصير هذه المفاوضات، خصوصاً ما يتعلق بردّ إيران وحزب الله على اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر، إذ في حال فشلت المفاوضات كلياً، لا بد من توقّع ردّ عنيف من قبل حزب الله، وهو ما سيُدخل المنطقة في مرحلة عسكرية جديدة قابلة للتوسع أو التفجّر في أي لحظة.