الرواية الإيرانية الأولى من نوعها، والتي تتناول الحرب في سورية، جاءت في كتاب بعنوان «صبح الشام»، ووردت على لسان وزير الخارجية قبل وفاته بحادث «الطائرة اللغز» في مايو 2024 مع الرئيس إبراهيم رئيسي.

المذكرات صدرت باللغة العربية عام 2023 عن دار نشر لبنانية «دار المحجة البيضاء»، فيها معلومات ومواقف وأسرار لم يسبق قراءتها.

Ad

كاتب المذكرات هو حسين أمير عبداللهيان من أصول فارسية، شغل منصب سفير بلاده في البحرين، ثم عمل مديراً عاماً لشؤون الخليج والشرق الأوسط في وزارة الخارجية، ثم معاوناً لوزير الخارجية للشؤون العربية والإفريقية، وأخيراً وزيراً للخارجية من 2021 إلى مايو 2024.

أهمية المذكرات تكمن بالتعرف على كيفية صنع القرار في إطار «المشروع الإيراني الأكبر» الجاري تحقيقه على الأرض في العالم العربي.

الموضوع الأساسي في الكتاب هو سورية، باعتبارها أهم دولة في هذا المشروع، وبقاء بشار الأسد على رأس النظام والحفاظ عليه كان وما زال أولوية بالنسبة إليهم، بالرغم من أن تقييمهم الأوّلي له لم يكن كذلك، نظروا إليه على أنه طبيب عيون مرفّه لا يملك تجربة في الحكم وإدارة البلد، لكنهم وصفوه بـ «الحليف الاستراتيجي» بحسب تعبير القيادة السياسية.

إيران أول دولة وقفت ودعمت وساندت وتدخلت في سورية، وبعدها كان التدخل العسكري الروسي المباشر، ومن خلال قاعدة حميميم الجوية منذ عام 2015.

يقول عبداللهيان وبوضوح كامل إن «ما قمنا به في سورية» يندرج في إطار الأمن القومي لإيران... «وإنه لولا الدعم الإيراني لكان سقوط النظام السياسي فيها محتوما... فقد كان لإيران حضورها العسكري والدبلوماسي وإدارة الدولة، مسخِّرة كل إمكاناتها إلى جانب سورية في «الحرب الإرهابية الكونية» المدارة ضد سورية كما يصفونها».

وبلغة لا تقبل التأويل يورد نصوصاً كاملة خلاصتها أن «العمل العظيم»... هكذا ورد، والذي أنجزته طهران طوال سنوات تمثل بكل أشكال الدعم للنظام في سورية هو السبب في الحفاظ على بشار الأسد كرئيس، وتلك كانت مهمتهم الأساسية.

إيران وقفت وراء إقناع الروس بالتدخل، ونجحت في ذلك بعدما أجروا عدة لقاءات وعلى عدة مستويات مع الروس، وقالوا لهم بعبارة واضحة «إذا لم تتدخلوا في سورية، وتحموا نظام بشار الأسد، فلن يبقى لكم موطئ قدم في المنطقة، بعد أن خذلكم الأميركان في ليبيا، وأسقطوا لكم معمر القذافي!».

وكان لعبداللهيان دور في إقناع الرئيس بوتين شخصيا بهذا التدخل، وإن كانت هناك فروقات وتناقضات واسعة بين مصالح الروس ودورهم في سورية وبين إيران... وبالفعل كان للوجود العسكري الروسي دور حاسم في بقاء الأسد واستعادة مساحات واسعة من التنظيمات المناهضة لحكمه.

وبالنهاية كان التدخل الإيراني المباشر متوافقاً مع أهداف الروس، وهذا ما يفسر المعلومات المنشورة أخيراً حول إقامة الحرس الثوري قاعدة عسكرية بحرية بالقرب من طرطوس.

أما عملية قاعدة عين الأسد عام 2020، والتي حصلت رداً على مقتل قاسم سليماني، وشنتها إيران ضد الأميركان، فقد قامت طهران بإبلاغ واشنطن بها قبل حصولها عن طريق العراق... وهذا يكشف مدى التنسيق المتبادل بينهما.