توقع محللون وخبراء اقتصاد كلي اقتراب رفع وكالات التصنيف العالمية تقييم مصر ائتمانيا عند مستويات أعلى، مدفوعا بتحسن المؤشرات الاقتصادية والتوقعات المستقبلية الإيجابية لها.
وقال محللون، تحدثت إليهم «العربية Business»، إن «تحول النظرة المستقبلية لمصر إلى إيجابية من جانب وكالات التصنيف في مايو الماضي، مؤشر على رصد تغيرات ملحوظة تدعم الاقتصاد الكلي، وتقلل تأثيرات المخاطر المتولدة من تراكم الاختلالات الخارجية».
وعدلت وكالتا التصنيف الائتماني «ستاندرد آند بورز» و«موديز» في مارس الماضي نظرتهما المستقبلية لمصر إلى إيجابية، بعد أن كان «تخفيض قيمة العملة» سببا في التخفيف من نقص العملة الأجنبية في الأسواق.
وشهد مارس الماضي قرارات عنيفة من البنك المركزي، تستهدف تبني سياسة سعر صرف مرن، خفضت قيمة العملة المحلية إلى مستوى أقل من 50 جنيها، بالتزامن مع رفع سعر الفائدة 600 نقطة أساس دفعة واحدة.
في حين تأخرت وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني حتى مايو الماضي، لتعدل نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية بدلا من مستقرة، مرجعة أسباب ذلك إلى حزمة من العوامل تعكس تحسن وضع التمويل الخارجي من النقد الأجنبي، والاتجاه إلى العمل على استدامة تحرير سعر صرف الجنيه.
استدامة تحسن مؤشرات الاقتصاد
وذكر رئيس مجلس إدارة شركة الشرق الأوسط للتصنيف الائتماني «ميريس»، عمرو حسنين، أن تحسن مؤشرات الاقتصاد المصري بشكل عام في صالح التصنيفات الائتمانية المقبلة لمصر من جانب وكالات التقييم العالمية، مؤكدا أن قدرة مصر على التعامل مع المديونيات الأجنبية للخارج من أهم المعايير التي تنظر لها وكالات التصنيف الائتماني، فضلا عن التأكد من استدامة تحسن المؤشرات الاقتصادية في المستقبل.
وقال حسنسن، لـ «العربية Business»، «تعد القدرة على جذب تدفقات نقد أجنبي لتلبية الاحتياجات الداخلية وسداد الالتزامات المستقبلية من أهم مقومات رفع التصنيف الائتماني لمصر».
وانخفض إجمالي الدين الخارجي لمصر بقيمة 14.17 مليار دولار، بنسبة تقدر بنحو 8.43%، خلال أول 5 أشهر من العام الجاري، ليتراجع إلى 153.86 مليارا بنهاية مايو 2024 وفقا لتصريحات سابقة لمسؤول في البنك المركزي المصري.
ومع التراجع الملحوظ في مستويات الدين الخارجي، إلا أن صافي الاحتياطيات الأجنبية لدى «المركزي» ارتفع بأكثر من 11 مليار دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، ليسجل أعلى مستوى على الإطلاق بقيمة 46.49 مليار دولار بنهاية يوليو 2024.
من جانبها، توقعت المحللة المالية منى بدير رفع التصنيف الائتماني لمصر مع بداية العام المقبل، بعد التأكد من استمرار تحسن مؤشرات الاقتصاد، واستكمال الحكومة لجزء أكبر من برنامج الإصلاح الاقتصادي، بجانب سداد وهيكلة جزء جديد من المديونيات الخارجية، مضيفة أن حصول مصر على شرائح جديدة من صندوق النقد الدولي، بجانب تمويل إضافي من مؤسسات دولية، يدعم الثقة بالاقتصاد ويحفز وكالات التصنيف على رفع التقييمات الائتمانية لمصر الفترة المقبلة.
وأشارت كبيرة محللي الاقتصاد الكلي في شركة سي آي كابيتال، سارة سعادة، احتمالية رفع التصنيف الائتماني لمصر الفترة المقبلة، في ضوء التحول الإيجابي الذي شهدته مختلف مؤشرات الاقتصاد وعلى رأسها احتياطي النقد الأجنبي، مبينة أن دخول استثمارات صفقة رأس الحكمة واعتزام السعودية تحويل جزء من ودائعها لاستثمارات في مصر، مؤشر على زيادة الاستثمارات المباشرة والتدفقات الأجنبية، وبالتالي رفع التصنيف الائتماني الشهور المقبلة.
تأثير التوترات الجيوسياسية
وترى بدير أن التوترات الجيوسياسية إحدى الآليات الهامة التي تنظر لها وكالات التصنيف الائتماني عند وضع تقييماتها للدول، مشيرة إلى أنه لا توجد حتى الآن أي مؤشرات لهدوء مرتقب للتوترات الجيوسياسية في المنطقة، مضيفة أن التزام الحكومة بالإصلاح الاقتصادي والدعم الإقليمي يحد من تأثيرات التوترات الجيوسياسية ويحسن نظرة وكالات التصنيف الائتماني.
في حين يري حسنين أن هناك تباينا لتأثيرات التوترات الجيوسياسية على الاقتصاد، فأحيانا تنعكس التوترات الجيوسياسية إيجابيا على الإيرادات، وفي أحيان أخرى تكون سلبية، لذا فإنها ليست مؤشرا ثابتا يمكن القياس عليه.
وأشارت سعادة إلى أن أي انعكاس لتحسن التوترات الجيوسياسية على موارد الدولة، وخاصة إيرادات قناة السويس، سيؤثر على مستويات التدفقات الأجنبية، وبالتالي رفع التصنيف الائتماني لمصر.