الكويت خسرت مبادرات عالمية لحل أزمة الكهرباء، عنوان تصدَّر بعض الصحف، وهو يدور حول التفريط في عدة عروض للطاقة الكهربائية قُدِّمت من شركات بنظام المزوِّد المستقل، من دون أي تكلفة على الدولة، هدفها تجاري بحت، وهو بيع الطاقة والمياه بسعر تنافسي أقل من التكلفة الحالية، كمبادرات لحل أزمة الكهرباء في البلاد، لكنها، وكما ذُكر، لا تزال حبيسة في مكان ما رغم أهميتها في توفير طاقةٍ البلد في أمسِّ الحاجة لها.

الخبر مثير ومحزن ومحبط إذا كان حقيقياً، وهو على كلّ ليس بغريب على الكويت، التي عُرفت بإضاعتها لفرص استثمارية وتنموية حقيقية لا تُعد ولا تحصى، سواء بتأخير إنجازها أو التلكؤ في تنفيذها، فيتلقفها الأشقاء من دون تردد.

Ad

لا شك في أن رفض المبادرات والعروض الاستثمارية والتنموية من الداخل والخارج أو التكاسل في تنفيذها، رغم فائدتها للبلد، يثير الشكوك حول مَنْ رفضها أو عرقلها، فليس من العقل ولا المنطق ولا المصلحة العليا رفضها. هذا الرفض الذي لابد أنه أتى من حيتان فساد متسلطة مستفيدة أثَّرت سلباً على تقدُّم البلد وتطويره، وعرقلت حلول التغلب على المشاكل والنواقص التي تواجه البلد.

نتمنى على أصحاب الشأن أن يكشفوا عن حقيقة ما نُشر بخصوص عروض تلك الشركات تحديداً، وهل هي حقيقية أم لا، فهناك لغط آخر يدور حول هذا الموضوع تحديداً، وأن كل تلك الشركات أو بعضها وهمي، وأن الذي قدم تلك الشركات وحاول تمريرها قسراً نائب سابق له حظوة ومعروف بأنه «قبيض»، وقد صدرت ضده أخيراً أحكام، أما إذا كانت العروض فعلاً حقيقية، فعلى نفس أصحاب الشأن أن يحققوا في أسباب رفضها، لأن رفضها في هذه الحالة يُعد جريمة نكراء في حق البلد.

***

الخلل الأخير الذي أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق كثيرة يثير الكثير من علامات السؤال، فوزارة الكهرباء ألقت باللوم على «البترول الوطنية»، لأنها غيَّرت مواصفات الغاز اللقيم لبعض المحطات بضخ غاز مسال إليه، أما «البترول الوطنية» فألقت اللوم على «الكهرباء» بانقطاع مياه التبريد عن وحداتها.

ما حصل يشكِّل لغزاً محيراً، فالغاز المسال لا يضخ إلا إلى وقود الغاز منخفض الضغط، فيما محطات الكهرباء في الكويت كلها، ما عدا الشعيبة، تعتمد على الغاز عالي الضغط، فكيف وصل الغاز السائل المنخفض الضغط إليها؟ ولماذا لم تلجأ المحطات إلى أنواع الوقود البديلة، وهي متعددة؟

ما حصل يجب ألا يمر مرور الكرام، فلا بد من تصريح رسمي فني يضع النقاط على الحروف، فما حصل لا يستقيم، وما أعلن عن سبب انهيار المنظومة الكهربائية، وقد يكون وراءها تقاعس في الصيانة، والتأخر في إنشاء محطات جديدة، أو سوء كفاءة، وهو الأسوأ.

فلنأمل أن لا مزيد من فرص الكويت الضائعة، ولا مزيد من الإخفاقات، ولا مزيد من التلكؤ في إنجاز المشاريع، وأن يوضع المسؤول المناسب في المكان المناسب، وهذا هو الأهم.