بعد أيام قليلة من تجدد المناكفات بين الجزائر والقائد العسكري المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا، الذي حشد قواته على مقربة من حدودها، قررت حكومة شرق ليبيا إغلاق جميع حقول النفط، رداً على قرار حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبدالحميد الدبيبة، السيطرة على مصرف ليبيا المركزي.
وأعلنت حكومة شرق ليبيا، التي تتخذ من بنغازي مقراً، ويترأسها أسامة حماد ويدعمها حفتر «حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ والمؤسسات والمرافق النفطية، وإيقاف إنتاج وتصدير النفط إلى حين إشعار آخر»، بعد «تكرر الاعتداءات على مصرف ليبيا المركزي بتحريض ومساعدة من المجلس الرئاسي».
ويأتي قرار إغلاق حقول النفط بعد أن سيطرت قوات تابعة لحكومة الدبيبة، ومقرها طرابلس، بأمر من المجلس الرئاسي، على مصرف ليبيا المركزي، وهو الجهة الوحيدة المعترف بها دولياً فيما يتعلق بإيداع إيرادات النفط، الدخل الاقتصادي الحيوي للبلد المنقسم منذ سنوات بسبب القتال.
وتأتي هذه التطورات بعد أيام فقط من تجدد المناكفات بين الجزائر وحفتر، الذي حشد قواته على مقربة من الجزائر «في إطار خطة شاملة لتأمين الحدود الجنوبية»، وفق بيان لصدام حفتر، نجل القيادي العسكري، الذي يسيطر على شرق ليبيا، مؤكداً أن هذا التحرك «لا يستهدف أحداً».
غير أن مجلة لوبوان الفرنسية أكدت أن حشد قوات حفتر قرب الحدود الجزائرية أدى إلى تجدد التوتر الدبلوماسي مع الجزائر، مشيرةً إلى أن حفتر «يسعى بتحريض روسي إلى السيطرة على الممر الحيوي بين ليبيا والجزائر والنيجر، الذي يسمى ممر السلفادور، إضافة إلى مدينة غدامس الغنية بالنفط»، وهو ما سبق أن رفضته الجزائر.
ووسط تحذيرات من أن سيطرة حفتر على مدينة غدامس ومطارها الاستراتيجي تمهّد الطريق للهجوم على العاصمة الليبية طرابلس، أعلنت رئاسة الأركان التابعة للدبيبة رفع درجة التأهب، فيما دعا المجلس الأعلى للدولة للاستعداد للتصدي لأي خطر محتمل من جانب ميليشيات حفتر.
ورفض المجلس في بيان «بشدة هذه التحركات غير الشرعية»، محذراً من أنها ستؤدي «للعودة للصراع المسلح الذي يهدد اتفاق وقف إطلاق النار ومساعي توحيد المؤسسة العسكرية، ويقود إلى انهيار العملية السياسية».
من جهتها، رفضت الجزائر حشد قوات على مقربة من حدودها، إذ أكد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في لقاء صحافي الأسبوع الماضي، أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي إذا ما تعرضت مصالحها أو أمنها القومي للتهديد من أي طرف في ليبيا، في إشارة واضحة لحفتر.
في السياق ذاته، حذر وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، خلال استقباله السفير الليبي الأحد الماضي من أن «عمليات الحشد العسكري في اتجاه المناطق الغربية والجنوبية لليبيا تحمل أخطاراً محدقة بتجدد الاشتباكات والمواجهات بين الأطراف الليبية، وتمسّ بأمن واستقرار جوارها الإقليمي».
وأعرب عطاف عن استعداد بلاده لتوفير «الدعم اللازم» لحكومة الوحدة الوطنية الليبية المعترف بها دولياً، فيما شددت تقارير إعلامية جزائرية على أن الجزائر لن تسمح بسقوط غدامس تحت سيطرة حفتر «حتى لو اقتضى الأمر إقامة منطقة عازلة في حال تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا».