رغم محاولة الولايات المتحدة الحثيثة دفع الخطة التي طرحتها نهاية مايو الماضي، بهدف احتواء الأزمة ومنع تحولها إلى صراع إقليمي أوسع وأكثر حدة، كشف مصدران أمنيان مصريان، أمس، أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق، في ختام آخر جولة من المفاوضات غير المباشرة بين طرفي حرب غزة، والتي جرت في القاهرة أمس الأول، حيث لم توافق الحركة الفلسطينية ولا الدولة العبرية على العديد من الحلول التي قدمها الوسطاء لإبرام صفقة بشأن تبادل إطلاق سراح المحتجزين، وإنهاء القتال المتواصل منذ 10 أشهر.

وقال مصدر مصري إن الوسطاء المصريين والقطريين والأميركيين طرحوا عدداً من البدائل لوجود القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا وممر نتساريم، الذي يمر عبر وسط قطاع غزة، لكن الطرفين لم يقبلا أيا منها. وأضافت أن إسرائيل أبدت أيضاً تحفظات بشأن عدد المعتقلين الذين تطالب «حماس» بالإفراج عنهم، حيث طالبت إسرائيل بخروجهم من غزة بعد الإفراج عنهم.

Ad

جاء ذلك في وقت قال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، إن واشنطن لا تزال تبذل جهوداً حثيثة مع الوسطاء للتوصل إلى اتفاق.

لكن القيادي البارز في «حماس» أسامة حمدان أكد أن الحركة «لن تقبل الحديث عن تراجعات لما وافقنا عليه في 2 يوليو الماضي أو اشتراطات جديدة».

وفي وقت برزت مسألة الحدود المصرية مع غزة، كواحدة من أبرز عناوين المفاوضات، نقلت تقارير مصرية عن مصدر رسمي رفيع أن القاهرة «جددت لجميع الأطراف رفضها أي وجود إسرائيلي في معبر رفح أو محور فيلادلفيا».

فصل القطاع

وفي ظل انسداد السبل الدبلوماسية لإنهاء الحرب التي يراهن عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقضاء على قدرات «حماس» العسكرية والحكومية بالقطاع، تحدثت تقارير عبرية عن قيام الجيش الإسرائيلي بتوسعة ممر نتساريم، مستندة في ذلك إلى صور حديثة للأقمار الصناعية. وبينت صحيفة يديعوت أحرونوت أن التوسعة تمثلت في إنشاء «4 مواقع عسكرية كبيرة تتيح إقامة مئات الجنود» على طول الممر الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه.

وجاء التقرير، الذي يشير إلى تخطيط إسرائيلي قد يفضي إلى احتلال طويل الأجل للقطاع، فيما أفادت مصادر طبية في غزة بمقتل 33 فلسطينياً خلال الـ24 ساعة الماضية جراء الاعتداءات الإسرائيلية.

رد طهران

وفيما اشادت ايران بالرد بالهجوم الذي شنه حزب الله اللبناني، أمس الأول، على إسرائيل، أجرى رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن، مباحثات يعتقد أنها ركزت على سبل تهدئة التوترات في المنطقة، مع وزير الخارجية الإيراني الجديد، عباس عراقجي، في طهران أمس، بعد ساعات من تأكيد وزير الخارجية الإيراني أن رد بلاده حتمي على اغتيال زعيم «حماس» إسماعيل هنية في طهران.

وأوضح عراقجي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الإيطالي، أنطونيو تاجاني، أن «رد فعل إيران على الهجوم الإرهابي الإسرائيلي في طهران حاسم، وسوف يكون محسوبا ومدروساً»، كما أردف أن «طهران لا تخشى التصعيد، ولكنها لا تسعى إليه، على عكس إسرائيل».

وبينما رجح العديد من المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين أن يكون رد «حزب الله» المكثف، مجرد جولة أولى من القتال بين الطرفين، نقلت «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين أميركيين أن واشنطن ليس لديها خطط لتغيير الوجود العسكري الأميركي المعزز في المنطقة.

عباس في السعودية

إلى ذلك، أفاد مصدر في الرئاسة الفلسطينية بأن الرئيس محمود عباس توجه إلى السعودية، في زيارة تستمر يومين، يلتقي خلالها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وأشارت تقارير إلى أن عباس سيبحث في الرياض حشد الدعم السعودي والعربي لمبادرته للتوجه إلى غزة، كما سيبحث التطورات في القطاع وسبل إنهاء الحرب هناك ووقف إطلاق النار.

كنيس «الأقصى»

في غضون ذلك، رفع وزير الأمن القومي المتطرف ايتمار بن غفير مستوى استفزازه، بعد أن دعا مرات عديدة في الأشهر الماضية إلى السماح لليهود بالصلاة في الحرم القدسي، قائلا إنه يريد إقامة كنيس في المسجد الأقصى بمدينة القدس الشرقية المحتلة.

وكرر نتنياهو، أمس، تأكيده أنه «لا يوجد أي تغيير في الوضع الراهن» بالمنطقة المقدسة، التي تتبع الأوقاف الإسلامية الأردنية، فيما دعاه وزير الداخلية الإسرائيلي، موشيه أربيل، من حزب شاس الديني، إلى «العمل فورا من أجل وضع حدود لإيتمار بن غفير، لأن أقواله عديمة المسؤولية تشكل خطرا على تحالفات إسرائيل الاستراتيجية مع دول إسلامية ضد محور الشر الإيراني»، وأضاف أن «عدم إدراك بن غفير من شأنه أن يؤدي إلى سفك دماء».

كذلك حذر وزير الدفاع، يوآف غالانت، من خطورة أقوال بن غفير على الأمن القومي لإسرائيل ومكانتها الدولية، مشيراً إلى أن «تقويض الوضع الراهن في جبل الهيكل عمل خطير، لا ضرورة له وعديم المسؤولية»، وأضاف أن «العملية التي نفذها الجيش الإسرائيلي أمس من أجل لجم هجوم حزب الله عززت دولة إسرائيل، وتصريحات بن غفير تضعفها».

وعقب رئيس المعارضة، يائير لابيد، بالقول إن «المنطقة كلها ترى ضعف نتنياهو مقابل بن غفير. ولا توجد حكومة في الواقع».

في المقابل، أكد الناطق باسم رئاسة السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن «المسجد الأقصى خط أحمر لا يمكن السماح بالمساس به إطلاقا»، محذرا من أن «حربا دينية ستحرق الجميع»، وشدد على أن مساحة الحرم الشريف البالغة 144 دونما هي «ملك للمسلمين فقط».