قبل يوم من افتتاح دورة الألعاب البارالمبية وبضعة أيام من بدء الموسم الدراسي الجديد، لا تزال حكومة مستقيلة تحكم فرنسا منذ أكثر من أربعين يوماً، وهو وضع غير مسبوق في البلد منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وبعد شهرين من انتخابات تشريعية مفاجئة أسفرت عن انتصار نسبي لتحالف «الجبهة الشعبية الجديدة» اليساري وصعود قياسي لليمين المتطرف، بدا أن فرنسا تواجه أزمة حكم حقيقية، مع انسداد جميع الحلول السياسية.
وباشر الرئيس إيمانويل ماكرون اليوم ، «دورة جديدة من المشاورات» بحثاً عن رئيس وزراء وسط أجواء سياسية تزداد توتراً، غداة رفضه تكليف لوسي كاستيه مرشحة اليسار، بتشكيل حكومة جديدة «حفاظاً على استقرار المؤسسات»، وهو ما ردّ عليه اليسار بالدعوة إلى مظاهرات حاشدة السبت ضدّ ما اعتبره «إنكاراً للديموقراطية».
ويستأنف ماكرون المشاورات وسط ضبابية تامة، إذ لم يدع إليها لا اليمين المتطرف ولا اليسار المتطرف، فيما رفض بعض المسؤولين المدعوين المشاركة، وستشمل الاستشارات «شخصيات» لم تكشف أسماؤهم، وبينهم رؤساء سابقون.
وفي رفضه لحكومة يسارية، تذرع الرئيس بضرورة الحفاظ على «استقرار المؤسسات»، بعد أن توعدت الكتل السياسية الأخرى، من الوسط إلى أقصى اليمين، بحجب الثقة عن حكومة تضم أقصى اليسار باعتبارها «خطيرة».
وحل الائتلاف اليساري الذي يضم «فرنسا الأبية» (يسار راديكالي) والاشتراكيين (يسار الوسط) والخضر البيئيين والشيوعيين في طليعة نتائج الانتخابات التشريعية في يوليو، من غير أن يحظى بالأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية، ولو أنه تقدم على كتلتي المعسكر الرئاسي واليمين المتطرف، ما يجعل البحث عن تسوية فائقة الصعوبة.
ووسط الفوضى السياسية، دعا معسكر ماكرون إلى التحلي بـ«المسؤولية»، ساعياً إلى ضم الاشتراكيين إليه وعزل اليسار الراديكالي بزعامة جان لوك ميلونشون. ودعا وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة جيرالد دارمانان اليوم ، إلى تشكيل «تحالف واسع»، مؤكداً أن بإمكان أنصار ماكرون التوصل إلى «اتفاق على الحد الأدنى» مع الاشتراكيين «للسماح لـ(مؤسسات) فرنسا بالعمل».
من جانبه، يرفض حزب الجمهوريين الذي يمقل اليمين التقليدي الفرنسي الدخول في أي ائتلاف، من غير أن يستبعد «التصويت لمصلحة ما يذهب في الاتجاه الصحيح». أما «التجمع الوطني» بزعامة مارين لوبن فيواصل اتهام ماكرون بـ«زرع الفوضى».
وعنونت صحيفة «ليبيراسيون» اليسارية اليوم ، «إيمانويل ماكرون: الازدراء»، فيما كتبت صحيفة «لو فيغارو» اليمينية أن «فرنسا تتفادى كارثة» مع رفض حكومة من الجبهة الشعبية الجديدة.