الكويت بلا مزورين... قرار لا خيار
التزوير جريمة كبرى - في الأنظمة كافة - لا تساهل فيها ولا مع مقترفيها!
وقد تعددت صور التزوير الذي ابتليت به الكويت وأنواعه (في الجنسية، وفي الشهادات، وفي التوظف، وفي الأبحاث، وفي الترقيات الجامعية!!) وجميعها جرائم بشعة وخطيرة! ولعل أخطرها وأشدها فتكاً بالمجتمع وتكوينه وسلمه الاجتماعي، هو تزوير الجنسية، فهو ولوج خلسة للوطن وتدثّر بردائه من قبل من ليس منه!
ولكم أن تتخيلوا أخلاقيات وخطورة من يجنح لهذا السلوك على أمن الوطن وسلمه الاجتماعي، وما هي اللحظات التي يتربصها والتكسبات التي يطمح إليها! وما هي غاياته ومراده من ذلك السلوك المجرّم والشائن الذي ينال من سيادة الوطن ومنعته!
ويخطئ من يهوّن من هذا الخطر، بل والأعجب والأغرب فيمن يدافع عنهم ويطالب بالتسامح معهم، بمبررات واهية وحجج تشجع على التزوير وإجرامه والتعدي على الوطن وسيادته وشعبه ومقدراته! بالرغم من أن فيهم:
من انتسب لغير أبيه وعائلته وقبيلته!
ومن سُجّل ضمن أبناء أخيه أو أخته أو ابن عمه أو غيرهم، ولم يأبه لخلط النسب وتداعياته الشرعية والقانونية!
ومنهم من دفع أموالاً أو غير ذلك من الأثمان ليحصل على الجنسية!
ومنهم من ادعى - تدليساً - ميلاده بالكويت وأنه أقام فيها حتى منح الجنسية!
ومنهم من غيّر بياناته الدراسية أو بيانات ميلاده!
ومنهم من تزوجت زواجاً صورياً مصلحياً!
ومنهم من انتسب أو نُسب - زوراً - لدور الرعاية وهو دخيل عليها!
ومنهم أصحاب حيل وتدليس وتزوير لا نظير له!
ومع ذلك يخرج علينا - عن قصد أو بسذاجة أو لأغراض أخرى وتكسّب رخيص - من يدافع عنهم ويحاول أن يصوّر تجريدهم من جنسياتهم المزورة، أنه تعاملٌ غير إنساني وبعيد عن العدالة والإنصاف! وهم واهمون متواطئون أو يتكسبون!
فأين وجه حقوق الإنسان مع مجرم يعاقب على جريمته؟ ومن يلحق به من أهله، فإن ذنبهم في رقبته، وليس على الدولة إلا أن تؤمّن لهم «معاملة انتقالية إنسانية» في حدودها الدنيا، إلى حين تسوية أوضاعهم وفقاً لجنسياتهم الأصلية بإجراءات قانونية سليمة!
ولا شك في أن قيام الدولة بتنقية البلد من مزوري الجنسية، بكل صورها، هو جزء من واجبها الوطني وأيضاً واجبها تجاه مواطنيها، بل إنه قرار وطني مُلحّ وحازم، للحفاظ على سيادة البلد وأدواته، نعم إنه قرار وليس خياراً!
وقد كانت قضايا تزوير الجنسية وكذلك قضايا سحبها تعرض على القضاء الذي دان مزوريها ومدلسيها، بل وحتى مزدوجيها، وجرّدهم - بأحكام باتّة - هم ومن يتبعهم فيها، من كل نفع مادي حصلوا عليه، وهو المستقر قضاء بأحكام التمييز! بل ومن طعن أمام القضاء رفضت الغالبية الساحقة من الأحكام طعونهم! حتى وصل الأمر إلى أن اجتمعت الجمعية العامة لمحاكم التمييز، وقررت - بشكل حاسم ودقيق - أن قضايا الجنسية مسألة سيادية تنفرد بها السلطة التنفيذية، ولذا يستعصي على القضاء نظرها، ولا يجوز الطعن بها أمامه!
وعليه، فإن كل من يشارك المزور وضعه أو يدافع عنه أو يتستر عليه عملياً أو سياسياً هو شريك معه في جرمه! ولا يعتبر رأيه في إطار حرية الرأي، لأن فيه تشجيعاً وربما تحريضاً على أحكام القانون وسيادة الدولة وسلمها الاجتماعي، بل خروجاً على أحكام القضاء وتحريضاً ضد الدولة!
ولعل التسطيح الذي يحاول بعض المدافعين أن يسعى لإضفائه على هذه الجرائم - مستعيناً بالقانون افتراءً وبهتاناً، أو باسم حقوق الإنسان - يكشف الموقف الخاطئ، بل والمدان الذي يتبناه هؤلاء!
ونقول لهم إن القرار الوطني هو: الكويت بلا مزورين... قرار لا خيار.