شوشرة: أمة تقمع أمة
لا يزال مسلسل قمع الحريات من بعض دعاة الفكر الأوحد والرؤية القاصرة مستمراً، فأصبحوا يحددون منظور التعايش في مجتمعاتنا المسالمة وفقاً لرؤاهم التي تطبق على الآخرين، في حين لا تلامس واقعهم المليء بالثغرات والتجاوزات.
إن ما يثار بين فترة وأخرى على واقعنا من أمور خاصة بالحريات أصبح يتطلب وضع قاعدة ثابتة لمنع كل من ينصّب نفسه ولياً على الآخرين وعلى القانون، في ظل خشية بعض أصحاب القرار من مواجهة هذا التهديد الخطير لحرياتنا، بتنا نخشى أن يتمددوا للبيوت لتنفيذ أجنداتهم وأفكارهم المسمومة ورجعيتهم، فما إن تُوجد أجواء للفرح حتى يتسابقوا إلى إصدار بياناتهم وتهديداتهم بمحاسبة الجهاز الحكومي المختص من خلال ممثليهم في البرلمان، الذين يسعون إلى عدم خسران قواعدهم الانتخابية ومجاملتهم في كل رغباتهم، ودغدغة المشاعر حتى يتمدد هذا الفكر ليغزو العقول الأخرى، ويتم توسيع قاعدة محاربي الأفراح، ألا يكفي الشارع ما يعانيه من صدمات متوالية من نواب يفترض أن تكون الانتخابات الأخيرة درساً لهم، لكنهم بعد أن عانقوا الكرسي الأخضر تناسوا كل شيء وبدأوا بتنفيذ أجنداتهم وأفكارهم المسمومة واقتراحاتهم التي لا تغني ولا تسمن من جوع؟
والأسئلة التي تطرح نفسها كثيرة: هل خلت البلاد من القضايا كي ينشغل هؤلاء بمهاجمة أفراحنا وسعادتنا وكل ما ينفس عن خلجاتنا بقمع حرياتنا التي لا تخالف القانون ولا الشرع؟ ولماذا لا يتسابق هؤلاء إلى وقف نزيف المخالفات التي ترتكب في حق الأمة من ممارسات مغلوطة في تطبيق القانون؟ ولماذا لا يفتحون ملفات القضايا التي تهتم بمعالجة الخلل وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة بعيدا عن مجاملاتهم ومحسوبياتهم التي هي سبب تراجعنا؟
فالآمال كانت معقودة على النجاح في تحقيق تطلعات الشارع، لكن الخيبات مستمرة على أمل صحوة ممن ينامون في سبات عميق ويغردون خارج السرب لجذب الأنظار، وكسب رضا جماعتهم فقط، ويحلمون بنشوة الانتصار بعد أن اعتادوا على النكبات والانسداح والانبطاح وإلصاق التهم للآخرين.
وأخيراً على النواب الأفاضل فتح ملفات زملاء لهم يعملون حالياً على إيهام الناس بتحول مسارهم من الانبطاح إلى بطولات زائفة بعد أن أصبحوا فرساناً ومعارضين فجأة، وذلك بعد إغلاق الحنفية برحيل معازيبهم، ليتحقق مبدأ «من أين لك هذا؟» مع شللهم التي تعيث في الأرض فساداً.
آخر السطر: من لا يتعلم من الماضي فلن ينجح في المستقبل.