في خضم تصعيد سياسي وعسكري بليبيا، أعلن رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح مواصلة وقف إنتاج وتصدير النفط حتى رجوع حكومة عبدالحميد الدبيبة عن تعيين محافظ جديد للمصرف المركزي، فيما التقى مسؤولان أميركيان بالقيادي العسكري خليفة حفتر بعد أيام من حشده قواته على تخوم الحدود الجزائرية، بينما هدّد «الأمازيغ» بحرب أهلية في العاصمة طرابلس.

ووجه رئيس مجلس النواب خطاباً رسمياً إلى النائب العام طالب فيه بتحريك دعوى جنائية ضد جميع المتورطين في ما وصفه بـ «اقتحام مصرف ليبيا المركزي»، واتهم المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة بالوقوف «وراء جرائم الاعتداء على حرمة هذا المكان وحرية موظفيه والاستحواذ على أرصدة المصرف وإيقاف العمل بمنظوماته، مما أربك العمل المصرفي بصفة عامة».

Ad

مخاطرة بالأصول الليبية

واشترط صالح عودة محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، لاستئناف عمله، مقابل فتح الحقول النفطية وإعادة إنتاج وتصدير النفط، مؤكداً أن تعيين محافظ لمصرف ليبيا المركزي اختصاص أصيل للنواب.

في المقابل، قال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، إن «القرار الأخير بتعيين محافظ ومجلس إدارة جديد للمصرف المركزي نافذ»، داعياً البرلمان إلى عقد جلسة قانونية صحيحة، والتشاور مع المجلس الأعلى للدولة بناء على مخرجاتها، والعودة للاتفاق السياسي الذي جمّده بقرار أحادي.

واعتبر، في بيان، أن «المجلس الرئاسي مارس مهامه وفقاً للاتفاق السياسي في تعيين كبار الموظفين وحقق التمثيل السياسي الواسع لكل القوى والأطراف تعزيزاً للاستقرار، وقرّر تعيين محافظ يتمتّع بالنزاهة والكفاءة، وتشكيل مجلس إدارة لمصرف ليبيا المركزي بعد تخلّي المؤسسات المعنية عن مسؤولياتها».

ومن شأن هذا الصراع المستمرّ على إدارة أهم مؤسسة مالية ليبية، أن يعرّض الأصول والحسابات الليبية، خاصة الموجودة في الخارج إلى الخطر، ويعطلّ صرف مرتبات الليبيين، خاصة بعد توقف جميع خدماته.

«أفريكوم» تلتقي حفتر

في هذه الأثناء، أعلنت السفارة الأميركية بليبيا أن قائد القيادة الأميركية في إفريقيا (أفريكوم)، الجنرال مايكل لانغلي، والقائم بالأعمال جيريمي بيرنت التقيا في مدينة بنغازى حفتر، لمناقشة التزام الولايات المتحدة بتعزيز شراكتها مع جميع الليبيين.

وأضافت السفارة على موقع إكس أن الولايات المتحدة تحثّ جميع الأطراف الليبية على المشاركة بشكل بناء في الحوار بدعم من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والمجتمع الدولي، مؤكدة دعم واشنطن «للجهود الليبية الرامية إلى حماية سيادة ليبيا في ظل التحديات الأمنية الإقليمية».

وأشارت إلى أن المسؤوليَن الأميركيين شددا على أهمية الحفاظ على استقرار ليبيا، وخفض التصعيد وسط التوترات الحالية.

ويأتي هذا اللقاء بعد أن قام حفتر في الأيام الأخيرة بتحريك قواته نحو مدينة غدامس المتاخمة للحدود الجزائرية، في إجراء قالت مجلة لوبوان الفرنسية أنه أتى بـ «تحريض روسي»، بينما رفضته الجزائر، مشددة على أنها لن تسمح بوجود أي قوات على مقربة من حدودها، حتى لو اقتضى ذلك «تدّخلاً عسكرياً».

حرب أمازيغية

في سياق متصل، شهدت منطقة أبوكماش غرب العاصمة طرابلس اشتباكات عنيفة بين معتصمين من الأمازيغ وقوات تابعة لحكومة الدبيبة، في تطورات اعتبرها رئيس المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا الهادي برقيق «تعدٍّ مسلح على اعتصام مدني»، متهماً قوات الدبيبة بارتكاب أعمال «إرهاب وممارسات لا أخلاقية».

وحذر برقيق من أن ما يحدث هو «مقدمة لحرب أهلية عنصرية» تتعرض لها منطقة زوارة الكبرى، مؤكداً أن المجلس الأعلى للأمازيغ قد يضطر إلى إعلان حالة «النفير العام» إذا لم تتوقف هذه الاعتداءات، دفاعاً عن حقوقهم ووجودهم كمكون ليبي.

من جهته، أعرب رئيس مجلس الحكماء والأعيان في مدينة زوارة، غالي الطويني، عن صدمته من «الهجوم على المعتصمين المدنيين في منطقة أبوكماش»، مشيراً إلى أن بعض المصادر في منطقة الجبل أعلنوا استعدادهم للنفير العام وتجهيز قوات للالتحاق بالمعركة في مدينة زوارة، إضافةً إلى إغلاق المواقع الحيوية ضمن الحدود الإدارية للمدن الأمازيغية.

وعقب هذه التطورات، عقدت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية للأمم المتحدة، ستيفاني خوري، لقاء مع وفد من الطوارق، أكدت على أثره سعيها لضمان مشاركة متساوية وفعالة لجميع الأطراف في العملية السياسية والمصالحة بليبيا.

من ناحيته، أكد وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، أمس، استعداد بلاده لمواصلة دعم الشعب الليبي ومساندة تطلعاته المشروعة في استعادة الأمن والاستقرار في كنف الوحدة الوطنية.

وذكرت «الخارجية» الجزائرية، في بيان، أن ذلك جاء في اتصال هاتفي مع الوزير الليبي المكلف بتسيير أعمال وزارة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية لدولة ليبيا، الطاهر الباعور، بحثا خلاله مستجدات الأوضاع الأمنية في ليبيا وسبل توحيد الجهود لعودة الأمن والاستقرار إليها.