بالتزامن مع إعلان الصومال عن تلقي أسلحة ومعدات عسكرية «كبيرة» من مصر، تعد الأولى منذ أكثر من 4 عقود، وهي خطوة أثارت حفيظة إثيوبيا، تم الإعلان عن توقيع مصر ونيجيريا مذكرة تفاهم لتعميق التعاون في مجال الصناعات الدفاعية.

وجرى توقيع مذكرة التفاهم في مقر وزارة الدفاع النيجيرية بالعاصمة أبوجا أمس من قبل الأمين الدائم لوزارة الدفاع إبراهيم النيجيرية، أبوبكر كانا، ومساعد وزير الدفاع المصري اللواء وليد حمودة.

Ad

ويهدف توقيع مذكرة التفاهم إلى تعزيز التعاون الثنائي والدفاعي الأعمق، وفقا للقوانين واللوائح السائدة في البلدين، حسب ما ذكر موقع وزارة الدفاع النيجيرية.

وأعرب كانا عن تفاؤله بأن «التاريخ الطويل للعلاقات القوية بين نيجيريا ومصر من شأنه أن يخلق تعاوناً دائماً بين البلدين»، مضيفاً أن نيجيريا استفادت كثيرا من مصر في مجالات تبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريب. من جهته، أبدى حمودة تقديره للمنصة التي تم توفيرها لتوقيع مذكرة التفاهم، مؤكدا لنيجيريا التزام بلاده التام بالمواد الواردة في الوثيقة الموقّعة. كما أعرب عن تقديره للعلاقة الودية القائمة بين البلدين.

ورغم أن مصادر مصرية أفادت «الجريدة» بأن العمل على التوصل الى مذكرة التفاهم الموقّعة مع نيجيريا مستمر منذ نحو عامين، وبالتالي لا علاقة له بالتطورات في الصومال، فإن مراقبين يشيرون الى سلوك مصري مختلف في المنطقة، خصوصا مع إعلان إثيوبيا استكمال بناء سد النهضة في ديسمبر، رغم أن خبراء بينهم الخبير المصري عباس شراقي شككوا في صحة هذا الإعلان، خصوصا لناحية قدرة أديس ابابا على تركيب توربينات الكهرباء كاملة بنهاية العام الحالي.

وليس لنيجيريا أي حدود مع اثويبيا، لكنها تعتبر أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان (228 مليونا في 2023)، كما أن اقتصادها يُعد واحدا من أقوى الاقتصادات الإفريقية رغم تراجعه للمرتبة الرابعة في 2024.

وكانت إثيوبيا قد حذرت، أمس ، مما وصفتها بالتطورات في منطقة القرن الإفريقي التي «تهدد» أمنها القومي، معتبرة أن الصومال «يتواطأ مع جهات خارجية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة»، وذلك بعد وقت قصير من الإعلان عن إرسال مصر مساعدات عسكرية إلى الصومال.

وأصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية بيانًا أكدت فيه أنها «تراقب بيقظة التطورات في منطقة القرن الإفريقي التي قد تهدد أمنها القومي»، وعبّرت عن قلقها من تحوّل بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال إلى «بعثة باسم ومهمة جديدتين» تحت مسمى بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال، معتبرة أن هذه الأحداث تقود المنطقة إلى «المجهول».

وأضاف البيان: «لم تؤخذ الدعوات المتكررة من إثيوبيا والدول المساهمة بقوات أخرى على محمل الجد.. إثيوبيا لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي بينما تتخذ جهات أخرى تدابير لزعزعة استقرار المنطقة».

وقال البيان إن حكومة الصومال «تتواطأ مع جهات خارجية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة».

وعلى الرغم من عدم ذكر اسم القاهرة بشكل مباشر في بيان أديس أبابا، فإن البيان جاء بعد تقرير لوكالة رويترز يشير إلى إرسال مصر مساعدات عسكرية إلى الصومال، ما لبث أن أكد صحته سفير الصومال في القاهرة ومندوبها الدائم في جامعة الدول العربية، علي أواري، واصفاً شحنة السلاح بأنها «كبيرة». ووقعت مصر بروتوكول تعاون عسكري مع مقديشو في وقت سابق من هذا الشهر، خلال زيارة الرئيس الصومالي الى القاهرة، وعرضت المشاركة بقوات في بعثة حفظ سلام جديدة بالصومال، بعد طرد القوات الإثيوبية.

وتعززت العلاقات بين مصر والصومال هذا العام، بعد أن وقّعت إثيوبيا اتفاقا مبدئيا مع منطقة صوماليلاند (أرض الصومال) الانفصالية، ينص على تأجير إثيوبيا لمدة 50 عاما 20 كيلومترا من ساحل صوماليلاند، الواقع على خليج عدن، مقابل اعتراف إثيوبي محتمل باستقلالها عن الصومال، وهو أمر لم تفعله أي دولة منذ أن أعلنت هذه المنطقة الصغيرة استقلالها من جانب واحد في 1991.

ووصفت حكومة مقديشو الاتفاق بأنه «تعدٍ على سيادتها»، وقالت إنها ستعرقله بكل الطرق الممكنة، ونددت مصر بالاتفاق مع أرض الصومال، ورعت تركيا جولتين من الحوار بين الصومال وإثيوبيا دون تحقيق اختراق، ومن المقرر عقد جولة أخرى الشهر المقبل.

ووسط مخاوف من حرب بالوكالة بين القاهرة وأديس ابابا أو حتى تصادم مباشر بين الدولتين الكبيرتين، تشير تقارير الى أن حصول مصر على قاعدة عسكرية استراتيجية قريبة جدًا من إثيوبيا من شأنه أن يسهّل للجيش المصري أي عملية مستقبلية لاستهداف سد النهضة. وسبق أن كشف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن تهديد مصر بتفجير السد ردًّا على التعنُّت الإثيوبى فى المفاوضات، لكن مصر لم تعلّق رسميًا على هذه التصريحات. ووفقا لمؤسسة غلوبال فاير باور، المختصة في التصنيفات العسكرية للدول، احتل الجيش المصري المرتبة الـ 15 في قائمة أقوى جيوش العالم لعام 2024، في تقدم واضح وكبير على نظيره الإثيوبي الذي يحتل المرتبة 60 عالميًا. كما أن القدرات الجوية والبحرية والبرية والبشرية تميل بشكل كبير لمصلحة مصر، إضافة إلى ميزانية وزارة الدفاع المصرية الضّخمة مقارنة بنظيرتها الإثيوبية، وفق الموقع.