فيما يعد كنزًا أثريًا مهمًا لمعرفة طبائع حياة الناس إبان الحضارة المصرية القديمة، أزيح الستار أخيرًا عن جبانة مدينة مرسى مطروح (الحدودية مع ليبيا)، وترجع إلى العصر الروماني، والتي اتضح أنها تحتوي على مقابر وحمّام كامل وتماثيل ولُقى أثرية عديدة، تؤكد أهمية المدينة تاريخيًا كمركز للتجارة الخارجية في حوض البحر المتوسط عبر العصور التاريخية المختلفة.
ونجحت البعثة الأثرية المصرية، برئاسة قطب فوزي، رئيس الإدارة المركزية لآثار الوجه البحري وسيناء، في الكشف عن جبانة مدينة مرسى مطروح خلال العصر الروماني، أثناء أعمال الحفائر بمنطقة أم الرَخَم الأثرية بمحافظة مطروح.
من جانبه، أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، محمد إسماعيل خالد، أهمية هذا الكشف، كونه يشير إلى الدور الذي أدته مدينة مرسى مطروح الأثرية كمركز للتجارة الخارجية في حوض البحر المتوسط، ليس فقط خلال العصر الروماني، ولكن عبر العصور التاريخية المختلفة.
واكتشفت البعثة مقبرتين منحوتتين في الصخر من طراز «الكتاكومب»، المعروف في العصر الروماني، بهما 29 موضعا للدفن وعدد من المدامع الزجاجية وموائد القرابين المنقوشة والمزخرفة وتمثال لرجل يرتدي الزي الروماني المميز المعروف بـ «التوجا»، وتمثال لكبش، وآخر نصفي لسيدة غير معروفة الهوية وبعض العملات البرونزية.
وضمت الاكتشافات الأثرية أيضًا حمّامًا مكتمل العناصر المعمارية، وقد عثر بداخله على صالات استقبال ومقاعد جلوس مرتادي الحمّام، وغرف للاستحمام، وخزانات وأماكن تصريف المياه.
وأعرب أمين «الأعلى للآثار» عن سعادته بنجاح البعثة الأثرية المصرية في إزاحة الستار عن هذا الكشف الأثري المهم، على حد وصفه، فيما أوضح رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، أيمن عشماوي، أن مقبرتي الكتاكومب لهما درج ينتهي بردهة مستوية أمام مدخل حجرة الدفن يؤدي إلى حجرة الدفن الرئيسية المربعة الشكل وذات السقف المُقبّى، وبداخلها مواضع الدفن المنحوت في الصخر Loculi، التي كانت مغلقة بإحكام بسدادات من الحجر الجيري.
أما مكان دفن صاحب المقبرة فكان مغلقًا بباب وهمي ترتكز جوانبه على عمودين دوريين نُحتا بطريقة النحت البارز، وفي المنتصف تم تجسيد باب بضلفتين يعلوه إفريز دوري يحتوي على زخرفة الأسنان، ومن تحته توجد مائدة قرابين من الحجر الجيري.
يشار إلى أن مرسى مطروح مدينة وميناء على البحر المتوسط، وهي عاصمة محافظة مطروح، تقع قرب الحدود المصرية مع ليبيا على بعد 350 كيلومترا من القاهرة، وتتميز المدينة بشواطئها ذات الرمال البيضاء الناعمة والمياه الهادئة، وبها الخليج محمي من أعالي البحار بواسطة سلسلة من الصخور تشكل حاجز أمواج طبيعيا، مع وجود فتحة صغيرة للسماح بدخول السفن الخفيفة.
وكانت في عهد المصريين القدماء مدينة صيد صغيرة، وعُرفت في عهد الإسكندر الأكبر باسم «أمونيا»، وفي زمن البطالمة والإمبراطورية البيزنطية عُرفت باسم «بارايتونيون»، وعرفها الرومان باسم «بارايتونيوم»، وأصبحت في عهد الرومان ميناءً مهمًا يتاجر ويصدّر السلع والمحاصيل إلى روما، وفي أثناء الحرب العالمية الثانية، بنى الإنكليز حصنًا عسكريًا شرق المدينة عُرف باسم «حصن باغوش».