بعد يومين من المحادثات الصعبة مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي ومسؤولين كبار في بكين، اختتم مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان زيارته الاستثنائية الهادفة إلى تخفيف التوتر بين القوتين العظميين بلقاء الرئيس شي جينبينغ في قاعة الشعب الكبرى ونائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية الجنرال تشانغ يوشيا في مقر قيادة جيش التحرير الشعبي الصيني.
وأشار شي خلال استقباله سوليفان، في اليوم الثالث والأخير من زيارته لبكين، إلى أنه في هذا العالم المتغير والمضطرب، تحتاج الدول إلى التضامن والتنسيق وليس الانقسام أو المواجهة، لافتاً إلى أن الشعوب تريد الانفتاح والتقدم وليس الإقصاء أو التراجع.
وقال شي، إن الصين والولايات المتحدة، باعتبارهما دولتين رئيسيتين، ينبغي أن تكونا مسؤولتين أمام التاريخ والشعوب والعالم، وأن تكونا مصدراً للاستقرار من أجل السلام العالمي ومحركاً للتنمية المشتركة.
وأوضح شي أنه رغم التغييرات الكبيرة التي حدثت في البلدين وفي علاقاتهما، فإن التزام الصين بهدف إقامة علاقة مستقرة وصحية ومستدامة لم يتغير، كما أنه لم يتغير مبدأ التعامل مع العلاقة على أساس الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين، ولم يتغير موقف الصين في الحماية الصارمة لسيادة أمنها ومصالحها التنموية، ولم تتغير جهودها في المضي قدماً بالصداقة التقليدية بين الشعبين الصيني والأميركي.
وأعرب شي عن أمله في أن يعمل الجانب الأميركي في نفس الاتجاه، وأن ينظر إلى الصين وتطورها بنظرة إيجابية وعقلانية، وأن يرى في تطور كل منهما فرصة وليس تحدياً، وأن يعمل مع الصين على إيجاد طريقة صحيحة لتعايش دولتين رئيسيتين.
وخلال الاجتماع، قال سوليفان لشي إن بايدن «يتطلع للتواصل معكم مجددا في الأسابيع المقبلة». وأضاف: «رئيسنا ملتزم إدارة هذه العلاقة المهمة بشكل مسؤول لضمان عدم تحول المنافسة إلى نزاع أو مواجهة، والعمل معا حيث تتوافق مصالحنا».
لقاء نادر
وفي دلالة على نجاحه في تخفيف التوتر وتحقيق التقارب بين الصين والولايات المتحدة، أجرى مستشار الأمن القومي الأميركي محادثات استثنائية ونادرة مع نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية تطرقت للعديد من القضايا الكبرى.
وفي مستهل الاجتماع، الذي قلما يحدث، قال سوليفان لتشانغ: «من النادر أن تتاح لنا الفرصة لمثل هذا اللقاء»، ودعا إلى تعزيز الاتصالات على مستوى العمل بين الجيشين.
وقال تشانغ لسوليفان: «طلبكم لعقد هذا الاجتماع معي يوضح القيمة لكبيرة التي توليها حكومتكم للأمن العسكري وللعلاقات بين الجيشين الصيني والأميركي»، معتبراً أن سوليفان بصفته مستشاراً لبايدن، يقوم بدور مهم في تشكيل الاستراتيجيات الأمنية الأميركية وتنسيق السياسة تجاه الصين.
واتفق المسؤولان على الإعداد لاتصال بين قائدي مسرح العمليات العسكرية من الجانبين «في المستقبل القريب».
وأكد الجانبان أهمية التواصل العسكري المتبادل الدوري ضمن جهود الحفاظ على دبلوماسية على مستوى عالٍ وفتح خطوط الاتصال مثلما وجّه الرئيسان بايدن وشي خلال قمة وودسايد في نوفمبر 2023».
تواطؤ عسكري
وفي حين أكد سوليفان أهمية الاستقرار في مضيق تايوان والبحر الجنوبي، حذّر المسؤول الصيني الكبير واشنطن من «التواطؤ العسكري» مع تايوان، مشدداً على أن وضع الجزيرة «هو الخط الأحمر الأول الذي لا يمكن تجاوزه في العلاقات الصينية - الأميركية».
وقال تشانغ، بحسب بيان لوزارة الدفاع، «الصين دائماً ما كانت ملتزمة الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان» لكنّ «استقلال تايوان والسلام والاستقرار في مضيق تايوان أمران متعارضان».
وأضاف: «الصين تطالب بأن توقف الولايات المتحدة التواطؤ العسكري مع تايوان وتسليحها والكفّ عن نشر روايات كاذبة متعلقة بها».
في المقابل، أكد سوليفان أهمية «الاستقرار» في مضيق تايوان و«حرية الملاحة» في البحر الجنوبي، الذي يشهد اشتباكات شبه يومية بين بكين ومانيلا.
وأعرب سوليفان «عن قلقه بشأن التحركات الصينية المزعزعة للاستقرار ضد النشاطات البحرية القانونية للفلبين» في بحر الجنوبي المتنازع عليه.
وأثار سوليفان المخاوف الأميركية من الدعم الصيني لقطاع الأسلحة الروسي، مؤكداً أن «لدى واشنطن وبكين مسؤولية تجاه منع المنافسة من التحول إلى صراع أو مواجهة».
وشدد سوليفان أيضاً على «ضرورة تجنب الخطأ في التقدير والتصعيد في الفضاء الإلكترونية، وعلى الجهود المستمرة للتوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار وبشأن الرهائن في غزة».
وهذا الاجتماع هو الأول بين تشانغ ومسؤول من إدارة بايدن، والأول بين مسؤول أميركي كبير ونائب رئيس اللجنة منذ عام 2018.
ويُعتقد أن تشانغ مقرب من شي ويقول دبلوماسيون في الغرب وآسيا إنه أكثر نفوذاً من وزير الدفاع الذي يلتقي أكثر مع المسؤولين الأجانب.
الصين والفلبين
ومع تواصل التوترات في البحر الجنوبي، طالبت الصين أمس، الفلبين بسحب سفينة تابعة لها من جزيرة شيانبين جياو المرجانية، وحذرت من بقائها في المنطقة المتنازع عليها.
في الوقت الذي وصلت فيه التوترات إلى المجال الجوي، قررت الفلبين شراء 40 طائرة مقاتلة متعددة المهام جديدة لتعزيز قدراتها العسكرية.
وقال وزير دفاع الفلبين جيلبرتو تيودورو، في جلسة استماع بالكونغرس بشأن ميزانية وزارته المقترحة لعام 2025، «قررنا أن تكون عمليات الشراء من أجل القدرات التي يمكن أن تحدث فرقاً حقيقياً».