«حياتك نتاج قراراتك»... حكمة شهيرة رغم اختلاف صيغها، فالإنسان يعيش وفقا لقناعاته، يتصرف تبعا لأسلوبه، يتفاعل بما يميز شخصيته، يأكل ويلبس حسب ذوقه، ويتخذ قراراته ليجدها نمط حياته كلها!

فإلى أي مدى نعي قراراتنا؟ وإلى أي درجة يكون التأثير الأكبر بسببنا؟ إذ لا شك أن هناك عوامل كثيرة، لكن في النهاية نحن من يحدد -على الأقل- كيف نتعامل مع هذه العوامل، فالقرار يعود إلينا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

Ad

هل نعترف حقا عندما نقصر؟ عندما نسيء الظن، ونهرع إلى التفسيرات الدرامية؟

نحن (شطّار) فعلاً حين نلقي اللوم على غيرنا! حين نتهم الظروف! أو نتحجج بالتوقيت! نخرج من دائرة المسؤولية، ونلعب دور الأبرياء، المجروحين، تعيسي الحظ! أو فاقدي الصلة بالموضوع برمته!

ننتظر المبادرات، ونعتب عندما لا تحصل، لكننا لا نبادر! نريد من الآخرين أن يفهموا مشاعرنا، أن يتقبلونا، أن يلتمسوا لنا العذر، نحلم بالترحيب، نتوق إلى الاحتواء، نطالب بالاعتذار، لكننا لا نبذل أسبابا، لا نمنح فرصا، لا نمد جسورا، لا نخطو بثبات! لا نصارح ولا نلمّح!

أحيانا نتطرف في حرصنا، أو نتصرف بحساسية باسم الأدب، وعيب، وأخشى أن يُساء فهمي! أو بحجة من حقي، ولن أتنازل! ليس لأن الموقف قد يستدعي، بل لأننا نبحث عن عذر لكي نتهرب! لئلا نتخذ موقفا، نكتم، لا نواجه، نضخّم المعوقات، حتى لا نحسم الأمر!

إعصار من الأفكار... يسحق كل ما في طريقه! فلا يبقي للتأمل والتأني مجالاً! تأجيل، انسحابية، هواجس وظنون، سلبية، تنظر إلى نفسك وموقفك بإحباط!

بسبب النظرة العالمية الرجعية للعواطف... على أنها ضعف! والاستجابة لها قلة نضج! والتعبير عنها يسبب الإحراج! وربما يواجَه بالتحقير والاستخفاف! فما أنت فاعل؟ ستتألم وتستاء! ستنكر وتسخط! ستتبعثر المسألة بين أقطار الخيبة، والعجز والتناسي! صراع يحتدم في أعماقك، يظهر على هيئة ثقة زائفة، تجاهل، واستعراض! حتى ينعكس في تعاملنا مع الطرف الآخر، الذي لا يفهم لماذا تعامله بهذا التناقض!

إن المشاعر بأنواعها موجودة في كل النفوس البشرية، فحين تجد سلوكا حسنا أثنِ عليه، وإن نالك أذى، أفصِح عنه، وإن أردت شيئا فاسعَ إليه.

هل تعلم بأن ما يستقر في صدرك من حزن قد يكون بسببك! في مواقف عديدة... انتظرت ولم تبادر، تسرعت في الحكم ولم تتمهل، أسأت الفهم ولم تتواصل، أُحبِطت ولم تجتهد! ركنت إلى فكرة مؤلمة، آمنت بتفسير سلبي، تمسكت برأي انفعالي... أنت خذلت نفسك! فجأة تكون الحقيقة على العكس تماما! فليس صحيحا أنك تعرضت للإساءة! لم يكن القصد مطلقاً كما اعتقدت! إنما الخطأ هو ما اعتقدت... «وأحسِن كما تُحِب أن يُحسَن إليك، ولا تَظلِم كما تُحِب ألا تُظلَم».