هل ستبقى «بتكوين» في العقد القادم محط اهتمام أم ستتلاشى؟

نشر في 01-09-2024
آخر تحديث 31-08-2024 | 17:39
البتكوين
البتكوين

كانت التوقعات طموحة للبتكوين عام 2009، حيث كان من المأمول أن تُحدث ثورة في الأسواق، لكن الواقع كان مغايراً تماماً.

شهدت السنوات الأولى للعملات المشفرة اضطرابات كبيرة، وتعرضت لانتقادات جمّة بسبب المخاطر المرتبطة بها، ولم تستطع العملات في العقد الثاني من عمرها أن تخرج من دائرة التقلبات والشكوك.

قد يكون من المبكر التكهّن بما سيحدث في السنوات العشر القادمة، لكن يمكن استكشاف بعض السيناريوهات المحتملة لمستقبل البتكوين.

مستقبل البتكوين

- تواجه عملة البتكوين تحديات عديدة تعوق انتشارها على نطاق واسع، أبرزها قضايا اللامركزية وقابلية التوسع والأمان.

- ويعمل مطورو البتكوين جاهدين على إيجاد حلول لهذه التحديات، لكن الجهود المبذولة حتى الآن لم تسفر عن نتائج ملموسة.

اللامركزية

- عند التحدث عن تقنية البلوك تشين والعملات المشفرة، يشير مفهوم اللامركزية بشكل أساسي إلى توزيع ملكية العملة المشفرة بين الأفراد والجهات المختلفة، كذلك إلى توزيع بنية البلوك تشين الجغرافية.

- بعبارة أخرى، تتعلق اللامركزية بمن يمتلك أكبر حصة من العملة المشفرة وأين يتم تخزين سجلات المعاملات.

العملة المشفرة

- صُممت عملة البتكوين لتكون نظاماً لامركزياً، إذ لا تخضع لسيطرة أي جهة مركزية أو حكومة، بهدف توزيع السلطة بشكل عادل بين جميع المستخدمين، وحماية العملة من التلاعب والتدخل الخارجي.

- مع ذلك، تشهد السوق في الآونة الأخيرة تزايداً في عمليات شراء البتكوين من المؤسسات والشركات الكبرى، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة النظام على الحفاظ على طابعه اللامركزي على المدى الطويل.

- ولا تزال عملة البتكوين متاحة بشكل واسع في السوق، لكن من المتوقع أن تستحوذ الكيانات الكبيرة على حصة أكبر من إجمالي المعروض من هذه العملة الرقمية مع مرور الزمن، في ظل اعتبارها أداة استثمارية ذات عوائد محتملة.

- بالتالي، قد تشهد البتكوين زيادة في التركيز على عدد قليل من الحائزين، مما يقلل من توزيع الملكية على نطاق واسع.

البتكوين والبلوك تشين

- كان من المتصور أن تنتشر تقنية بلوك تشين للبتكوين على نطاق واسع بين الجمهور، لتمكين الجميع من المشاركة في هذه الثورة التكنولوجية.

- إلا أن الارتفاع الصاروخي في قيمة العملة المشفرة حفز نشوء مزارع تعدين ضخمة.

- جعل هذا التطور من الصعب على الأفراد العاديين المشاركة الفعالة في هذه العملية، وتركزت السيطرة على سوق التعدين في أيدي هذه المزارع العملاقة.

تحديات النمو

- يشير توسع البلوك تشين إلى زيادة أو نقصان قدرتها على معالجة عدد المعاملات في وقت واحد، لكن القيود الصارمة التي يفرضها بروتوكول البتكوين، التي يتمسك بها مجتمعها ومطوروها بشدة، تمنع البلوك تشين من معالجة جميع المعاملات، ونتيجة لذلك، لا تستطيع البتكوين حتى الآن معالجة أكثر من 6 إلى 8 معاملات في كل ثانية.

- تُعاني شبكة البتكوين من محدودية في قدرتها على معالجة عدد كبير من المعاملات في الثانية، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعاملات وطول أوقات الانتظار.

- وللتغلب على هذه القيود، ظهرت العديد من المقترحات التي تستند إلى مفهوم الطبقة الثانية، ولكن غالباً ما تتطلب هذه الحلول التضحية ببعض ميزات الشبكة الأساسية.

- وعدت شبكة «لايتنينغ»، بتحمل العبء الأكبر من معاملات شبكة بتكوين، وتتمثل الفكرة في معالجة معظم المعاملات على شبكة منفصلة، ثم نقل النتائج إلى سلسلة كتل البتكوين.

- ومع ذلك، يثير هذا الأسلوب العديد من المخاوف بشأن تقلص أمان ولامركزية شبكة البتكوين، علاوة على ذلك، كانت الشبكة تهدف إلى خفض الرسوم وتسريع عمليات المعالجة، إلا أن الاستخدام الفعلي لم يرتقِ إلى مستوى التوقعات.

قضايا الأمن

- دائماً كان الأمن هو الشاغل الأكبر للمستثمرين وأصحاب العملات الرقمية، إذ لا يزال حاملو البتكوين هدفاً رئيسياً لمحاولات الاحتيال والاختراق المستمرة.

- تُعد منصات التمويل اللامركزي والشركات التي تدير مفاتيح خاصة بالنيابة عن عملائها، أبرز الأهداف التي يستهدفها هؤلاء المحتالون.

- ورغم أن تقنية البلوك تشين تتمتع بصلابة أمنية عالية، فإن نقاط الضعف تكمن عادةً في التطبيقات والواجهات التي تتصل بها.

- وتُعد هجمات برامج الفدية ضمن أكثر أساليب العمليات الاحتيالية شيوعاً لسرقة العملات الرقمية، ومن المتوقع أن تستمر في تصدر قائمة التهديدات.

التطورات التنظيمية

- توسعت قاعدة المستثمرين المهتمين بالعملات الرقمية بشكل كبير بعد إتاحة صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة التعامل بعملة بتكوين، مما قد يشجع على إطلاق صناديق مماثلة لعملات وأصول رقمية أخرى.

- ومع ذلك، يصعب التنبؤ بالتشريعات التي ستحكم هذا القطاع في السنوات العشر المقبلة، نظراً إلى تغير المواقف التنظيمية باستمرار.

- تشير الأحكام القضائية الأخيرة، مثل قضية لجنة الأوراق المالية والبورصة الأميركية ضد شركة «ريبل»، إلى أن تصنيف العملات الرقمية كأوراق مالية يعتمد على ظروف البيع، كما أقرّت محكمة أخرى بأن تداول العملات الرقمية بشكل داخلي يخضع لقوانين الأوراق المالية.

- ويمكن أن نستشف من هذه الأحكام وغيرها أن بيئة تنظيم العملات الرقمية ستظل متقلبة في المستقبل القريب، مما يجعل من الصعب على المستثمرين والشركات توقع التوجهات المستقبلية.

خلاصة القول

- يخيم الغموض على مستقبل البتكوين كأداة استثمارية، فمن الصعب الجزم بنجاحها المستقبلي على المدى الطويل، وتبقى قدرة تقنية البلوك تشين على الصمود والتطور موضع تساؤل، ورغم ذلك، فمن المتوقع أن تستمر عملة البتكوين في جذب المستثمرين الذين يقبلون المخاطر العالية.

- من ناحية أخرى، من المتوقع أن يشهد بروتوكول البتكوين تطورات مستمرة في سبيل تحسين كفاءته وأمنه.

ورغم عدم وجود إجماع بشأن مستقبل العملات الرقمية وسلاسل الكتل، إلا أنها ستظل محط أنظار العالم في العِقد المقبل، وسط تقلبات متسارعة وتغيرات مستمرة.

back to top