تحولت المواجهات الدائرة بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، بموازاة حرب غزة، إلى «حرب شوارع»، مع تمسّك سلطات الاحتلال بمواصلة حملتها العسكرية التي أطلقتها منذ 5 أيام، والتي توصف بالأكبر منذ عقدين، بزعم «القضاء على خلايا مسلحة تتحرك بدعم وإيعاز من إيران».

وباتت شوارع ومدن شمال الضفة، وخاصة جنين وطوباس وطولكرم ومخيم نور شمس، بمنزلة ساحة معركة جديدة، تشهد اشتباكات وتفجيرات وغارات جوية وحصاراً أمنياً، لا تقل وطأة عن المواجهات التي يشهدها قطاع غزة المعزول والمحاصر، إذ ارتدت الاشتباكات على الداخل الإسرائيلي بتنفيذ عناصر فلسطينية لهجوم مزدوج على مستوطنات بينها غوش عتصيون.

Ad

وأفاد الجيش الإسرائيلي بمقتل فلسطينيين، ليل الجمعة - السبت، كانا يعتزمان تنفيذ هجمات باستخدام عبوات ناسفة قرب المستوطنات المحازية لشمال الضفة.

وذكر أن «إرهابيا حاول تنفيذ هجوم بسيارة مفخخة» بمحطة وقود قرب عتصيون، فيما قام آخر بـ «التسلل إلى مستوطنة كرمي تسور بسيارة»، حيث قتل المهاجمان وأصيب 3 إسرائيليين بينهم قائد لواء بجراح متوسطة وطفيفة.

وفي تطور بارز، كشفت تقارير عبرية عن وقوع اشتباكات ضارية بين الجيش والفلسطينيين في جنين ومخيمها، تخللها استخدام مسلحين صواريخ محمولة على الكتف لأول مرة، مما تسبب في مقتل جندي وإصابة آخرين في «حدث أمني صعب».

وأجبرت إسرائيل سكان مناطق بحيي الدمج والجابريات ومخيم جنين على مغادرة منازلهم، برابع أيام حملتها العسكرية، مع اشتداد القتال الذي شاركت به مروحيات الأباتشي ومسيّرات عسكرية، فيما دفع جيش الاحتلال بتعزيزات كبيرة إلى مدينة الخليل، وقام بعملية تمشيط واعتقالات واسعة وأغلق الحرم الإبراهيمي.

وجاء ظهور الصواريخ المضادة للدروع بعد نحو أسبوعين من تأكيد مصدر إيراني لـ «الجريدة» أن «فيلق القدس» نجح في تهريب أسلحة عبر الفصائل المتحالفة معه بالمنطقة إلى الضفة الغربية، وأنهم يعملون حالياً على إيجاد مسارات لإدخال أسلحة ثقيلة إلى هناك لاستنزاف القوات الإسرائيلية.

إشادة واستعداد

من جهتها، تحدثت «حماس» عن «عملية بطولية مزدوجة» ليلا قرب غوش عتصيون وكرمي تسور شمال مدينة الخليل، معتبرة أنها «صفعة جديدة لمنظومة الاحتلال الأمنية».

ورأت الحركة أن العملية «رسالة واضحة بأن مقاومة الفصائل ستبقى ضاربة وممتدة ومتواصلة طالما استمر عدوان الاحتلال الغاشم في الضفة وغزة».

وأكد مصدر قيادي بالحركة أنها وفصائل المقاومة أعدت نفسها لأيام طويلة من المواجهة والاشتباك بالضفة، لافتاً إلى أن الفصائل أعادت توزيع وحداتها بشمال الضفة، بما يفشل العملية الإسرائيلية.

وفيما طالب محافظ جنين التابع للسلطة الفلسطينية المتمركزة في رام الله، كمال أبو الرب، سلطات الاحتلال بهدنة إنسانية لمدة ساعتين، بهدف السماح للسكان بنقل المرضى والجرحى للمستشفيات والتزود بالمواد الأساسية، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى وقف فوري للعملية الإسرائيلية في الضفة، مطالباً بضرورة حماية المدنيين.

وبينما ذكرت مصادر طبية أن 26 فلسطينياً قتلوا في الضفة، أوضحت حركتا حماس والجهاد أن 13 من القتلى ينتمون إلى جناحيهما العسكريين، «كتائب القسام» و«سرايا القدس».

وفي غزة، تسببت الاعتداءات الإسرائيلية بمقتل 89 شخصاً خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ليرتفع بذلك عدد القتلى الفلسطينيين جراء الحملة العسكرية على القطاع، منذ 7 أكتوبر الماضي، إلى 40691.

وأتت تلك التطورات التي تنذر بالمزيد من التصعيد الميادني، في وقت أكدت قنوات «حماس» أن جولة المفاوضات الأخيرة غير المباشرة بين الحركة وإسرائيل بالعاصمة القطرية الدوحة «لم تحقق أي تقدم أو اختراق» في أي من الملفات العالقة بين الطرفين، خاصة بعد أن أصر الجانب الإسرائيلي على وجود 5 نقاط مراقبة على طول محور فيلادلفيا، بعمق يمتد بين 300-400 متر في قلب أحياء مدينة رفح، وهو ما رفضته الحركة ومصر.

واعتبر مسؤولون في «حماس» أن التصويت في مجلس الوزراء الإسرائيلي، أمس الأول، على بقاء الجيش في محور فيلادلفيا، يعني «إغلاق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باب المفاوضات بشكل كامل» من أجل مواصلة الحرب والاحتلال.

في موازاة ذلك، كشفت تقارير أن الوسيط الأميركي «حاول تركيز المفاوضات على الملفات الأقل صعوبة، مثل مفاتيح تبادل الأسرى، ومواصفات الأسرى الفلسطينيين الذين سيجري إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من عملية تبادل الأسرى»، مشيرة إلى أن «هذا الأسلوب لم يحقق أي اختراق، إذ واصل الجانب الإسرائيلي تحفظه عن أسماء 65 أسيراً فلسطينياً، وتمكسه بمبدأ إبعاد عدد كبير من الأسرى إلى خارج الأراضي الفلسطينية».

وشهدت مفاوضات الدوحة تراجعاً إسرائيلياً عن موافقة سابقة على الانسحاب من محور نتساريم.

تطعيم الشلل

على صعيد آخر، أعلن مسؤول الرعاية الصحية، التابعة لـ «حماس» بغزة، الطبيب موسى عابد، بدء حملة التلقيح ضد شلل الأطفال وسط القطاع، بعد إعلان الأمم المتحدة موافقة إسرائيل على «هدن إنسانية» للسماح بتلقيح نحو 640 ألف طفل، رغم الحرب المستمرة منذ نحو 11 شهرا. ومن المقرر أن تعمل الحملة خلال فترات توقف للقتال لمدة 8 ساعات يومياً.