بعد أن كان يجري وحيداً في مضمار الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من أكتوبر المقبل، بات الرئيس التونسي قيس سعيد، الطامح الى ولاية ثانية، يواجه منافسة من خمسة مرشحين، أبرزهم الإسلامي عبداللطيف المكي، ومنذر الزنايدي أبرز وزراء زين العابدين بن علي، بعد أن قضت المحكمة الإدارية، وهي أعلى هيئة قضائية في تونس، في أحكام باتّة غير قابلة للطعن، بإعادتهما مع عماد الدايمي إلى السباق الرئاسي ما خلط الأوراق مجددا، وأثار جدلا متصاعدا قبل شهر من الانتخابات.
وشددت المحكمة الإدارية في بيان على أن أحكامها باتّة وغير قابلة لأيّ وجه من أوجه الطّعن، ولو بالتّعقيب طبقًا لمقتضيات القانون الانتخابي، ما رفع عدد المترشحين للانتخابات الرئاسية إلى 6 هم زهير المغزاوي والعياشي زمال وقيس سعيد والمنذر الزنايدي وعبداللطيف المكي وعماد الدايمي.
ويأتي هذا البيان ردّا على تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر تعليقا على أحكام «الإدارية»، قال فيها إن الهيئة ستعلن القائمة النهائية للمقبولين بعد التثبت من تعليل المحكمة الإدارية والتثبت من أحكام جزائية في قضايا لا تزال جارية في حق مرشحين اتهموا «بتزوير» تزكيات ناخبين.
وأكد بوعسكر أن الهيئة هي الجهة الدستورية الوحيدة التي ائتمنها الدستور على ضمان سلامة المسار الانتخابي.
وسرعان ما تفجر جدل حاد على منصات التواصل، رافقته موجة استياء وغضب على تصريحات بوعسكر، وهو ما دفع هيئة الانتخابات إلى غلق التعليقات على صفحتها الرسمية على شبكة التواصل.
في هذا السياق، اعتبر القاضي الإداري السابق أحمد صواب، أحد أبرز رجال القانون في تونس، أن المحكمة الإدارية هي الجهة المخولة قانونا للبت في النزاعات الانتخابية، وقد أصدرت حكما باتا ونهائيا ولا يقبل أي وجه من وجوه الطعن.
وأكد صواب في تصريح صحافي أن القانون الانتخابي «واضح وضوح الشمس»، وينص على أن تعلن هيئة الانتخابات عن القائمة النهائية للمرشحين، آخذة بعين الاعتبار أحكام المحكمة الإدارية، وأنه ليس على هيئة الانتخابات سوى تطبيق أحكام «الادارية» بإرجاع المرشحين.
من جهتها، وصفت أستاذة القانون العام، سناء بن عاشور تصريحات بوعسكر بأنها «محض هراء، حيث تتصرف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كسلطة إشرافية عليا بينما قراراتها إدارية ويمكن أن تبطلها المحاكم». ورأى الوزير السابق عبدالوهاب معطر في تصريحات رئيس هيئة الانتخابات، «لعبا بالنار»، مؤكدا أنه لا يوجد نص قانوني يسمح للهيئة بالطعن في أحكام المحكمة الإدارية، فيما أشار القيادي بحزب التيار الديموقراطي المعارض، هشام العجبوني إلى أن بوعسكر «نصب نفسه رئيسا لمحكمة دستورية غير موجودة».
جاء ذلك فيما انتقد المرشح الرئاسي زهير المغزاوي، المؤيد لسعيد، «غياب الإعلام العمومي» (الحكومي) عن تغطية مؤتمره الصحافي الأخير، في خطوة اعتبرها «غير مقبولة ومن شأنها أن تعود بتونس إلى حقبة الاستبداد التي قطعت معها الثورة»، مطالبا بإجراء مناظرة تلفزيونية بين مختلف المترشحين للانتخابات الرئاسية.
ومن المقرر أن تعلن هيئة الانتخابات في الثالث من سبتمبر الجاري القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، على أن تنطلق في 14 من نفس الشهر الحملة الانتخابية ويتوجه التونسيون لصناديق الاقتراع في السادس من أكتوبر المقبل وسط توقعات بنسبة مشاركة ضئيلة في ظل تساؤلات جدية عن تراجع اهتمام التونسيين بالانتخابات.