ما يجري في غزة... مكيدة إسرائيلية

نشر في 01-09-2024
آخر تحديث 31-08-2024 | 19:34
يبدو أن الأمور تتجه لتأكيد أن حكومة نتنياهو «جرّت رِجْل حماس» وبقية الفصائل الفلسطينية الإسلامية المسلحة لهذه المواجهة العسكرية التي لا تزال جارية بعد مرور حوالي أحد عشر شهراً، بدافع القضاء النهائي على هذه المقاومة بعد خمس مواجهات سابقة بينهما.
 يوسف الشايجي

من عادتي أن أحتفظ ببعض التقارير أو المقالات، سواء التي لم يتسنّ لي الوقت لقراءتها، لكي أقرأها في وقت لاحق، أو التي أرغب في الاحتفاظ بها.

وبالمصادفة، وأنا أبحث في هذه التقارير والمقالات، قبل فترة قريبة، لفت انتباهي هذا التقرير الخاص «بتصريح وزيرة الاستيطان الإسرائيلية بالتهديد بالعودة إلى قطاع غزة»، المنشور في جريدة القبس (صفحة 18 القبس الدولي) بتاريخ الخميس غرة رمضان 1444هـ، الموافق 2023/3/23 تحت عنوان: «وزيرة الاستيطان تهدد بالعودة إلى غزة: جزء من الكيان».

أي أن ذلك كان قبل بداية القتال الجاري بغزة في 2023/10/7 بما سُمّي بعملية «طوفان الأقصي» من قبل «حماس»، بستة أشهر ونصف الشهر.

ويأتي تصريحها أو تهديدها، بعد إلغاء «الكنيست» الإسرائيلي قانون «فك الارتباط»، الذي يسمح للمستوطنين بالعودة إلى 4 مستوطنات في قطاع الضفة الغربية أخليت عام 2005، لكنّه لم يشمل العودة إلى المستوطنات التي أخلاها الاحتلال بقطاع غزة عام 2005.

ويجرنا هذا التقرير وتهديد الوزيرة الإسرائيلية وإلغاء «الكنيست» قانون فك الارتباط، الذي لم يشمل العودة إلى مستوطنات غزة، إلى القول الذي تردد في بداية القتال بين «حماس» وإسرائيل في 10/7، ففي الوقت الذي حمّل فيه العديد من الإسرائيليين حكومة نتنياهو مسؤولية التسيب والإهمال الأمني من قبل جهات الأمن الإسرائيلية، اللذين ساهما وساعدا «حماس» على القيام بعمليتها (طوفان الأقصي)، تلك العملية التي كلّفت إسرائيل الكثير من قتلاها وأسراها، فضلاً عن إضعاف هيبة الجيش الإسرائيلي ومكانته، كان هناك قول أو رأي آخر مقابل هذا الرأي يفيد بأن عملية الإهمال والتراخي تلك من قبل الجهاز الأمني الإسرائيلي في صبيحة يوم 7 أكتوبر 2023 كان «متعمداً»، حتى تعطي الحكومة والجيش الإسرائيلي الحجة والمبرر للهجوم العسكري الكاسح على قطاع غزة، والذي تم خلال ساعات وجيزة بعد عملية الطوفان، «بحجة الدفاع عن نفسها وحماية شعبها»، وهو ما حصل فعلاً.

وما تلا ذلك من أحداث، والتشدد الإسرائيلي بعدم الانسحاب من القطاع حتى يقضي على المقاومة المسلحة بالكامل بما فيه تصريح نتنياهو الشهير بأن «الوضع في غزة لن يرجع مستقبلاً كما كان قبل 2023/10/7»، كل هذه الأحداث تتفق تماماً مع ما جاء في التقرير المذكور من تهديدات وزيرة الاستيطان وتصورها للعودة إلى غزة «جزء من أرضنا.. سيأتي يوم نعود إليه».

وبمراجعة دقيقة لكل ما تقدم، يتضح أن الأمور تتجه لتأكيد أن حكومة نتنياهو «جرّت رِجْل حماس» وبقية الفصائل الفلسطينية الإسلامية المسلحة لهذه المواجهة العسكرية التي لا تزال جارية بعد مرور حوالي أحد عشر شهراً، بدافع القضاء النهائي على هذه المقاومة بعد خمس مواجهات سابقة بينهما.

والنتيجة لكل ذلك هذه الكارثة أو المجزرة الإنسانية التي ما زالت تحدث في غزة طوال هذه الأشهر، ويدفع ثمنها بالدرجة الأولى الضحايا من أطفال وعجائز ومشايخ غزة، والدمار الهائل الذي أصاب جميع أوجه الحياة فيها.

وهذا بالمناسبة، ما تتحجج به إيران عند مطالبتها بالرد علي الهجوم الإسرائيلي على سيادة أراضيها عقب اغتيال مدير المكتب السياسي السابق لـ «حماس»، الراحل إسماعيل هنية، بأنها سترد علي ذلك حفظاً لكرامتها وحرصاً على مكانتها، لكنّها ستكون حريصة جداً في هذا الرد، على ألّا تنجر لخدعة إسرائيل بالدخول في مواجهة شاملة.

back to top