أعلن وزير خارجية جيبوتي، محمود يوسف، أن بلاده عرضت على أديس أبابا إدارة ميناء تاجورة شمال جيبوتي، لضمان وصول إثيوبيا إلى البحر، بعد تصاعد التوتر في القرن الإفريقي، مع إرسال مصر أسلحة ومعدات عسكرية الى حكومة الصومال، التي ترفض اتفاقاً توصلت اليه أديس أبابا مع إقليم «أرض الصومال - صوماليلاند» لمنحها شريطاً من الأراضي الساحلية وقاعدة عسكرية مقابل اعتراف إثيوبي باستقلال الإقليم الذي أعلن انفصاله من جانب واحد عن مقديشو عام 1991.
وقال يوسف، الذي حظيت بلاده بتأييد بالإجماع من مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي لدعم مرشحها لرئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي، في تصريحات لهيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي»، إن هذا العرض جزء من الجهود الرامية إلى تخفيف التوترات في منطقة القرن الإفريقي.
ويتضمن الاقتراح، وفقاً ليوسف، إدارة إثيوبيا لميناء تاجورة واستخدام ممر تم إنشاؤه حديثاً. وتستخدم اثيوبيا الميناء منذ 4 سنوات.
وقال الوزير الجيبوتي، إنه «على الرغم من أن جيبوتي دولة مستقرة وآمنة تماماً، فإننا لا نستطيع أن نقول إن التوترات في الدول المجاورة لا تؤثر علينا». وأشار يوسف إلى أن رئيس جيبوتي إسماعيل جيله يعتزم لقاء زعماء المنطقة في منتدى التعاون الصيني ـ الإفريقي الذي يعقد في بكين الأسبوع المقبل لمناقشة هذه القضية.
واستقبل مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري، اليوم ، في القاهرة رئيس وزراء جمهورية الصومال حمزة عبدي بري.
وأكد مدبولي خلال اللقاء «دعم مصر الكامل للصومال الشقيق، وحرص الدولة المصرية على دعم وحدة الصومال»، مضيفاً أن الفترة المُقبلة تحمل خيراً كبيراً للصوماليين.
وجدد مدبولي «التزام الدولة المصرية وحرصها الكامل على تقديم الدعم اللازم للصومال الشقيق في كل المجالات»، مضيفاً أن «تحقيق وحدة الصومال ودعم أشقائنا الصوماليين في هذه المرحلة يعد أحد أهم أولويات الدولة المصرية».
وبعد اللقاء، أشاد السفير الصومالي لدى القاهرة علي عبدي أواري بـ «الجهود المصرية المبذولة لتعزيز العلاقات مع الصومال»، مشيراً إلى أن «العلاقات تشهد منعطفاً تاريخياً في هذه المرحلة».
وشدد على «حرص بلاده على التشاور والتنسيق وتبادل الرؤى ووجهات النظر مع القيادة المصرية إزاء سبل التعامل مع التحديات التي تواجه المنطقة والعالم بأسره، فمصر هي قلب العروبة النابض والشقيقة الكبرى».
وفي خطوة يعتقد أنها رد على إرسال مصر معدات وقوات عسكرية إلى الصومال، أعلنت إثيوبيا أن رئيس إقليم «صوماليلاند»، موسى عبده، تسلم أوراق اعتماد السفير الإثيوبي الجديد تيشومي هاميتو، الذي تم تعيينه أخيراً في الإقليم.
وأصدرت حكومة «صوماليلاند» بياناً انتقدت فيه «إرسال قوات مصرية إلى دولة الصومال»، في إشارة إلى إعلان القاهرة استعدادها لإرسال قوات مصرية للمشاركة في قوة حفظ سلام جديدة بالصومال.
وفي الصومال، أثارت الخطوة المصرية ردود فعل مختلفة في الولايات التي تتمتع بصلاحيات فدرالية، خصوصاً في ولاية جنوب غرب الصومال. ونظمت تظاهرات في باكول وهيران وباي وجيدو ضد اتفاق التعاون العسكري المصري - الصومالي الذي تم توقيعه على هامش زيارة الرئيس الصومالي الى القاهرة الشهر الماضي.
وخلال تظاهرة، قال حاكم منطقة باكول في ولاية جنوب غرب الصومال، محمد عبدي، أمام المتظاهرين: «نحن لا نريد قوات مصرية هنا». وعندما سأل الحشد: «هل تريدون مصر؟» أجابوا: «لا».
في المقابل، دان النائب الصومالي محمد أبوبكر، من ولاية جنوب غرب البلاد، التظاهرة المناهضة لمصر ومشاركة سلطات المنطقة فيها، ووصفها بأنها «عمل خياني»، وحث مقديشو على تسريع نشر «قوات عسكرية جاهزة».
إلى ذلك، تواصل التراشق غير الرسمي على وسائل التواصل بين صفحات مصرية وأخرى مغربية، على خلفية زيارة أجراها رئيس الأركان الإثيوبي إلى الرباط قبل أيام.
وقالت صحيفة هسبريس الإلكترونية، إن التقارب العسكري الأخير بين المغرب وإثيوبيا أثار ردود فعل سلبية في الأوساط غير الرسمية المصرية، حيث تم اعتباره تقارباً قد يضر بالمصالح القومية للقاهرة التي تشهد علاقتها مع إثيوبيا توتراً بسبب أزمة سد النهضة.
ونقلت «هسبريس» عن أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، عباس الوردي، قوله إن «الأولويات بالنسبة للرباط وأديس أبابا ذات طبيعة براغماتية تسعى إلى تجاوز حالة الانفلات الأمني التي تشهدها مجموعة من البقع الجغرافية داخل إفريقيا»، مؤكداً أن «العلاقات بين البلدين لا تؤثر على علاقات الرباط والقاهرة».
تأتي تلك التطورات فيما أعلنت إثيوبيا، الثلاثاء الماضي، انتهاء أعمال البناء الخرساني لسد النهضة، والانتقال لمرحلة التشغيل، وهو إعلان لم يلق أي تعليق رسمي من جانب مصر أو السودان.
ويوضح أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن الإعلان الإثيوبي يعني «انتهاء أعمال بناء السد الخرسانية بنسبة 99.5 بالمئة، بينما البحيرة الخاصة بالسد مكتملة من ناحية تخزين المياه»، مضيفاً أن إثيوبيا ستكمل التخزين «النهائي» للمياه حتى الأسبوع الثاني من سبتمبر، وبالتالي يكون «السد اكتمل نهائياً» بسعة تفوق الـ 64 مليار متر مكعب.
ويؤكد شراقي أن «الهدف الرئيس من سد النهضة هو توليد الكهرباء عبر 13 توربيناً، بينما تم تركيب 4 توربينات فقط بالسد حتى الآن».
ويشير إلى أنه في حال عمل 4 توربينات وتشغيلها سيتم «تمرير كمية من المياه» سيصل جزء منها إلى مصر على مدار شهور. لكن إذا كان تشغيل التوربينات «ضعيفاً»، فعلى إثيوبيا «تفريغ المياه مرة أخرى»، قبل موسم المطر القادم في مايو 2025، وإلا سوف ينهار سد النهضة، حسبما يوضح أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية.
ويشدد شراقي على أن «نهر النيل بمنزلة شريان حياة للمصريين، ولا يجوز لإثيوبيا التصرف بشأنه وكأنه نهر إثيوبي». وحصة مصر من مياه النيل «تأثرت وتضررت» بالفعل بتخزين إثيوبيا 23 مليار متر مكعب بسد النهضة هذا العام، مما يمثل «نصف الحصة المصرية»، وفق شراقي.