ضمن أمثلة اعتبرها قاطعة، أورد التقرير الأسبوعي لمركز الشال الاقتصادي عدداً من الشواهد على تضييع الإدارة العامة جهدها واستهلاك ما تبقى من مصداقيتها، مبيناً أن في مقدمة تلك الأمثلة الضجة التي أثيرت حول «البصمة الثالثة»، وقبلها مخالفات البناء، وبعدها أزمة الكهرباء.

ورأى «الشال» أن فرض البصمة الثالثة بقرار وزاري يعني أن النظام الإداري خرب، فإذا كان مسؤولو المؤسسات العامة عاجزين عن ضبط الحضور والغياب وفق سلطاتهم، فالمؤكد أنهم عاجزون عن إنتاج خدمة أو سلعة سليمة، لافتاً إلى أن الإدارة العامة تهدر كل الوقت والجهد على قضايا هامشية هي مجرد ظواهر لأمراض استوطنت.

Ad

وأكد أن المرض الحقيقي يكمن في تضخم أرقام البطالة المقنعة، وأن ذلك لن يعالج بالبصمة الثالثة أو الرابعة أو حتى الخامسة «ونعتقد أنه إجراء سيتوقف بعد أن يستهلك وأمثاله الثقة بالإدارة العامة»، مبيناً أن الاقتصاد عاجز عن خلق وظائف مواطنة مستدامة، وهناك انفصال شبه كامل بين مخرجات التعليم الهابط المستوى ومتطلبات سوق العمل.

وأضاف التقرير أن نتائج فرض البصمة وما خلفته من ازدحام مفاجئ في مقار العمل كشفت أن الغلبة في مؤسسات القطاع العام كانت للغياب، وذلك لا يستوي وكرم مكافآت الأعمال الممتازة التي شملت المؤسسات التي تدهورت نوعية خدماتها، مثل التعليم والصحة والبنى التحتية، وسبقتها مكافآت الصفوف الأمامية لثلثي موظفي القطاع العام في زمن الحد الأقصى للمداومين هو الثلث، وبينهما شراء إجازات موظفي القطاع العام، حتى لا تتأثر إنتاجيتهم أثناء غياب الإجازة، ومع هذه المزايا أصبحت منافسة مغريات الوظيفة العامة شبه مستحيلة.

وشدد على أن غياب المشروع النهضوي التنموي هو أصل كل مشكلات البلد، ويفترض أن ينصبّ تركيز الإدارة العامة على تبنّي مثل هذا المشروع، مع اقترانه ببرنامج نفاذ زمني ملزم وسريع، وقائمة ثواب للنجاح وعقاب للفشل، وذلك لن يحدث سوى بالارتقاء بمستوى تلك الإدارة العليا إلى مستوى الفهم والإيمان بأسبقية الأهداف الكبرى، لافتاً إلى أن الأولوية الأولى للسياسات يفترض أن تكون فك ارتهان تدريجياً لكل متغيرات اقتصاد البلد بحركة أسعار النفط وإنتاجه.

وصاية الحكومة على مؤهلات «الخاص» استهلاك لمصداقيتها

اعتبر تقرير «الشال» أن فرض الحكومة وصايتها على مؤهلات عمالة القطاع الخاص العلمية يشكل مثالاً واضحاً على ضياع الجهد واستهلاكاً لما تبقى من مصداقية الإدارة العامة في الكويت.

وأضاف التقرير أنه لابد للسياسات العامة أن تسنّ وتطبّق وفق منهج يوائم بين حركة كل المتغيرات على مدى زمني يبدأ بالقصير وينتهي بالطويل، داعياً الإدارة العامة إلى الشعور بضخامة مسؤوليتها تجاه مستقبل صغار المواطنين.

وفي تفاصيل الخبر:

قال التقرير الأسبوعي لمركز الشال الاقتصادي، إنه لا بُد للسياسات العامة أن تسنّ وتطبّق وفق منهج يوائم بين حركة كل المتغيرات على مدى زمني يبدأ بالقصير وينتهي بالطويل، والأولوية الأولى لتلك السياسات يفترض أن تكون فك ارتهان تدريجي لكل متغيرات اقتصاد البلد بحركة أسعار النفط وإنتاجه، أو باختصار، صافي إيرادات النفط.

وأضاف التقرير، أن صافي إيرادات النفط يتآكل لمجموعة من الأسباب، أولاها ارتفاع النفقات العامة المتصلة وعدم ارتباطها بمشروع نهضوي، ثانيها الضغوط على أسعار وإنتاج النفط إلى الأدنى، ثالثها الارتفاع المتصل لتكاليف الإنتاج، ورابعها الزيادة السكانية وزيادة استهلاك المشتقات النفطية على حساب التصدير، وخامسها الارتفاع المتصل لأسعار السلع في العالم، أو الضغوط التضخمية، ما يهبط بقيمتها الحقيقية في بلد يستورد كل احتياجاته من الخارج.

وبيّن التقرير خطورة الاعتماد شبه الكامل على صافي إيرادات النفط بأنها تكمن في انعكاس مخاطر عجزها على كل مناحي الحياة في البلد، مثل الوظيفة والتعليم والسكن والصحة والبنى التحتية، في وقت تهدر الإدارة العامة كل الوقت والجهد على قضايا هامشية هي مجرد ظواهر لأمراض استوطنت.

وضرب التقرير مثالاً قاطعاً لضياع الجهد ومعه استهلاك لما تبقى من صدقية الإدارة العامة، تلك الضجة التي أثيرت حول «البصمة الثالثة»، وقبلها مخالفات البناء، وبعدها أزمة الكهرباء، وفرض وصاية الحكومة على مؤهلات عمالة القطاع الخاص العلمية، فالبصمة لضمان التواجد في مقر العمل واجب، وعدمها معيب، وأجرها غير مستحق، لا خلاف على ذلك، ولكن الغياب هو ظاهرة لما هو أعمق من فرض التواجد، فالتواجد لا بُد أن يرتبط بالإنتاجية والسعة المكانية، ومع عدم ربطه بالإنتاجية وعدم توافر السعة المكانية، قد يؤدي التواجد في معظم أماكن العمل المزدحمة إلى مزيد من تدهور الإنتاجية.

وأوضح «الشال» أن فرض البصمة الثالثة بقرار وزاري يعني أن النظام الإداري خرب، فإذا كانت قيادات ومسؤولو المؤسسات العامة عاجزين عن ضبط الحضور والغياب وفق سلطاتهم، فالمؤكد أنهم عاجزون عن إنتاج خدمة أو سلعة سليمة.

وأشار إلى أننا إذا كنا نتكلم عن قطاع عام واحد وبلد واحد، فمن الواضح من نتائج فرض البصمة وما خلفته من ازدحام مفاجئ في مقار العمل، هو أن الغلبة في مؤسسات القطاع العام كانت للغياب، وذلك لا يستوي وكرم مكافآت الأعمال الممتازة التي شملت المؤسسات التي تدهورت نوعية خدماتها، مثل التعليم والصحة والبنى التحتية، وسبقتها مكافآت الصفوف الأمامية لثلثي موظفي القطاع العام في زمن الحد الأقصى للمداومين هو الثلث، وبينهما شراء إجازات موظفي القطاع العام، حتى لا تتأثر إنتاجيتهم أثناء غياب الإجازة، ومع هذه المزايا أصبحت منافسة مغريات الوظيفة العامة شبه مستحيلة.

وشدد التقرير على أن المرض الحقيقي لن يعالج بالبصمة الثالثة أو الرابعة أو حتى الخامسة، ونعتقد أنه إجراء سيتوقف بعد أن يستهلك وأمثاله الثقة بالإدارة العامة، المرض الحقيقي هو في تضخم أرقام البطالة المقنعة، فالاقتصاد عاجز عن خلق وظائف مواطنة مستدامة، وهناك انفصال شبه كامل بين مخرجات التعليم الهابط المستوى ومتطلبات سوق العمل، وكل تلك البطالة المقنعة مع القادمين الجدد إلى سوق العمل، ستتحول إلى بطالة سافرة، يؤكدها العجز المتصل لصافي إيرادات النفط.

فالحساب الختامي للسنوات المالية 2014/ 2015 إلى 2023/ 2024 حقق عجزاً في 9 سنوات من أصل 10، وفائضاً في سنة واحدة فقط، بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية، وبلغ صافي قيمة العجز لتلك السنوات العشر 34.93 مليار دينار.

وختم «الشال»: غياب المشروع النهضوي التنموي هو أصل كل مشكلات البلد، ويفترض أن ينصبّ تركيز الإدارات العامة على تبنّي مثل هذا المشروع، ليس فقط بتبويب أولويته على صدر صفحات خططها وبرامجها، وإنما مقترناً ببرنامج نفاذ زمني ملزم وسريع، وقائمة ثواب للنجاح وعقاب للفشل، وذلك لن يحدث سوى بالارتقاء بمستوى تلك الإدارة العليا إلى مستوى الفهم والإيمان بأسبقية الأهداف الكبرى، والشعور بضخامة مسؤوليتها تجاه مستقبل صغار المواطنين.