هل نهدم نحن ما تبنيه الدولة ومؤسساتها المدنية؟!
معظم جمعيات النفع العام ومؤسسات المجتمع الوطني أصبحت عبئاً على الدولة، ومعوقة لخططها التنموية، بدلاً من أن تكون موجَّهة لمصالح المواطنين وداعمة للدولة ومؤسساتها وخططها التنموية!
هل تحوَّلت مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني من جمعيات تهدف إلى نشر الوعي ومبادئ العدل والمساواة والإخاء والتسامح بين أبناء المجتمع ودعم مؤسسات الدولة وتصحيح مساراتها إلى جمعيات تزرع بذور التشرذم والطائفية والعنصرية والطبقية، وتنشر ثقافة الاصطفاف السياسي والحزبي والقبلي والطائفي والديني والمناطقي وتعطيل العمل المؤسسي؟
لذا، فإنني أرى أهمية متابعة ومراقبة أنشطة وفعاليات جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، وإعادة النظر في دورها، فلا يصح ولا يجوز أن تستمر بعض الجمعيات والمؤسسات المدنية الخاملة أو تلك التي تنخر في كيان المجتمع ومؤسسات الدولة وتعوق التنمية البشرية والاقتصادية والمجتمعية.
سيخرج لنا البعض ويتشدَّق بمصطلحات الديموقراطية والحرية والرأي والرأي الآخر، ويحاول تفنيد وجهة نظرنا، وينفي وجهة نظرنا جملةً وتفصيلاً! ويأتي ببعض الأمثلة، والتي ربما تكون صحيحة وصادقة لبعض الجمعيات والمؤسسات الجيدة والنشيطة، لكنها لا تمثل الواقع الحقيقي لدحض وجهة نظري!
من خلال خبرتي وتعاملي مع العديد من جمعيات النفع العام وبعض مؤسسات المجتمع المدني، فإنني أشعر بالنَّفس الطائفي والقبلي والحزبي والديني والمناطقي والطبقي! كما أشعر بخمول هذه المؤسسات وعدم فاعليتها طوال السنة! ولا تنشط معظم هذه الجمعيات والمؤسسات المدنية، في معظم الأحوال، إلا عندما تمس مصالحها الحزبية والدينية والقبلية والطائفية والمناطقية والطبقية! فهل نحن فعلاً في خطر؟
أتمنى ألا يتهمني بعض المتمصلحين والمستفيدين من وجود هذه الجمعيات والمؤسسات المدنية بالتعسف ومصادرة الحقوق المدنية، فالواقع أن توجهات وأنشطة وممارسات معظم القائمين على هذه الجمعيات والمؤسسات المدنية ينمُّ عن التعنصر والتشرذم والاصطفاف في كثير من المواقف والأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
الأغلبية لا تريد إثارة هذا الموضوع، لأن به ضرراً للجميع، وكشفاً لحقائق وواقع مرير! والبعض اتفق مع البعض الآخر في هذه الجمعيات والمؤسسات المدنية، على أن من مصالح الطرفين غض النظر والتجاهل والتغافل عن الطرف الآخر، وتبادل المصالح العنصرية الضيقة، وأن الوضع والظروف الاجتماعية والسياسية والبيئة الثقافية وتركيبة المجتمع ومكوناته تتسع وتقبل التعنصر والاصطفاف والتحزب والقبلية والطائفية المستترة!
هل نحن بالفعل نقلنا تشرذمنا المجتمعي وعنصريتنا وتوجهاتنا السياسية والدينية والحزبية والقبلية والطائفية والمناطقية إلى جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام؟!
وهل نحن فعلاً نحارب الدستور وأنظمة ومؤسسات الدولة المدنية، من خلال مؤسسات المجتمع المدني المستترة خلف أفكار التطرُّف والعنصرية والحزبية والطائفية والقبلية والمناطقية والطبقية؟!
ودمتم سالمين.