في الصميم: نعم... من سيفزع لنا هذه المرة؟!
شاهدت لقطات مؤثرة لأخ كويتي يتحدث فيها عن نقاش منطقي وعقلاني دار بينه وبين صديق أميركي، محور الحوار وأساسه هو أن هناك حملة شعواء كويتية ضد أميركا، ومطالبات بمقاطعة البضائع الأميركية التي لها علاقة بإسرائيل، بل هناك من طالب بعدم قبول أوراق اعتماد السفيرة الأميركية الجديدة.
فالحقيقة المرّة أن المساندة الأميركية الظالمة لإسرائيل سياسياً واقتصادياً وعسكرياً تثير الحنق والغضب، بل وتثير حتى الكراهية، إلا أن الأميركي سأل صديقه الكويتي سؤالاً من الصعب ألا نستوعبه وألا نتمعن فيه، فأمن الكويت وأمن الخليج هو الأهم، وله الأولوية على كل ما عداه. والسؤال هو: أميركا حررت الكويت في الغزو الأول عندما كانت العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية معها في أحسن حالاتها، ولكن إذا ما حدث غزو آخر، فهل تتوقعون أننا سنحرركم هذه المرة؟
***
سبق أن كتبت في سنة 2021 حول الموضوع أعلاه، وسأعيد نشر بعضه: نحمد الله، وكالعادة، أن قامت الكويت والأمة العربية والإسلامية وبعض دول العالم المستقلة نوعاً ما بتكرار إداناتها لإسرائيل منذ قيامها وإلى يومنا هذا، بلا كلل ولا ملل، فقد دانت بعنف لا مثيل له المذابح والتنكيل التي ارتكبتها الصهاينة في حق أبناء شعبنا الشقيق بفلسطين.
كما نشد على يد من صاغ الموقف الكويتي القومي الثابت إزاء القضية الفلسطينية في بيانهم المتشدد ضد العدو، فالكويت دانت رسمياً وشعبياً العدوان على غزة، وقامت بحملة تبرعات شعبية، وأرسلت مواد إغاثية الى أهالي غزة الذين نكبوا على يد «حماس» والعدو الصهيوني، فما قامت به الكويت واجب لا شك فيه، وهو كافٍ بالنسبة إليها، فلا تحمّلوها أكثر مما تحتمله، ولا تتباروا وتتسابقوا على مواقف لا تطيقها.
قلبنا على الكويت صاحبة الفزعات القومية لفلسطين، فمن سيفزع لها هذه المرة إذا ما سقطت تحت براثن غازٍ آخر؟ فيبدو أنها تسير وحيدة حاملة السلم بالعرض سعيدة برسائل مديح لن تغنيها ولن تنفعها بشيء، فمعظم الدول العربية والخليجية إمّا طبّعت أو ستطبّع أو موافقة على التطبيع مع إسرائيل، فهل ستنفعنا تلك الشعارات والتظاهرات ومناكفة أميركا وحلفائها؟ وهل ستنفعنا مواقفنا القومية وقت الضيق؟ ومن ذا الذي سيقف معنا إذا تعرّضنا لأي خطر؟ فما يقوم به بعض الإخوان سيترك الكويت وحيدة بعيدة عن الوضع الدولي، وهو بالتأكيد ليس لمصلحتنا القومية.
ويبدو أن الكويت حنّت إلى الأيام الخوالي التي أودت بها إلى الكارثة، ما نراه اليوم هو توجّه لأن توضع الكويت مرة ثانية في وجه المدفع، رغم صمت مَن هم أولى بالصمود، فهم من احتُلت أراضيهم، وهم الأقوى، وهم مَن يفترض بهم استرجاع ما فرّطوا فيه، وهم من رفعوا عقيرتهم مطالبين بتحرير فلسطين من وراء ميكروفوناتهم، وفي نهاية الأمر هم من طبّعوا مع إسرائيل في السر والعلن.
العالم يعيش اليوم زمن الحقبة الأميركية، فمن الحكمة ألا نخسرها، فأمن الكويت هو الأولى.