في خطوة قد تعمّق الخلافات السياسية في تونس، أسقطت هيئة الانتخابات أحكام المحكمة الإدارية، أعلى هيئة قضائية في تونس، وأعلنت قائمة نهائية بـ 3 مترشحين فقط للسباق الرئاسي، تضمّ كلاً من العياشي الزمال، الذي أوقفته الشرطة، وزهير المغزاوي، والرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، الذي تتهمه المعارضة بإقصاء منافسيه، فيما لوّح الاتحاد العام التونسي للشغل بتنفيذ إضراب عام.
وقال رئيس هيئة الانتخابات، فاروق بوعسكر، خلال مؤتمر صحافي، إن هذه القائمة غير قابلة للطعن، مؤكداً أن «الهيئة لم تقبل ترشّح كل من تولى أو شارك أو حرّض على تدليس تزكيات الناخبين أو شراء ذممهم، أو من كان حاملاً جنسية أجنبية، أو غير متمتع بجميع حقوقه المدنية والسياسية، كما ينصّ الدستور».
وأوضح أن «مجلس الهيئة عاين استحالة تنفيذ القرارات المُعلن عنها أخيراً من طرف المحكمة الإدارية، التي قبلت - في خطوة غير متوقّعة - طعون 3 مرشحين رفضت الهيئة ملفاتهم»، وهم القيادي السابق في حزب النهضة الإسلامي، عبداللطيف المكي، والوزير السابق، الناشط السياسي البارز، المنذر الزنايدي، والمستشار السابق للرئيس المنصف المرزوقي، عماد الدايمي.
وأضاف بوعسكر أن «قرار الهيئة جاء بعد الاطلاع على الأحكام الجزائية الصادرة ضد بعض المترشحين الذين تم رفض ترشّحهم من أجل تدليس التزكيات أو التحايل على المزكين وتوزيع الأموال، والقضايا الجزائية المنشورة حاليا بمختلف المحاكم، فضلاً عن ثبوت الجنسية الأجنبية لأحد المترشحين، وهو ما يتعارض مع القانون الانتخابي».
وقبل ساعات من إعلان بوعسكر، أوقفت السلطات الأمنية التونسية، العياشي الزمّال، رجل الأعمال والنائب السابق المرشح للانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل، بشبهة «افتعال التزكيات»، وفق ما أفاد أحد أعضاء فريق حملته الانتخابية، وسط تصاعد مخاوف من استبعاد منافسين بارزين للرئيس سعيّد من سباق الانتخابات.
وقال مهدي عبدالجواد، إن الشرطة اعتقلت الزمال بشبهة تزوير تزكيات شعبية، معتبراً أن «الأمر أصبح عبثاً، ويهدف إلى إقصائه من الانتخابات»، في حين أكدت المتحدثة القضائية، سندس النويوي، أنه يجري التحقيق مع الزمال «لكن لم يصدر إلى حد الآن أي قرار بالاحتفاظ به».
وأثار رفض هيئة الانتخابات تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية غضباً واسعاً، وسط مخاوف بأن تتحوّل الانتخابات إلى مجرد تزكية سعيّد لولاية ثانية بعد إقصاء أبرز منافسيه، حيث دعت أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية ونشطاء، في بيان مشترك، إلى الاحتجاج أمام مقر الهيئة للمطالبة بتنفيذ قرارات المحكمة والدعوة إلى وقف القيود التعسفية وحملات الترهيب ضد المترشحين.
في سياق متصل، ندّد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أهم تنظيم نقابي في تونس، سامي الطاهري، بما اعتبره «الاعتداءات الأخيرة على مقر الاتحاد من موالين للسلطة»، مؤكداً أن الاتحاد مستهدف لمعاقبته على مواقفه الرافضة للمسار الاستبدادي، في إشارة إلى تفرّد الرئيس سعيّد بعد حل البرلمان وسنّ دستور جديد.
وقال الطاهري، في تصريح صحافي، إن الاتحاد سيعقد اجتماعاً لبحث التطورات الأخيرة في تونس، ويعدّ لخطة نضالية قد تصل إلى الإضراب العام، مضيفا «لم يعد ممكناً السكوت على تردي الوضع المادي للعمّال وتدهور المقدرة الشرائية وغلاء المعيشة وتردي الخدمات الاجتماعية وفقدان المواد الأساسية».
وكان الرئيس سعيّد أحكم قبضته على جميع السلطات في يوليو 2021، بعد أن حلّ البرلمان، في خطوة وصفتها المعارضة بأنها انقلاب، وتعهّد العام الماضي بأنه «لن يسلّم البلاد لغير الوطنيين».