«نصف» إضراب يشلّ إسرائيل... وبايدن يعدّ «مبادرة أخيرة»
الرئيس الأميركي: نتنياهو لا يقوم بجهد كافٍ للتوصل إلى صفقة في غزة
غداة عثور الجيش الإسرائيلي على جثث 6 أسرى تمت تصفيتهم في نفق برفح جنوب غزة ووسط اتهامات للائتلاف اليميني المتشدد الحاكم في الدولة العبرية بعرقلة التوصل إلى اتفاق لتبادل المحتجزين مع «حماس»، عمّ الإضراب الشامل، أمس، كل مناحي الحياة في إسرائيل، بدعوة من اتحاد نقابة العمال «الهستدروت»، سعياً لدفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى إبرام الصفقة وإنقاذ أرواح باقي الرهائن.
وتوقفت عمليات الإقلاع والهبوط في مطار بن غوريون بتل أبيب ضمن الإضراب الذي شمل المدارس والجامعات والمواصلات العامة وقطاعات اقتصادية واسعة.
وقبل أن يختتم التحرك العمالي الواسع مساء، أصدرت محكمة العمل العليا قراراً يقضي بإنهاء الإضراب العام عند الثانية والنصف بالتوقيت المحلي استجابة لطلب تقدم به وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بعد أن رأت ألا علاقة بين «اضراب اقتصادي ومقتل ستة أسرى»، فيما أعلن اتحاد النقابات أنه يدرس إجراء إضرابات أخرى بعد قبوله للحكم القضائي.
جاء ذلك في أعقاب ليلة شهدت فيها تل أبيب ومدن عدة بينها القدس وحيفا تظاهرات حاشدة للمطالبة بإعادة المخطوفين، استخدمت فيها الشرطة القنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين الذين سدوا طرقاً رئيسية وأشعلوا النار في أجزاء حيث تم اعتقال 29 شخصاً.
ووفقاً لتقديرات عبرية نظم ما يصل إلى 500 ألف شخص، أغلبهم من الطبقة الوسطى واليسارية، احتجاجات في عدة مدن للمطالبة باتفاق يعيد باقي المختطفين وعددهم 101 ـ توفي نحو ثلثهم.
مع تأجج الخلافات والانقسامات الداخلية في الشارع وداخل الائتلاف الحاكم بشأن ثمن الصفقة وسرعة إبرامها، شارك وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، في مظاهرات رافضة لإبرام اتفاق مع «حماس».
وخاطب بن غفير محتجين يمينيين قبالة مقر الحكومة بالقول: «نستخدم سلطتنا بالحكومة لعدم إبرام اتفاق، وحتى لا تكون هناك أي مفاوضات إطلاقاً».
وأمل وزير الأمن القومي ألا يشعر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالارتباك وألا يتراجع عن مواقفه. واعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن أمس، أن نتنياهو لا يبذل جهداً كافياً للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن. وكان نتنياهو هاجم الاحتجاجات معتبراً أنها هدية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار. من ناحيتها رأت حماس أن تصريحات الرئيس الأميركي اعتراف بمسؤولية نتنياهو عن عرقلة المفاوضات.
عقدة فيلادلفيا
وفي خضم احتدام الانقسامات، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتأكيد على أنه لن يتنازل عن السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة وسيناء بعد يوم من دعوة وزير دفاعه يوآف غالانت صراحة إلى تغيير الموقف بشأن «العقدة» التي يعتقد أنها أفشلت التوصل إلى الصفقة التي تتوسط بها الولايات المتحدة ومصر وقطر.
وأكد نتنياهو أنه لن يتخلى عن المحور الحدودي لـ 42 عاماً وليس 42 يوما كما كانت تنص مسودة الاتفاق المتعثر بمرحلته الأولى، فيما نقل عن غالانت قوله «لن أستقيل وإذا كان نتنياهو يريد ذلك فليقلني بنفسه».
وتزامن ذلك مع تحذير وزير الخارجية يسرائيل كاتس من أن «حماس» أقدمت على إعدام الرهائن الـ6 بطريقة وحشية بهدف «بث الخوف ومحاولة شق المجتمع الإسرائيلي».
الفرصة الأخيرة
وفي وقت حمَّل مصدر مصري رسمي، الحكومة الإسرائيلية مسؤولة عدم إبرام اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى، مجدداً رفض بلاده لأي وجود إسرائيلي في «فيلادلفيا» ومعبر رفح الحدودي، ذكرت أوساط أميركية، أن الرئيس جو بايدن يدرس تقديم اقتراح نهائي للدولة العبرية و«حماس» في غضون أسبوع.
ولفتت مصادر «واشنطن بوست» إلى أن واشنطن تحدثت مع القاهرة والدوحة حول ملامح الصفقة النهائية لتقديمها للأطراف في الأسابيع المقبلة، وهي الصفقة التي إذا فشل الجانبان في قبولها، يمكن أن تمثل نهاية المفاوضات التي تراهن عليها إدارة بايدن لاحتواء الصراع واحتواء خطر تحوله إلى مواجهة إقليمية تشمل خصوصاً إيران والجماعات المتحالفة معها.
وذكرت أنه من غير الواضح مدى تأثير الضغوط التي يتعرض لها نتنياهو حالياً على احتمال تخفيف شروطه.
ونقل موقع «أكسيوس» عن مصادر أن مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان ومبعوث الرئيس بريت ماكغورك أشارا إلى وجود احتمال بإبرام الاتفاق بغضون أسبوعين.
وأمس، عدل البيت الأبيض جدول الرئيس بشكل يتيح له ولنائبته كامالا هاريس عقد اجتماع مع «الفريق الأميركي المفاوض بشأن اتفاق الرهائن في أعقاب مقتل الإسرائيلي الأميركي هيرش غولدبرغ-بولين وخمسة رهائن آخرين بغزة، وبحث الجهود للدفع نحو اتفاق يضمن الإفراج عن الرهائن المتبقين».
تعزيزات وحرب
على الصعيد الميداني، دفع الجيش الإسرائيلي بتعزيزات إضافية إلى الضفة الغربية المحتلة مع مواصلته لعملية الواسعة بالمنطقة المحتلة لليوم السادس على التوالي. وذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أن 23 كتيبة حالياً موجودة بالضفة أي ضعف عدد القوات المتمركزة في غزة.
وشهدت عدة مناطق مواجهات ضارية أمس، لتصل حصيلة القتلى بالرصاص الإسرائيلي إلى 29 بينهم 5 أطفال، فضلاً عن إصابة 121 فلسطينياً.
وشنت مقاتلة حربية إسرائيلية ضربة جوية على «مقر لخلية مسلحة» بجنين.
وبينما، أبطلت الشرطة الإسرائيلية سيارة مفخخة عند مدخل مستوطنة عطيرات بالضفة، دعا القيادي التاريخي لـ«حماس» خالد مشعل إلى عودة العمليات «الاستشهادية» لمواجهة الاحتلال الذي يشن حرباً مفتوحة على الشعب الفلسطيني.
في المقابل، أعلنت «كتائب القسام»، أن عناصرها أوقعوا قوة إسرائيلية راجلة في كمين محكم في حارة الدمج بمخيم جنين وتبنى الجناح العسكري لـ«حماس» المسؤولية عن العمليتين الهجوميتين بمستوطنتي غوش عتصيون وكرمي تسور قرب مدينة الخليل يومي الجمعة والأحد.
وفي غزة، ارتكبت قوات الاحتلال «3 مجازر وصل منها للمستشفيات 48 شهيداً و70 إصابة خلال الـ 24 ساعة الماضية».
دفع خطير
إلى ذلك، رأى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أمس، أن «إسرائيل، من خلال إصرارها على ارتكاب الإبادة الجماعية في غزة وإرسال آلة القتل إلى الضفة الغربية، تدفع المنطقة إلى حافة أزمة خطيرة».
وقال عبر منصة «اكس»: «إذا فشل أنصار نتنياهو الغربيون في كبح جماح هذه الاستفزازات الإجرامية، فسيتحملون المسؤولية عن العواقب، وسيخضعون للمساءلة».