كانت حضارتك العراقية هي من ابتدعت الكتابة المسمارية، وكتبت «جلجامش» كأول رواية، واخترعت القيثارة، ثم شرعت القوانين، وقدمت للإنسانية الكثير من المبتكرات.
• والحديث بلا حرجٍ عن حضارتك المصرية، حيث صنعت كيمياء التحنيط، وهندسة المعابد والأهرامات، وكتبت الحكمة بالهيروغليفية، ثم تربعت على عرش ابتكار أدوات الحروب كالعجلات، التي تجرّها الخيول، وصناعة السيوف والنبال والرماح، فضلاً عن قذف النيران بالمنجنيق، ثم عرّفت البشرية بأدوات التجميل وصناعة التماثيل التي تُعد أعجوبة من أعاجيب الدنيا.
• أما أجدادك السبئيون، فهم الذين هندسوا شق الطرق في وسط الجبال، وبناء السدود، وكانوا أول بُناةٍ لناطحات السحاب.
• وما كانت السفن التي تمخُر عُباب بحار العالم لتعرف طريقها لتزدهر تجارة الدنيا كلها لولا ما رسمه أجدادك في حضارتك الفينيقية من خرائط بحرية كانوا يجوبون بها بحار العالم... هكذا كنت نبراساً للإنسانية.
• نعم... إنه تاريخ من كانوا هنا، وورثّوك إياه لتنتهي إليك حضاراتٌ عربية من حقك أن تفخر بها.
***ثم يمنّ عليك اللطيف الكريم بأن جعل أرضك تستقبل كل رسالاته لهداية خلقه.
• وقبل أن يصل إليك إشعاع نور دعوة نبي الرحمة... كنت أنت - أيها العربي - تذوب عذوبة بشعر امرئ القيس، وكرم حاتم الطائي، وشجاعة عنترة العبسي... فهذه مجرد ومضات تسكن في تجاويف تاريخك الحضاري الذي تفخر به كعربي.
ولا أريد أن أحدثك عن دورك الحضاري والإسلامي يوم اعتليت صهوة العلوم الطبية والفلكية والفيزياء والرياضيات وفنون التعبير شعراً ونثراً وموسيقى، فهذا ما يشهد لك بهِ العالم... فما الذي حدث لك؟! حتى صار الكاوبوي المشرد وعديم الأصل يفرض على كل تاريخك الإنساني إرادته، جاعلاً من الخنازير تعشّش فوق أرضك، ويزودها بالسلاح الفتاك لتُزهق أرواح أطفالك ونسائك والمُسنين من أهلك؟!
وكأنك لست الذي كانت حضارته من أهم المصادر لتطوير البشرية... وهذا ما يشهد بهِ ثلثا الآثار التاريخية فوق هذا الكوكب... أعود لسؤالي: هل يشرفك أن تعيش لترى نفسك في هذا الوضع؟!
***
قارئي العزيز:
أرجوك أن تعذرني إذا وجدت مقالي اليوم غير مُركّز، فقد دفعت بهِ للصفحة وأنا في غاية الاضطراب خشية ألّا يلقى قبولاً عندك.