ماكرون «الحائر» يقترب من تعيين رئيس حكومة
3 مرشحين وسطيين الأوفر حظاًَ... يساري ويميني وتكنوقراطي
بعد نحو شهرين من الانتخابات التشريعية، تدخل المشاورات بشأن تعيين رئيس جديد للوزراء بفرنسا مراحلها النهائية، مع استقبال الرئيس إيمانويل ماكرون، أمس، شخصيتين يتم التداول باسميهما كأبرز الخيارات لهذا المنصب، هما رئيس الوزراء الاشتراكي السابق برنار كازنوف، (يسار الوسط) والقيادي في حزب الجمهوريين (يمين الوسط) كزافييه برتران.
ولا يستبعد مقربون من ماكرون إمكانية اختيار شخصية ثالثة أخرى في نهاية المطاف أقل انخراطاً بالسياسة.
وتهدف هذه المداولات المتسارعة لتحديد اسم لمنصب رئيس الوزراء قادر على تفادي إسقاطه في الجمعية الوطنية، في حين أن الانتخابات أفرزت واقعاً سياسياً معقّداً في فرنسا بعدم حصول أي من الأطراف الرئيسيين على غالبية صريحة في البرلمان.
وفي ظل الانقسام السياسي الحاد في فرنسا راهناً، تواصل حكومة رئيس الوزراء غابريال أتال تصريف الأعمال منذ 48 يوماً، في ظل وضع غير مسبوق.
واستقبل ماكرون، صباح أمس، في قصر الإليزيه، رئيس الوزراء الاشتراكي السابق كازنوف، واستمر اللقاء ساعة وربع الساعة.
وجمعت ماكرون وكازنوف علاقات ثقة في بداية فترة رئاسة فرانسوا هولاند (2012 - 2017).
ثم استقبل ماكرون الرئيس السابق الاشتراكي فرنسوا هولاند، الذي يتوقع ألّا يعارض تعيين كازنوف، بخلاف سلفه الرئيس السابق اليميني نيكولا ساركوزي الذي التقاه ماكرون كذلك. ويرغب ساركوزي في أن يتولى الحكومة «رئيس وزراء من اليمين».
وفي إطار هذه المشاورات المقدّمة على أنها في مراحلها النهائية، يستقبل ماكرون أيضاً بعد الظهر الوزيرين السابقين فرانسوا بايرو، وهو شخصية من الوسط، ومسؤول حزب الجمهوريين اليميني عن منطقة في شمال فرنسا، كزافييه برتران.
وقال مصدر مقرّب من ماكرون إن الفكرة العامة هي معرفة ما إذا كان (تعيين) كازنوف أو برتران احتمالاً «قابلاً للتطبيق فيما يتعلق بمعيار الاستقرار». وأكد أن «أسماء أخرى قد تكون بالطبع في ذهن» الرئيس.
وبدأ صباح أمس التداول باسم رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تييري بوديه، في حال أراد ماكرون اختيار شخصية تكنوقراط أقل انخراطاً في مجال السياسة.
ويعد هذا المجلس الثالث في البلاد بعد مجلسي النواب والشيوخ، ويضم 175 عضواً يمثلون المجتمع المدني.
في المقابل، أكدت مصادر مقربة من رئيس الوزراء السابق كازنوف أنه لا يسعى للعودة إلى هذا المنصب «لكن في حال قام بذلك، فسيكون بدافع الواجب وتجنيب البلاد مواجهة صعوبات إضافية».
وبحسب أوساط ماكرون، من المحتمل أن يتم التعيين الجديد اليوم.
ويبحث ماكرون عن رئيس للوزراء لن تعرقل القوى السياسية في الجمعية الوطنية تعيينه. لذلك استبعد تعيين لوسي كاستيه التي اقترحتها «الجبهة الشعبية الجديدة»، التحالف اليساري الذي تصدّر نتائج الانتخابات الأخيرة.
ويريد الرئيس الفرنسي كذلك أن يكون التكتل الوسطي جزءاً من أي أغلبية مستقبلية في الجمعية الوطنية.
وشغل كازنوف (61 عاماً) حقيبة الداخلية في وقت الهجمات الجهادية الدامية عام 2015، كما عيّنه هولاند رئيساً للوزراء في الأشهر الأخيرة من ولايته.
وانسحب كازنوف من الحزب الاشتراكي عام 2022، بعد معارضته الشديدة للتحالف مع «فرنسا الأبية»، أبرز أحزاب اليسار المتطرف في البلاد.
وفي حال تعيينه رئيساً للوزراء، يتوقع أن يستفيد من دعم جزء من الاشتراكيين على الأقل، إضافة إلى التكتل الوسطي وجزء من اليمين.
وبدا رئيس الحزب الاشتراكي، أوليفييه فور، متحفظاً جداً أمس بشأن مثل هذا السيناريو، قائلاً، إنه «سيفكر في الأمر» إذا تمكّن كازنوف من «إلغاء» إصلاح نظام التقاعد.
واستقبل ماكرون برتران (59 عاماً) بعد الظهر، ولم يُخف أنه يسعى إلى شغل منصب رئيس الوزراء، ورأى الرئيس السابق ساركوزي أنه سيكون «خياراً جيداً».
إلا أن ذلك لا يلقى دعم الشخصيات البارزة في الحزب، والذين يرغبون في بلوغ الانتخابات الرئاسية لعام 2027، وهم في صفوف المعارضة، ويرفضون أي ائتلاف أو مشاركة في الحكومة المقبلة.
وأعلن النائب عن «التجمّع الوطني»، جان تانغي، أن حزبه اليميني المتطرف الممثل في الجمعية الوطنية بثالث أكبر كتلة خلف اليسار وكتلة ماكرون، قد لا يلجأ على الفور الى طرح الثقة برئيس الوزراء الجديد، لكنه «يرجّح» القيام بذلك حين تُقرّ الميزانية.
ويتوقع أن يكون رفع سن التقاعد الى 64 عاماً من بين المواضيع التي سيتم التطرق إليها بشكل خاص، ولم يحظ إصلاح نظام التقاعد الذي دفع ماكرون باتجاهه، بتأييد شعبي، ويخشى الرئيس انهيار منجزات حققها خلال عهده.
وبات تشكيل حكومة جديدة أمراً ملحّاً مع ضرورة تقديم موازنة عام 2025 إلى البرلمان بحلول الأول من أكتوبر المقبل على أبعد تقدير.