بعد الاتصالات المنفصلة التي أجرتها إيران مع الولايات المتحدة ودول أوروبية بهدف التحضير لاستئناف المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، علمت «الجريدة» من مصدر دبلوماسي أوروبي منخرط في الاتصالات بين طهران وبروكسل، أن الدول الأوروبية وضعت لائحة شروط، على إيران الالتزام بها لاستئناف المفاوضات.
وكانت «الجريدة» كشفت عن اتصالات إيرانية للعودة إلى طاولة الحوار، سواء في سلطنة عمان أو فيينا، مستندة إلى تقديرات طهران بشأن رغبة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في الوصول إلى اتفاق قبل نوفمبر، موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، في وقت وضعت حكومة الرئيس مسعود بزشكيان في قمة أولوياتها رفع العقوبات ومحاولة جلب استثمارات خارجية لإنقاذ الاقتصاد، وهو ما يتطلب بالحد الأدنى، تفاهماً مع الغرب.
وحسب المصدر الدبلوماسي، الذي تحدث مع «الجريدة» بشرط عدم ذكر هويته، تضم اللائحة الأوروبية 9 شروط هي:
- أولاً: الإفراج عن السجناء الأوروبيين في إيران بشكل فوري، إذ تسجن السلطات الإيرانية نحو 20 شخصاً على الأقل يحملون جنسيات أوروبية، معظمهم متهمون بالتجسس والدعاية ضد الدولة والإضرار بالأمن القومي. وتقول الدول الأوروبية إن هذه الاتهامات سياسية، وإن طهران تستخدم السجناء كأدوات في سياستها الخارحية وأوراق مساومة في أي مفاوضات.
- ثانياً: الضغط على حركة حماس للوصول إلى اتفاق في مفاوضات وقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن بين إسرائيل والفلسطينيين في غزة، وكذلك الضغط على «حزب الله» في لبنان لوقف إطلاق النار مع إسرائيل على الحدود اللبنانية الجنوبية.
- ثالثاً: التدّخل لإقناع جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن بوقف عملياتها العسكرية ضد السفن التجارية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
- رابعاً: قيام إيران بتحرك ملموس لوقف التصعيد في المنطقة، خصوصاً لناحية استمرار تهديداتها لإسرائيل بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران في يوليو الماضي.
- خامساً: القبول ببعض المطالب الأوروبية التي تندرج في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة في إيران.
- سادساً: الموافقة على قيام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش كامل للبرنامج النووي الإيراني تشمل جميع المواقع المشكوك فيها والتحقق من مدى تقدم هذا البرنامج قبل بدء أي مفاوضات، فضلاً عن إعادة تركيب كاميرات «الوكالة الذرية» والسماح بتنفيذ البروتوكول الإضافي لاتفاقية حظر الأسلحة النووية من جانب الوكالة.
- سابعاً: تعليق جميع الأنشطة النووية الإيرانية خارج إطار الاتفاق النووي حتى التوصل إلى صيغة اتفاق جديد.
- ثامناً: إنهاء التعاون العسكري مع روسيا المرتبط بالحرب الأوكرانية بشكل مباشر أو غير مباشر ووقف تسليم موسكو المسيرات والصواريخ البالستية بشكل فوري.
- تاسعاً: وقف تطوير البرنامج الصاروخي البالستي الطويل المدى. علماً بأن ترسانة إيران الصاروخية تطال حالياً مناطق في أوروبا خصوصاً في جنوب شرقها، مثل صاورخ «غادر 1» الذي يبلغ مداه ألفي كيلومتر، وهو عبارة عن نسخة مطورة من صاروخ «شهاب 3» البالستي المتوسط المدى (1.200 كيلومتر)، وكذلك صاروخ «سجّيل 2» الذي يستخدم الوقود الصلب ويبلغ مداه نحو 2.500 كيلومتر، وصاروخ «خرمشهر» الذي يعتقد أن مداه يصل إلى ألفي كيلومتر وله قدرة على حمل حمولة كبيرة.
وحسب المصدر، وضعت إيران عدة ملاحظات في ردها على المطالب الأوروبية، وبينها أن «جبهة المقاومة» التي تقودها طهران، أعلنت أنها ستوقف إطلاق النار بشكل كامل بمجرد وقف إسرائيل عملياتها العسكرية، وأن طهران أثبتت أنها وحلفاءها لا يسعون إلى حرب شاملة في المنطقة، ولا يبادرون إلى التصعيد، وأن موضوع الرد على اغتيال هنية مرتبط بالتوازنات الإقليمية، ولا يمكن لإيران أن تصمت عن انتهاك سيادتها، وهي ترى أنه من الأجدى إقناع إسرائيل بعدم الرد على الرد الإيراني حتى يتنتهي الموضوع تماماً كما جرى في رد «حزب الله» اللبناني على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر.
وبالنسبة إلى موضوع التفتيش، فقد أشار المصدر إلى أن طهران جددت التزامها بالسماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتفتيش وفق اتفاقية حظر الأسلحة النووية لكنها لن تقبل أي تفتيش إضافي، وأن تعليق الأنشطة النووية الإيرانية مرهون بالتوصل إلى اتفاق جديد أو عودة جميع الأطراف إلى التزامات اتفاق 2015.
وقال المصدر إن الجانب الإيراني أبدى انفتاحاً جزئياً على مناقشة موضوع السجناء وقضية المطالب الأخرى المرتبطة بحقوق الإنسان، وأكد أن إيران لا تشارك في الحرب الأوكرانية، وأن التعاون العسكري مع روسيا هو شأن سيادي إيراني، وكذلك موضوع برنامج الصواريخ البالستية.
وأضاف أن إيران لفتت إلى أنه بإمكانها بحث برنامجها الصاروخي فقط في إطار اجتماعات إقليمية تتطرق كذلك إلى ما تسميه إيران «خطر الأسلحة الغربية التي تتدفق على دول الجوار».