غداة استقالة 5 وزراء، استقال وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا من منصبه، أمس، وهو أبرز ضحية حتى الآن لتعديل حكومي كبير أمر به الرئيس فولوديمير زيلينسكي، في مرحلة حاسمة من الحرب المستمرة منذ 30 شهراً مع روسيا، فيما وصفه رئيس البرلمان الأوكراني رسلان ستيفانتشوك الحليف الكبير لزيلينسكي بأنه بداية «إعادة ضبط» للحكومة قبل فصلي الخريف والشتاء.

وكان كوليبا «43 عاماً» أشهر شخصية أوكرانية في الخارج بعد زيلينسكي وكان يلتقي بزعماء العالم ويضغط من أجل حصول بلاده على دعم عسكري وسياسي ويتحدث الإنكليزية بطلاقة، وعبر عدد من الوزراء الغربيين عن أسفهم لمغادرته.

Ad

وقال زيلينسكي، أمس الأول، إن التغيير الحكومي ضروري، موضحاً أن «الخريف مهم جداً، ويجب تشكيل مؤسساتنا الحكومية كي تحقق أوكرانيا كل النتائج المرجوة، لنا جميعاً».

وكثّفت روسيا هجماتها الصاروخية في الأسابيع القليلة الماضية مستهدفة بشكل خاص البنية التحتية الأوكرانية في خطوة وصفتها وزيرة الخارجية الالمانية بأنها «حرب برودة» قبل حلول فصل الشتاء، فيما لا تزال القوات الروسية تتقدم في شرق أوكرانيا رغم التوغل المباغت الذي قامت بهد القوات الأوكرانية داخل منطقة كورسك الروسية.

إلى أجل غير مسمى

وقال زيلينسكي، أمس الأول، إن بلاده تخطط للاحتفاظ بالأراضي الروسية التي استولت عليها في كورسك «إلى أجل غير مسمى». وأوضح لشبكة «إن بي سي» الأميركية: «لسنا بحاجة إلى أراضيهم. لا نريد أن ننقل أسلوب حياتنا الأوكراني إلى هناك»، مضيفاً: «لكن أوكرانيا ستحتفظ بالمناطق التي سيطرت عليها لأنها جزء لا يتجزأ من خطة الانتصار لإنهاء الحرب».

وفي حواره مع الشبكة الأميركية، وصف زيلينسكي الهجوم المباغت الذي بدأ في 6 أغسطس الماضي بأنه «ضربة استباقية» لمنع روسيا من إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود الأوكرانية.

وأسفرت ضربة روسية على وسط مدينة لفيف التاريخي في أقصى غرب أوكرانيا قرب الحدود مع بولندا عن مقتل سبعة أشخاص بينهم ثلاثة أطفال أمس، غداة هجوم دموي على مدينة بولتافا «وسط» أودى بحياة نحو 50 شخصاً. وقالت كييف إن الهجوم الذي وصفه الرئيس الأميركي جو بايدن بـ «المخزي» تم بصاروخين بالستيين سقطا على «معهد تعليمي ومستشفى مجاور» في بولتوفا، الا أن وزارة الدفاع الروسية زعمت إن الضربة استهدفت جنوداً ومدربين أجانب كانوا ضالعين في هجمات على أهداف مدنية داخل روسيا.

ردّ مؤلم للغاية

وتعليقاً على معلومات نقلتها «رويترز» عن مسؤولين أميركيين تشير إلى أن واشنطن تقترب من التوصل لاتفاق لتزويد كييف بصواريخ كروز قادرة على الوصول إلى عمق روسيا، حذرت وزارة الخارجية الروسية الغرب وأوكرانيا من أن موسكو سترد «بشكل فوري ومؤلم جداً» في حال شنت أوكرانيا هجمات بأسلحة بعيدة المدى على الأراضي الروسية.

جادل المحلل السياسي الكندي أندريس كاسيكامب في مقال نشرته «ناشيونال

إنترست» ووكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) بأن «الخطوط الحمراء» الروسية ليست جدية، مشيراً إلى أهمية الهجوم الأوكراني في كورسك، حيث تقدمت القوات الأوكرانية في الأراضي الروسية دون تفعيل روسيا لعقيدتها النووية. ويرى أن هذا الرد الضعيف يكشف أن روسيا تُعطي الأولوية لاحتلال الأراضي الأوكرانية بدلاً من حماية أراضيها.

يشير كاسيكامب إلى حاجة أوكرانيا لكسر الرواية السائدة عن حرب استنزاف بلا أمل، وينتقد نهج إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن «الحذر المفرط» في إدارة التصعيد، مما أطال أمد الصراع. كما يوضح أن التوغلات الأوكرانية الجريئة داخل الأراضي الروسية تهدف إلى جعل الحرب ملموسة للمواطنين الروس، وبالتالي الضغط على الولايات المتحدة لتغيير سياستها.

ويذكر كاسيكامب أن الأنظمة الروسية التي بدت مستقرة تاريخياً انهارت بعد هزائم عسكرية مفاجئة، مثل حرب القرم والحرب الروسية - اليابانية والحرب العالمية الأولى. ويشدد على أن نجاح أوكرانيا يعتمد على إقناع الولايات المتحدة بتغيير نهجها ورفع القيود. ويحذر من أن السماح لروسيا بالاحتفاظ بأراضٍ أوكرانية سيشجع خصوم الولايات المتحدة في أنحاء العالم، وأن تكلفة دعم أوكرانيا الآن ستكون أقل من تكلفة الدفاع عن حلفاء الناتو لاحقاً.