تعد سلامة الأحكام القضائية وتسبيبها من أهم الضمانات الدستورية والقانونية التي أولاها المشرع اهتماماً، حفاظاً على حق الفرد في الحصول على المحاكمة العادلة.

وخلو الأحكام القضائية أو قصورها من التسبيب ينعتها بالقصور والفساد في الاستدلال إذا ما كانت النتائج تتنافر مع الأدلة والتصوير العقلي والفني للواقعة، وهو ما يرتب البطلان للأحكام القضائية لافتقادها للشرائط التي استلزم المشرع توافرها فيها، ومنها ضرورة أن يعلم المحكوم أو المتقاضي بماهية الأسباب والمبررات التي بُني عليها الحكم بإدانته.

Ad

كما أن خلو الأحكام القضائية من الرد على الدفاع المثار من المتهمين أو دفاعهم ينعتها بالإخلال بحق الدفاع، وهو مبدأ دستوري كفله الدستور في المادة 34، وهو ما يتعين على المحكمة الرد على الدفوع المثارة على نحو مباشر لاسيما الشكلية أو القانونية منها أو الرد من الناحية الموضوعية في موضوع الدعوى بما يحقق الرد المسقط للدفوع الموضوعية، ولا يمكن أن تتمسك المحكمة في حال ردها في كل دفاع يقدم بأنها غير ملتزمة بذلك، لأن القصد منها التجريح في الأدلة المقدمة، وهو رد يتعارض مع الحق في الدفاع ووجوب تسبيب الأحكام، ومنها ما يتصل بسلامة الأدلة إن نالها من الدفوع ما يوصمها بالفساد فيتعين على المحاكم الرد عليها حتى لا ينعت قضاؤها بالاعتماد على دليل فاسد وحتى لا يكون الرد مبرراً لإخلال المحكمة بحق الدفاع وما يتصل بذلك بمخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال.

وإن كانت المحاكم الجزائية، على سبيل المثال، غير ملزمة ببيان الأسباب التي بنت عليها حكم البراءة للمتهم، إذ يكفي أن تقرر عدم اطمئنانها للأدلة وتشككها بصحة الواقعة، فإنها ملزمة عند حكمها في الإدانة بأن تبين أسبابها والمبررات التي استندت إليها للوصول إلى حكم الإدانة، وإلا بات حكمها باطلاً.

ودور المحاكم العليا في بسط رقابتها على سلامة الأحكام القضائية أمر في غاية الأهمية، بما يؤكد جودة الأحكام ويعكس سلامتها والتزامها بالنواحي الإجرائية والفنية، بما يعزز في نهاية الأمر فكرة الشعور بتحقيق العدالة.

القواعد الدستورية والقانونية التي أوردها الدستور والقوانين المتصلة بإجراءات المحاكمة كفيلة ببيان التأكيد على ضرورة تسبيب الأحكام والوصول إلى جودتها الإجرائية والفنية، وهو دور بالإمكان تحقيقه كذلك في التداول والتشاور في غرف المداولة السرية للهيئات القضائية قبل إصدار الأحكام للوقوف عليه بين أعضاء الهيئة، وكذلك دور المحاكم العليا في الرقابة على الأحكام الصادرة.