تدور حالياً نقاشات حادة بين بعض الإسلاميين حول «حماس»، فهناك من يرى أنها انحرفت وأجرمت بقيامها بعملية طوفان الأقصى، وتسببت في حرب غير متكافئة قُتِل فيها وجرح عشرات الآلاف من المسلمين الأبرياء وأدت إلى خراب غزة ودمارها، بينما هناك من يرى أنها جاهدت دفعاً لعدو كافر يحتل أرضهم ويحرمهم أبسط حقوقهم الإنسانية منذ سنوات فكبدته خسائر في الأرواح والأموال وحركت القضية في العالم وأوقفت تغلغله في العالم العربي.
هذه النقاشات شغلت الكثير من المهتمين والمتابعين، فتم تبادل الردود، وأحياناً الاتهامات القاسية في وسائل التواصل وغيرها.
وهذه النقاشات يجب أن تؤجل إلى ما بعد الحرب في نقاش علمي رصين، وأن تنصرف جميع الجهود الآن إلى التصدي للعدوان على غزة وأهلها من قبل الصهاينة الذين أخبرنا الله أنهم أشد الناس عداوةً للمسلمين، وقد استحلوا الدماء الحرام بأبشع الصور واغتصبوا الأرض والمقدسات وكشفوا عن مخططاتهم للاستيلاء على المزيد من الأراضي العربية.
جميع المسلمين مطلوب منهم التصدي بكل وسيلة شرعية وممكنة لهذا العدوان، والدعاة يجب أن يكونوا في مقدمة هذا التصدي، ليس بالدعاء فقط وإنما بكل الوسائل الشرعية للتعريف بخطر الصهاينة وبمخططاتهم ضد المسلمين وتغلغلهم في البلاد العربية، وأيضا شحذ همم الناس للتبرع بالمال والمشاركة بالإعلام بكل أشكاله الحديثة لدعم أهل غزة في مصابهم ومساعدتهم بكل الوسائل، وعليهم أيضاً القيام بالنصيحة وتوجيه الحكومات العربية والإسلامية ليوحدوا جهودهم ويكونوا قوة مؤثرة رسمية في المنتديات العالمية والاتصالات الدبلوماسية لكبح جماح العدوان وإيقاف الصهاينة القتَلة عند حدود القانون الدولي والإنساني، وتحذيرهم من خطر التطبيع مع الصهاينة على حكمهم ومستقبل بلادهم، وكذلك إيصال الرسائل الشعبية الغاضبة للدول التي تساند العدوان الإجرامي الذي دانته محكمة العدل الدولية بحكم أبلغ مما دانته الدول العربية.
ولا شك أن هناك وسائل أخرى كثيرة سياسية واقتصادية مؤثرة يجب أن يقودها الساسة والدعاة والمفكرون يمكن بها القيام بحملة كبيرة تؤكد وقوف المسلمين في العالم مع أهل غزة وإعلان غضبهم على الدول التي تؤيد العدوان، وقد رأينا كيف أثرت المقاطعة الشخصية البسيطة في أرباح بعض الشركات الداعمة للصهاينة.
تاريخياً وحَّدت الأزمات والكوارث التي لحقت بالأمة الإسلامية جهود المسلمين في مواجهتها رغم خلافاتهم، لذلك فإن على المسلمين اليوم مواجهة الحرب الصهيونية الإجرامية على فلسطين وجميع بلاد المسلمين، مع استمرار النصح وبيان المعتقد الصحيح لكل المسلمين بالحسنى.