الأسبوع الثقافي العماني يناقش العلاقات الكويتية - العمانية
3 شعراء أحيوا أمسية شعرية في المكتبة الوطنية
ضمن فعاليات «الأسبوع الثقافي العُماني في الكويت»، والذي احتضنه مسرح مكتبة الكويت الوطنية، أقيمت ندوة عن العلاقات الكويتية - العمانية للدكتور محسن الكندي، والباحثة الكويتية آلاء المنصور، وأدار الجلسة الكاتب بدر الفيلكاوي، بحضور الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د. محمد الجسار، وسفير سلطنة عُمان لدى الكويت د. صالح الخروصي، وجمع من الشخصيات والمثقفين.
وعلى هامش الندوة، عرَّف د. الكندي عن نفسه، وقال إنه باحث أكاديمي في التاريخ الثقافي.
وعن مشاركته، ذكر أنه قدَّم ورقة بعنوان «العلاقات الثقافية العمانية قرون من التواصل والتلاحم»، حيث تناول العلاقات الثقافية بين عمان والكويت عبر قرون مختلفة، بما تعنيه المكونات، والعناصر، والتعريفات، وقدَّم نماذج عن هذه العلاقات على الصعيد الشعري، والرحلات، والصحافة، وشخصيات ثقافية بين البلدين.
ولفت إلى أنه ركَّز على المنتوج الثقافي من العلاقات بين البلدين، مشيراً إلى دور الموقع الجغرافي بين البلدين في تعزيز تلك العلاقات.
من جانبها، قالت المنصور: «العلاقات الكويتية - العمانية في بداياتها تجسَّدت من خلال البُعد الجغرافي للبلدين، بحيث كان الموقع بمنطقة الخليج العربي جزءاً مهماً في التقارب المكاني بين كل منهما. كذلك اللغة العربية التي ينطق بها الكيانان، والدين الإسلامي الحنيف الذي جمع بين الدولتين». وأضافت: «تأتي بعد ذلك أواصل الأخوة والقرابة والتمازج الاجتماعي بين النسيجين، حيث بدأت العلاقات تأخذ شكلاً واضحاً، من خلال الاحتكاك المباشر بين البلدين، عن طريق نشاط الموانئ في الحركة التجارية ضمن الخليج العربي، ثم أخذت العلاقات السياسية بعدها شكلاً أكثر وضوحاً، ونتيجة لذلك فإن مجموعة من المؤثرات والتأثيرات الاجتماعية والحضارية انتقلت بين الكيانين، ما أسهم في مزيد من الترابط».
وفي مداخلة للإعلامية أمل عبدالله، أكدت أنها سعدت بحضور الندوة عن العلاقات الكويتية- العمانية الثقافية، وأنها تجد هذه العلاقات أعمق بكثير من المتعارف عليه، متابعة: «نحن بحاجة لإلقاء الضوء من الباحثين كافة، سواء الكويتيين أو غير الكويتيين، على هذه العلاقات، وتأثيرها وأثرها بين الدول، لكنها لا تجد اهتماماً وتركيزاً كبيرين على موضوع العلاقات، أو توثيقاً للإنجازات على مدى التاريخ»، مشددة على أنها تحتاج إلى أن توثق وترسخ في الذاكرة.
وضمن الفعاليات الأخرى بالأسبوع الثقافي العماني التي استضافتها مكتبة الكويت الوطنية، كانت هناك أمسية شعرية بمشاركة الشاعرة العمانية بدرية البدري، والشاعر العماني يوسف الكمالي، والشاعر الكويتي فيصل العنزي، وأدارها الشاعر الحارث الخراز.
وأنشد الشعراء في الأمسية بعض قصائدهم، التي تنوَّعت بين أغراض وأساليب شعرية شتى، وفق ما تتضمنه مشاعر وأحاسيس كل منهم، فأتت القصائد في مسارات وجدانية تارة، ووطنية تارة أخرى، إضافة إلى مسارات أخرى تسير نحو العاطفة والمشاعر الإنسانية الجياشة.
رؤى عاطفية
وألقى الشاعر العنزي خلال الأمسية قصيدة بعنوان «جلالة السلطان»، مدح فيها سلطان عمان هيثم بن طارق، ليقول:
أنعم بسلطان من المجد الذي/ بالحب سدت الأرض إذ لم تظلم/ فملأت كل العارفين محبة/ كالضوء في سير الظلام المظلم.
وفي قصيدة «بوح»، تناول العنزي العديد من المشاعر التي يتبدَّى فيها الإنسان مُحباً ومستسلماً للجمال بكل ألوانه، واصفاً هدأة الليل والسكون والغريب عن دياره، ليقول:
يا سدرة العشق هل نامت عصافيري/ إذ عاد يقلقني بوح الأزاهير/ الليل خيَّم فوق الأرض معتكراً/ صوت السكون بدا يحكي أساريري/ في وحدتي جلست نفسي تُحدثني/ عما يجول على ضوء التعابير.
التنوع الوجداني
وأنشدت الشاعرة البدري قصائدها، التي اتسمت بالتنوع الوجداني والحسي، فقرأت قصيدة «زرقة بامتداد الحب»، تناولت فيها الإنسان وما تمثله له المشاعر الصادقة من يقين وإبهار، لتقول:
أنا يا حبيب الروح ناي غارق/ في الحزن حتى قبلته يداكا/ فانساب باللحن الشجي مغرداً/ وظننت أني والسماء حِماكا/طير تخيّر أن يقصّ جانحه/ ويظلّ يحرس في القيود سماكا.
وفي قصيدة «ورد عناق»، استرسلت في وصف مشاعرها المُحبة للكويت، وما تتضمنه تلك المشاعر من إجلال وتقدير لبلد متسامح في ماضيه وحاضره، لتقول:
جئت الكويت تؤمني أشواقي/ وحديث تاريخ من العشاق/ تنساب أمطار الحنين بضمه/ ويجب ذنب البعد ورد عناق/ هذي الكويت فهل ألام بحبها/ وهي الأصيل من الهوى والباقي.
وعلى هامش الأمسية، قالت البدري إن «الشعر لا يزال يؤدي دوره في الحياة، لا يمكن أن تكون الحياة من دون شعر، فالشعر عاطفة، وقبل أن يكون عاطفة فهو موقف، وربما يكون أحياناً سلاحاً للإنسان الذي لا يجد إلا الكلمة التي يثبت فيها موقفه».
وعن رأيها في الشعراء الكويتيين، قالت إن شهادتها مجروحة بهم. وذكرت أنها بدأت بكتابة الشعر منذ نعومة أظفارها وهي طالبة في المدرسة، لكنها توقفت، ورجعت للكتابة من جديد عام 2010، وآخر إصدار لها هو ديوان «الذين أحبوا طويلاً» عن دار مجرة عام 2023.
أما الشاعر الكمالي، فألقى مجموعة من القصائد تناثر فيها عذب الكلام والإبداع الشعري، منها: «وطن يمشي في الغربة»، و«مدن في ضباب الذاكرة»، و«ألم بربري – رسالة من مجانين غزة»، وغيرها.
وعلى هامش الأمسية، قال الكمالي: «هذه أول زيارة أدبية لي إلى الكويت، لكن من خلال الأيام الخمسة اجتمعنا مع مجموعة من المثقفين والأدباء والشعراء والفنانين. الكويت ملهمة، ورائدة في صناعة الفن، ليس الخليجي فقط، بل الفن العربي بشكل عام، ونحن اليوم نقف على منصة
كويتية للتعبير عن تقديرنا وامتناننا للكويت التي كان لها السبق، والذاكرة الأولى ذاكرة الطفولة عرفنا هواء وشتاء الكويت».
وعن دور الشعر في الحياة راهناً، أوضح: «من وجهة نظر شخصية، لم يعد للشعر ذلك التأثير القديم الذي كان في العصور المبكرة، لكن هناك أشكالاً من الشعر تحاول استعادة هذا الدور، وتجارب شعرية جديرة بالتوقف والتأمل والتصدير والتقديم للناس، حتى يستعيد الشعر دوره مرة أخرى، لأن الشعر الحديث بالمجمل مقروء، وليس مسموعاً، والقراءة أقل تأثيراً من السماع بكل تأكيد، وهذا الذي اختلف بشكل جوهري، ليجعل الرواية تتصدَّر المشهد في الأدب العربي على حساب الشعر، لكن هي موجات، وللشعر عودة».
هكذا عبَّرت الأمسية الشعرية التي أقيمت ضمن الأسبوع الثقافي العماني في الكويت عن حصيلة شعرية، تناول فيها الشعراء المشاركون الكثير من المظاهر والأشكال والمضامين التي تعج بها الحياة، كما أنهم عبَّروا عن خلجات قلوبهم، وما يريدون بثه للجمهور، بألفاظ مرنة، وتعابير شعرية شيقة.
شعراء متميزون
أعرب السفير العماني د. الخروصي عن سعادته بحضور الأمسية الشعرية، ووصف الشعراء بأنهم متميزون، وأضافوا وهجاً للأسبوع الثقافي، لافتاً إلى أن بداية الأمسية كانت عبارة عن محاضرة حول العلاقات المبكرة بين عمان والكويت، فتضمنت إضاءات عن التاريخ الثقافي، والعلاقات العمانية - الكويتية في مسارها التاريخي بشكل عام.
وتابع: «الحضور كان جميلاً، وأنا سعيد بفعالية الأسبوع بشكل عام، وأتمنى استمرار مثل هذه الفعاليات، وأن تكون متبادلة، لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وشكراً لتنظيم (الوطني للثقافة)».
السفير العماني يزور مكتبة البابطين المركزية
وكانت باستقبالهم المديرة العامة لمكتبة البابطين سعاد العتيقي. وقام السفير والوفد المرافق له بجولة في أرجاء المكتبة، اطلعوا خلالها على المجموعات المتنوعة من الكتب الأدبية والعلمية، والكتب النادرة، والمخطوطات الأصلية، والدوريات النادرة، والرسائل الجامعية الموجودة بالمكتبة، واستمعوا إلى شرح مفصَّل عن محتويات المكتبة، وما تقدمه من خدمات معلوماتية وثقافية للباحثين والزوار.
وأبدى السفير والوفد المرافق له إعجابهم بالآلية التي تنتهجها المكتبة كنموذج حديث لأفضل المكتبات ومراكز المعلومات العالمية من حيث التصميم والخدمات المعلوماتية التي توفرها لمرتاديها.
وأهدت المكتبة سفير سلطنة عُمان والوفد المرافق له إصداراتها المطبوعة، إضافة إلى سلسلة «نوادر النوادر من الكتب» بمكتبة عبدالكريم سعود البابطين. ومن جانبه، أهدى السفير والوفد المرافق له المكتبة مجموعة من الكتب.
وفي نهاية الزيارة سجل السفير كلمة للمكتبة في سجل كبار الزوار، عبَّر فيها عن إعجابه بالجهود الثقافية للراحل عبدالعزيز سعود البابطين مؤسس المكتبة، ودوره في نشر اللغة العربية عالمياً، وأبدى سعادته بزيارة هذا الصرح الثقافي الموجود في قلب الكويت، متمنياً التوفيق للقائمين عليه.
كما سجل د. محسن الكندي، والمهندس سعيد الصقلاوي أيضاً كلمتين في سجل كبار الزوار، حيث عبَّرا عن مدى إعجابهما بالمكتبة، التي تُعد صرحاً ثقافياً حوى الشعر العربي، وحفظ ذاكرة الشعراء والعرب، وأفاد الإنسانية.