دُعي أكثر من 24 مليون ناخب في الجزائر للتوجه إلى صناديق الاقتراع غدا في انتخابات رئاسية يعتبر الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون الأوفر حظا للفوز فيها بولاية ثانية.

ويتمثّل الرهان الرئيسي الذي يواجهه في نسبة المشاركة، مقارنة بانتخابات 2019 التي أوصلته إلى الرئاسة بـ 58 بالمئة من الأصوات، وسط نسبة امتناع قياسية. وجرى الاقتراع آنذاك في خضم الحراك الشعبي المطالب بتغيير مكوّنات النظام الحاكم منذ استقلال البلد عن الاستعمار الفرنسي في 1962، بعد أن أسقط الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.

Ad

ويقول مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيف، الجزائري حسني عبيدي، لوكالة فرانس برس: «الرئيس حريص على أن تكون نسبة المشاركة كبيرة. إنه الرهان الرئيسي بالنسبة له. يريد أن يكون رئيسا عاديا وليس رئيسا منتخبا بشكل يثير الجدل».

وتقدّم للانتخابات 3 مرشحين لقيادة البلاد التي يبلغ عدد سكانها حوالي 45 مليونا، وتعتبر أكبر مصدّر للغاز الطبيعي في إفريقيا.

ويعتبر تبون (78 عاما) المرشح الأوفر حظا، وترشّح في وجهه الإسلامي المعتدل عبدالعالي شريف، والاشتراكي يوسف أوشيش.

ويحظى تبون بدعم أحزاب الأغلبية البرلمانية المكوّنة من جبهة التحرير الوطني والتجمّع الوطني الديموقراطي وجبهة المستقبل وحركة البناء، إضافة إلى النواب المستقلين.

وعبدالعالي شريف (57 عاما) هو رئيس حزب حركة مجتمع السلم الإسلامية منذ سنة، وهو مهندس أشغال عمومية ونائب سابق في البرلمان (2007 الى 2012). وكانت الحركة امتنعت عن المشاركة في انتخابات 2019.

أما يوسف أوشيشي (41 عاما) فهو صحافي سابق وعضو بمجلس الأمة، الغرفة الثانية للبرلمان، ويمثّل حزب جبهة القوى الاشتراكية، أقدم حزب معارض في الجزائر، وله معقل تاريخي في منطقة القبائل. وقاطعت جبهة القوى الاشتراكية الانتخابات الرئاسية في الجزائر منذ عام 1999.

وافتتحت مراكز الاقتراع للجزائريين المقيمين في الخارج الاثنين، ودُعي اليها أكثر من 800 ألف ناخب. كذلك انطلقت أمس الأول عملية التصويت في المراكز المتنقلة المخصصة للمناطق النائية في بلد تفوق مساحته 2.3 مليون كلم مربع، أغلبها صحراء.

وبدأ الصمت الانتخابي منذ منتصف ليل الثلاثاء ـ الأربعاء بعد حملة انتخابية جرت على غير العادة في فصل الصيف، وسط حرارة شديدة الارتفاع، مما أدّى الى إقبال ضعيف على المهرجانات الانتخابية.

وقد تودّد المرشّحون إلى الشباب الذين يشكّلون أكثر من نصف السكان، بوعود تتعلّق بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية، على أمل تحسين القدرة الشرائية وجعل الاقتصاد أقل اعتمادا على المحروقات. على المستوى الدولي، يبرز الدعم التام للقضيتين الفلسطينية والصحراوية من جانب المرشحين الثلاثة.

وأكّد تبون أنه نجح بالفعل خلال ولايته الأولى في تصحيح أخطاء الماضي في البلاد، وإعادة الجزائر (ثالث أكبر اقتصاد في إفريقيا حاليا) إلى المسار الصحيح، بالرغم من «الحرب ضد الجائحة (كوفيد - 19) والفساد» في العامين الأولين.

في المقابل، تعهّد منافسا تبون بمنح الجزائريين المزيد من الحريات. وأعلن أوشيش التزامه «بالإفراج عن سجناء الرأي من خلال عفو رئاسي ومراجعة القوانين الجائرة»، أما شريف فقد دافع عن «الحريات التي تم تقليصها إلى حد كبير في السنوات الأخيرة».

وبحسب عبيدي، فإن «الرئيس تبون مُطالب بمعالجة التراجع الكبير في الحريات السياسية والإعلامية في ظل الطلاق البائن بين الجزائريين والسياسة كما هي الحال اليوم».

وأعربت منظمة العفو الدولية غير الحكومية، خلال بيان في 2 الجاري، عن قلقها من الوضع. وقالت في تقرير «شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة تدهورا مطّردا لوضع حقوق الإنسان. ومن المثير للقلق أن الوضع لا يزال قاتما مع اقتراب موعد الانتخابات».

وفي الشارع، تباينت التوقعات، فالبعض يأمل في حدوث تحسّن بالقدرة الشرائية مع اقتراب بداية العام الدراسي الجديد، بينما لا يؤمن البعض الآخر بأي تغيير ولا يبالي بالعملية الانتخابية.

لكن بالنسبة للكثير من الجزائريين، فإن أكثر ما يشغل بالهم هو التحديات الاقتصادية وتحدّث كثيرون من الأشخاص الذين التقتهم وكالة فرانس برس عن ارتفاع تكاليف المعيشة، ولم يرغب أي منهم في ذكر اسم عائلته.

وقال محمد (22 عاما): «بصراحة، كلّ ما أريده هو الذهاب إلى بلد آخر. فور أن أحصل على ما يكفي من المال لأدفع لمهرّب، سأغادر البلاد».

وقالت عائشة (30 عاما)، إنها لا تعرف ما إذا كانت ستصوّت أم لا، مضيفة: «سأقرّر ذلك يوم الانتخاب. أعلم أن علينا التصويت، لكن السياسيين لا يتذكّرون النساء إلا عندما تكون هناك انتخابات ويريدون أصواتهن. بعد ذلك، ينسونهن حتى الانتخابات التالية».