شددت حركة حماس الفلسطينية ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مواقفهما عشية طرح إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ما يوصف بأنه «حل وسط أخير» لإقناع طرفي الحرب في قطاع غزة بالانخراط في اتفاق يسمح بتحرير الرهائن المحتجزين في القطاع، ويمهّد لوقف إطلاق النار بينهما.

وليل الأربعاء ـ الخميس، أكدت «حماس»، في بيان، أنه لا توجد حاجة إلى مقترحات جديدة، وأن المطلوب الآن هو الضغط على نتنياهو وحكومته وإلزامهم بما تم التوافق عليه، محذرةً من «الوقوع في فخ نتنياهو وحيَله، حيث يستخدم المفاوضات لإطالة أمد العدوان على شعبنا».

Ad

جاء ذلك فيما أكد نتنياهو، هو الآخر، تمسّكه بالبقاء في محور فيلادلفيا، العقدة الرئيسية باتجاه إبرام الاتفاق الذي تراهن عليه واشنطن لتبريد التوتر الإقليمي.

وقال نتنياهو خلال مؤتمر بالقدس: «إذا غادرت فيلادلفيا، فمن المستحيل منع حماس ليس فقط من تهريب الأسلحة، ولكن أيضاً من تهريب المختطفين إلى الخارج. نحن بحاجة إلى شيء للضغط عليهم لإطلاق سراح المختطفين وتحقيق أهداف الحرب».

وأضاف: «اتفقنا على بدء المحادثات بشأن وقف دائم لإطلاق النار، ويجب أن تتضمن شروطنا، وضعاً يصبح فيه فيلادلفيا غير قابل للاختراق. على أحدهم أن يكون هناك، لا يهمني مَن».

كما جدد رئيس الائتلاف اليميني الحاكم اتهامه لمصر بأنها لم تنجح في منع تهريب الأسلحة إلى القطاع الفلسطيني عبر المحور الحدودي، زاعماً أن «مسلحين يتسللون من غزة إلى سيناء ثم ينتقلون إلى اليمن وإيران ومناطق أخرى لتلقي التدريبات العسكرية».

ووسط توقعات عبرية رسمية بأن تمتد حرب غزة إلى عام 2025، برر رئيس الوزراء قوله قبل 7 أشهر إنه «على بعد خطوة من النصر»، إبان اجتياح جيشه لرفح و«فيلادلفيا»، بأنه كان يقصد أن الهجوم «يمهد الطريق» للانتصار.

في موازاة ذلك، كرر وزير المالية المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، رفضه التوصل إلى اتفاق لوقف حرب غزة المتواصلة منذ 11 شهراً، وطالب بشنّ حرب واسعة ضد لبنان، معتبراً أن الحرب يجب أن تستمر حتى «اختفاء حماس وحزب الله». وحذّر من تكرار أخطاء إيهود باراك وأرييل شارون بالانسحاب من غزة ولبنان.

إحباط أميركي

وكشفت تقارير أميركية أن مسؤولي البيت الأبيض تساءلوا عن إمكانية وجود صفقة شاملة، من الأساس، تلقى قبولاً من «حماس»، ودفعوا باتجاه رفض تقديم أي تنازلات للحركة، وبدلاً من ذلك أوصوا بالتركيز على تطبيق المزيد من الضغط وإجراءات المساءلة ضد قادتها.

وذكر موقع أكسيوس، نقلاً عن مسؤولين، أن الصدمة خيمت على اجتماع بايدن مع مستشاريه الاثنين الماضي، بعد قتل الحركة (المصنفة إرهابية بواشنطن) 6 رهائن، من بينهم مواطن أميركي. ولفت الموقع إلى أن المجتمعين بدأوا إعادة التفكير بطريقة للمضي قدماً في المفاوضات بشأن الصفقة الشاملة التي تتلاشى فرص إبرامها بعد مُضي أكثر من 3 أشهر على طرحها من قبل بايدن.

ولفتت المصادر إلى أن «حماس» زادت شروطها لإبرام الصفقة، وطالبت بتحرير عدد أكبر من السجناء الفلسطينيين، وهو ما زاد من شكوك المفاوضين الأميركيين بشأن ما إذا كان الاتفاق ممكناً.

وتزامن الإحباط الأميركي من إمكانية إبرام الصفقة الشاملة مع تسريب باتجاه آخر يشير إلى أن إدارة بايدن تناقش طلباً تقدمت به عائلات 4 رهائن أميركيين لدى «حماس» بعقد اتفاق أحادي الجانب، من دون إشراك إسرائيل.

ورغم أن مسؤولاً أميركياً يستبعد إطلاق الرهائن في صفقة أحادية، فقد لفت إلى أن الحركة الفلسطينية ستكون مهتمة من دون شك بقائمة تعدها الولايات المتحدة، تضم سجناء مهمين تحتجزهم داخل أراضيها.

على الصعيد الميادني، أفادت مصادر طبية بوقوع 15 قتيلاً في غارات إسرائيلية على مناطق متفرقة في غزة، أمس، فيما تفقد رئيس أركان الجيش المصري، الفريق أحمد خليفة، الأوضاع وإجراءات التأمين على الحدود بين سيناء والقطاع الفلسطيني بزيارة مفاجئة.

وعلى جبهة أخرى، واصل جيش الاحتلال عمليته الواسعة في مدن وبلدات الضفة الغربية لليوم التاسع على التوالي، في حين انفجرت سيارة مفخخة بمدينة الرملة وسط الداخل الإسرائيلي.

وحذّرت السلطة الفلسطينية من أن أكثر من 4 آلاف عائلة مهددة بالنزوح القسري من مخيم جنين في ظل محاصرة الجيش الإسرائيلي له، فيما قتل 6 أشخاص، بينهم نجل القيادي الفتحاوي الأسير زكريا الزبيدي، وأصيب 3 جراء قصف مسيّرة إسرائيلية لمركبة بطوباس.

وارتفع بذلك عدد ضحايا حملة الضفة إلى 40 قتيلاً، بينهم 21 من محافظة جنين، و9 من طولكرم، و7 من طوباس، و3 من الخليل.

وفي حين عقد مجلس الأمن الدولي جلسة بطلبين منفصلين لإسرائيل والجزائر، لبحث مقتل 6 رهائن إسرائيليين بغزة أخيراً، والتصعيد الذي تشهده الضفة الغربية و»استمرار الإبادة» بالقطاع، وذكر مندوب السلطة الفلسطينية الدائم بالأمم المتحدة، رياض منصور، أن الدولة العبرية تواصل شن حرب على الشعب الفلسطيني وتسعى إلى فرض حل عسكري للنزاع.

إلى ذلك، أردت الشرطة الألمانية رجلا بعدما أطلق النار قرب القنصلية العامة الإسرائيلية ومركز لتوثيق جرائم النازية في ميونخ أمس. وبينما وصفت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فايزر، الواقعة بأنها خطيرة، لكنها رفضت التكهن بأسبابها، أشارت «الخارجية» الإسرائيلية إلى أن الهجوم لم يسفر عن خسائر، وقالت إن القنصلية كانت مغلقة بمناسبة الذكرى السنوية الـ52 لعملية ميونخ التي قتل بها 11 رياضياً إسرائيلياً عام 1972 خلال مشاركتهم في الألعاب الأولمبية.