هذه هي الحلقة الثالثة من سلسلة المقالات المتخصصة في الأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة العليا البريطانية.
***
خلفت الأزمة المالية 2007–2008م التي بلغت ذروتها في سبتمبر 2008م العديد من الآثار المدمرة على الخارطة الاقتصادية العالمية، ويعد قطاع سندات الرهن العقاري صافرة انطلاق الانهيار، إذ كان المعروض أكثر من المطلوب من عقارات وأراضٍ، وبسبب توقف إنجاز مشاريع استثمارية في قطاع العقار لم تجد ممولين جددا، مع عجز تام من الشركات عن سداد ما اقترضته من البنوك في سبيل إقامة تلك المشاريع.
وتعد مؤسسة «صندوق سيجما» البريطانية والمتخصصة في بيع وشراء وتملك سندات وأسهم الشركات العقارية واحدة من تلك المؤسسات التي تضررت من تلك الأزمة بصورة حادة على خلفية قيامها بالتوسع في عمليات استملاك السندات والأسهم العقارية الأميركية.
هرولت الإدارة التنفيذية للمؤسسة للتخلص من مديونياتها عبر «تسوية» مع الدائنين للحفاظ على بعض الأصول والنجاة من تلك الأزمة الخانقة، فبعثت تلك الشركات محاسبيها القانونيين لتلبية دعوة التسوية فيما بينهم كدائنين لمؤسسة «سيجما»! فعمدت الإدارة التنفيذية للمؤسسة لمنح أولوية الدفع للديون المستحقة مع استثناء (أجور، مكافآت، رواتب... إلخ) العاملين بالمؤسسة من تلك التسوية!
رفض ممثلو الشركات الدائنة قرار التسوية، وانتقلوا لمرحلة الخصومة القضائية! إذ كانت تلك الأجور والمكافآت... إلخ تقدر بالملايين من الباوندات.
ومع تفاوت درجات التقاضي فيما بين أطراف الخصومة، قررت المحكمة العليا رفضها تسوية إدارة «سيجما» باعتبارها إساءة لسلطتها التقديرية، وذهبت في بناء حكمها على قاعدتين أساسيتين لبدء مشروع تسوية من الإدارة التنفيذية المدين تجاه الدائنين أولاهما: لا يحق للإدارة التنفيذية منح أولوية او استثناء من التسوية كما لا يحق لها منح أولوية في السداد والدفع، وأما القاعدة الثانية فهي أن التسوية لابد أن تكون بالتراضي فيما بين جميع الأطراف الدائنة وبالتساوي النسبي!
آخر سطر
اعتبر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق جوردن براون أن الاستهتار داخل الولايات المتحدة حول النظام المالي، هو الذي أدى إلى أزمة الائتمان المالي التي يعاني منها العالم. (3 أكتوبر2008م – جريدة الجريدة).
* باحث في القانون