«اتسع الفتق على الراتق»، هو مثل عربي قديم، وقد يُقال «اتسع الخرق على الراقع»، ومعناه واضح، فهو يُضرب عندما تزيد الأمور على صاحبها وتتعقد، فلا يعد بمقدوره أن يرقع الخرق أو البلاء أو المشكلة التي وَقَعَ، أو أوقَعَ نفسه، أو أوقع مَنْ حوله فيها، ولا باستطاعته إصلاح ما فسد، وهو شبيه بالمثل الشعبي «الشق عود»، و«قد بلغ السيل الزُبى»، مما يعني أن المشكلة كبرت واتّسعت وصعُبَ حلُّها.

«اتسع الخرق على الراقع» تقوله العرب في أمثالها الشعبية عندما يفسد الشيء حتى فات التلافي، فالخرق في الشيء هنا هو إذا انخرق، وأصله الضعف. أما الراقع أو الراتق، فهو الذي يُصلح موضع الفاسد من الثوب، فهو يُضرب عندما تفسد الأحوال، فتخرج عن السيطرة، لدرجة لا يمكن إصلاحها إلا بمجهود مشترك، أو إذا استشرى الفساد وفات الوقت لتداركه، فتصبح أحوال الناس كالخَرق الواسع في الثوب الذي لم يعد فيه مكان لمزيد من الرتق، ويصبح الجميع أمام مسؤولية إصلاح ما فسد، أو ما أفسدوه.

Ad

الشاعر ابن حمام الأزدي قال في ذلك:

كنا نداريها وقد مزقت

واتسع الخرق على الراقع

كالثوب إذ أنهج فيه البلى

أعيا على ذي الحيلة الصانع

أما الشاعر أبوتمام فقال:

يا عَمرو قُل لِلقَمَرِ الطالِعِ

اِتَّسَعَ الخَرقُ عَلى الراقِعِ

وهذه أبيات جميلة تستحق أن تُقرأ بتمعن، قالها في الصميم الشاعر اليمني حمد علي سليمان عبدالرحيم، في قصيدة طويلة:

اتسع الخرقُ على الراقعْ

لا تلم الشاعر والسامعْ

عمّتنا الفوضى واتسعتْ

وسرابُ إزالتها خادع

وأضعنا فرصاً قد سنحتْ

أنعوّضُ في الوقت الضائع؟

واستفحل شر بليتنا

واستغرق خيبتنا الواقع

والفتن بلا عد عُرضتْ

والكل يؤيد ويبايع

وقال:

في كل مكان معضلة

تحتاجُ إلى حل قاطع

وختم قائلاً:

ما استويا الشاعر كمحامٍ

يدفع عن حق، ويُرافع

والشاعرُ يمدح من فسقوا

إن الفرق جليٌ شاسع

***

أعجبني قولٌ منسوب إلى الرئيس الأميركي أبراهام لنكولن: «لو عرفنا أين نحن، وماذا جرى لنا، لعرفنا ماذا نفعل، وهل ما فعلناه كان كما يجب؟».

حفظ الله بلدنا من خرق لا يجب أن يتسع فيصعب رتقه، وأعان بحفظه ورعايته ربان سفينتنا في تعديل المسار، ورتق ما فَسَد، وأدام علينا نعمتي الأمن والأمان.