ماكرون يخرج من ورطة سياسية بأكبر رئيس وزراء بتاريخ فرنسا
اليسار يتهمه بسرقة الانتخابات بعد تكليف يميني بتشكيل حكومة
أنهى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الورطة السياسية التي وضع نفسه فيها بحل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات مبكرة في يونيو الماضي بعد فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية، بتكليف اليميني الجمهوري ميشال بارنييه (73 عاماً) تشكيل «حكومة جامعة في خدمة البلاد»، ليصبح بذلك مفوض الاتحاد الأوروبي السابق، أكبر رئيس حكومة بتاريخ فرنسا الحديث.
وبعد كثير من الأخذ والرد وجولات المشاورات التي استغرقت نحو شهرين منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة، قرر ماكرون تعيين شخصية من حزب الجمهوريين (يمين وسط)، وهو ما أثار رد فعل فورياً غاضباً من جانب «الجبهة الشعبية الجديدة» ائتلاف اليسار الذي حل في المرتبة الأولى في الانتخابات لكن دون أغلبية تمكنه من تشكيل حكومة.
وبحسب «الإليزيه»، أكد ماكرون أن الحكومة المقبلة «تلبي الشروط اللازمة لتكون مستقرة»، بعد أن «تأكد من أن رئيس الوزراء والحكومة المستقبلية يستوفيان الشروط ليكونا مستقرين قدر الإمكان، ويمنحا نفسيهما الفرصة لعقد تحالفات على أوسع نطاق ممكن».
وسيكون أمام المخضرم بارنييه الخبير في السياسة الفرنسية والأوروبية والذي تولى وزارات في عهدي الرئيسين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي مهمة صعبة، تتمثل أولاً في الحصول على ثقة الجمعية الوطنية المقسمة بين ثلاث كتل برلمانية، اليسار، و»الجبهة الرئاسية»، واليمين المتطرف بزعامة مارين لوبن.
في المقابل، رأى رئيس حزب «فرنسا الأبية» اليساري الراديكالي جون لوك ميلونشون أن «الانتخابات سُرقت من الشعب الفرنسي» بتعيين اليميني بارنييه، داعياً إلى «أقوى تعبئة ممكنة» لمعارضة هذا القرار. وبنبرة أقل حدّة، اعتبر رئيس الحزب الاشتراكي (يسار الوسط) أوليفييه فور أن فرنسا «دخلت في أزمة نظام»، بعد تعيين بارنييه.
وبدا أن حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف راضٍ جزئياً عن التعيين، إذ دعت لوبن رئيس الحكومة المكلف إلى «احترام» ناخبي الحزب، وكتبت معلقة على تعيينه «سنكون منتبهين للمشروع الذي سينفذه، وسنحرص على ضمان سماع واحترام تطلعات الناخبين، الذين يمثلون ثلث الشعب الفرنسي». وأكد رئيس «التجمع الوطني» جوردان بارديلا أنه سيحكم على بارنييه «على أساس خطابه السياسي العام وقراراته المتعلقة بالميزانية وتصرفاته».
ويأتي تعيين بارنييه في أعقاب مشاورات عسيرة بعد أن أفرزت الانتخابات واقعاً سياسياً معقداً بعدم حصول أي من الأطراف الرئيسية على أغلبية صريحة في البرلمان. وكان قد تم تداول اسم شخصيتين كأبرز الخيارات لهذا المنصب، وهما رئيس الوزراء الاشتراكي السابق برنار كازنوف والقيادي في حزب الجمهوريين اليميني كزافييه برتران، لكن حسابات البرلمان لم تصب في مصلحتيهما.
وفي فرنسا يعين رئيس الجمهورية رئيس الوزراء، الذي يمكن بعد ذلك أن يؤكده البرلمان.
وكشف مستشار للرئيس الفرنسي طالباً عدم ذكر اسمه أن وزير الخارجية السابق المخضرم ومفوض الاتحاد الأوروبي السابق «متوافق مع ماكرون» ولديه حظوظ في نيل تأييد البرلمان، في وقت أكد وزير في الحكومة المنتهية ولايتها أن بارنييه «يحظى بشعبية كبيرة بين أعضاء اليمين في البرلمان دون أن يكون مصدر إزعاج لليسار».
وعمل بارنييه مفوضاً أوروبياً مرتين، وبين عامي 2016 و2021 كان مفاوضاً لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتم اختياره بعد سلسلة من المشاورات بين ماكرون والقوى السياسية.