«الأسبوع الثقافي العماني» يختتم فعالياته بمحاضرة عمرانية
الجسار: السلطنة رائدة في المحافظة على عمارتها التاريخية
اختُتمت فعاليات «الأسبوع الثقافي العماني» على مسرح مكتبة الكويت الوطنية بمحاضرة عن «أنماط العمارة العمانية المحصنة»، قدَّمها رئيس الجمعية العمانية للكُتاب والأدباء المهندس د. سعيد الصقلاوي، وأدارها المهندس المعماري فريد عبدال، بحضور الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د. محمد الجسار، وسفير سلطنة عمان لدى البلاد د. صالح الخروصي، وجمع من المثقفين والأكاديميين.
تحدَّث الصقلاوي عن نظرية عمارة التحصينات في عمان وتطبيقاتها، وقدَّم دراسة تناولت البُعد التاريخي، والأشكال والأنماط المعمارية التي كانت عليها القلاع والحصون، وأيضاً مواد البناء والتشييد، وملكيتها، والدروس المستفادة من هذه المباني المعمارية الممتدة عبر التاريخ.
وذكر أن الدراسة تهدف إلى تسليط الضوء على تاريخ الحصون أو التحصينات في عمان وحصرها، لافتاً إلى أن المتداول حتى الآن في بعض الدراسات في عمان أن عدد التحصينات حوالي 500 حصن، فيما الدراسة التي قام بها حصر فيها حوالي 1800 منشأة تحصينية، ومشيراً إلى أن دراسته استغرقت وقتاً طويلاً، حيث طاف مناطق عديدة في عمان، وقابل أشخاصاً وتحدَّث معهم، وبالتالي سجَّل هذا الموضوع، مبيناً أن المنهجية التي اتبعها هي استخدام الاستبيان، والمقابلة، والدراسات، والبحوث، والتقارير، وغيرها.
وأكد الصقلاوي أن الجانب العمراني في عمان متأصل منذ آلاف السنين، لافتاً إلى أن جزءاً كبيراً من تاريخها في أعماق البحر، أو تحت الأرض.
وأشار إلى أن وجود عمان على بحر العرب والمحيط الهندي، وقُربها من جيرانها الذين ينتمون إلى حضارات قوية وقديمة مختلفة، وصلتها بالحضارة السومرية، والهندية، وصلتها بشرق آسيا، كل ذلك مكَّنها من اكتشاف خبرات الآخرين، إضافة إلى خبرات العماني الشخصية التي اكتسبها من واقعه الحالي وممارسته.
وذكر أن من الأشياء المهمة، أن هذه العمارة حافظت على القيم المجتمعية الراسخة مع الإرادة السياسية، متابعاً: «بلا شك، وجود إرادة سياسية قوية ومنظومة فكرية وثقافية ساهم إلى حدٍّ كبير في إنشاء هذه المنظومة المعمارية أو العمرانية في جميع عمان».
وأضاف: «عمان من الناحية الجغرافية والجيولوجية متنوعة، فيها السهل، والجبل، والصحراء، والبحر، وحتى الطرق متنوعة»، مبيناً أن هذا التنوع وفَّر مواد مبانٍ محلية استطاع العماني استثمارها في هذا العمران، والتعامل مع الطبيعة دون الخروج عنها «فهو متصالح مع الطبيعة». وأشار إلى أنه في كل الطرق والأودية والسهول كانت توجد أبراج للمراقبة لرصد العدو، لافتاً إلى أن الخبرة العمانية المكتسبة أسهمت في حل المشكلات العمرانية الحديثة.
وعلى هامش المحاضرة، قال د. الجسار: «سعدنا بالاستماع إلى محاضرة د. سعيد الصقلاوي، وهو متخصص في دراسة تاريخ العمارة الحصينة والحصون العمانية، وكانت المحاضرة رائعة جداً، ومما يميز العمارة في عمان عملية الحفاظ عليها، فقد استطاعت الحفاظ على عمارتها التاريخية والدخول في التراث العالمي، بسبب السياسة الحكيمة الموجودة في عمان، حيث عملية الحفاظ على الماضي والتطلع للمستقبل. المنظومة العمانية رائدة بالخليج في الحفاظ على عمارتها التاريخية. نحن نتطلع لتعاون مستمر مع عمان في عدة مجالات من الناحية الثقافية، والعمارة أيضاً، فهي جزء لا يتجزأ من عملية الحفاظ على الثقافة».
وعبَّر د. الجسار عن سعادته من خلال الأيام الثلاثة التي أقيم فيها الأسبوع الثقافي العماني، معلقاً: «نأمل تكرار مثل هذه الأنشطة مع دول أخرى في محيطنا العربي والإسلامي».
تعاون مستقبلي
من جانبه، قال القائم بأعمال عميد كلية العمارة بجامعة الكويت د. عادل المؤمن إن المحاضرة كانت فرصة للتعرف على العمارة الدفاعية في سلطنة عمان، من خلال العرض المرئي للتحصينات العمانية الذي قدَّمه ضيف الكويت د. سعيد الصقلاوي، متمنياً أن يكون هناك تعاون في المستقبل القريب مع السفارة العمانية بالكويت للقيام بزيارات طلابية للتعرف أكثر على العمارة العمانية القديمة.
وأكد المؤمن أن تخصص العمارة مهم جداً في بناء حضارة الإنسان، حيث يدرس المعماري احتياجات الإنسان الاجتماعية والاقتصادية، كما يدرس الظروف البيئية والمناخية والاقتصادية والأمنية للبلد، لإقامة مبانٍ متوافقة مع هذه الاحتياجات، وبالتالي تحديد هوية الدولة المعمارية. وأضاف: «عندما تكون العمارة ناجحة، فالإنسان سيشعر حينها بالسعادة، وسوف يؤدي ذلك حتماً إلى أداء أفضل في العمل والدراسة، وبالتالي سيكون له مردود اقتصادي إيجابي على البلد وازدهاره».
وتابع المؤمن: «نطمح من هذا التخصص إلى تهيئة بيئة سعيدة وصحية ومستدامة»، مؤكداً أهمية تخصص العمارة، حيث يجمع بين الهندسة والعلوم والفنون والإبداع لخدمة الإنسان وحضارته.