صناع الاقتصاد هم صناع الفرص الوظيفية

نشر في 08-09-2024
آخر تحديث 07-09-2024 | 19:35
إن كانت الحكومة جادة في كسب ثقة المواطنين وأن غايتها رفاهية المجتمع فعليها تقديم برنامج عمل تكون ركيزته الأساسية تعزيز الاقتصاد بعيداً عن إثقال عاتق المواطنين باقتراحات سمجة، وأن تفكر جيداً بكيفية رفع نسبة الطبقة الوسطى، والمحافظة على مستوى من العيش الكريم لأصحاب الدخول المنخفضة.
 أ. د. فيصل الشريفي

من الواضح أن تطبيق البصمة الثالثة قد كشف عن حجم الخلل والترهل والتكدس الوظيفي وكفاءة جودة الأداء في الهياكل التنظيمية للإدارات الحكومية، لذلك انحصرت فوائد هذا القرار بوجود الموظفين البدني والتزامهم بساعات العمل.

مشروع رفع كفاءة إنتاجية الموظفين في القطاع الحكومي كما ذكرت في مقالات سابقة له أدوات تحفيزية كثيرة ويتطلب إجراءات وقرارات إذا كان الهدف حل ومعالجة أصل المشكلة التي يعانيها القطاع الحكومي من الفساد الإداري والمحسوبيات والاختلالات في توزيع الموظفين وتكدسهم في تخصصات بعينها وندرتها في التخصصات التي يحتاجها القطاع الحكومي.

إذاً أي مشروع إصلاحي يهدف إلى خلق فرص وظيفية حقيقية له اتجاهان: الأول إعادة ميكنة القطاع الحكومي وتوجيهه نحو الاحتياجات الفعلية، والثاني توطين الموظفين في القطاع الخاص ضمن رؤية اقتصادية شاملة، مع التأكيد على أن نجاح هذا المشروع لن يجدي نفعاً إن لم يكن القطاع الخاص فاعلاً في أداء دوره.

في الأيام الماضية خرج علينا بعض الإخوة من القيادات السابقة بآراء وحلول اقتصادية لم تخرج عن صندوق الأفكار القديمة ذاته والمتمثلة في تقنين الدعوم وتوجيهها نحو الطبقات الاجتماعية ذات الدخول المنخفضة متجاوزين بذلك مفهوم دولة الرفاهية.

هذا التوجه قد يكون مبرراً لحل مشكلة الموازنة العامة للدولة لو كانت الدعوم هي المسلك الوحيد، وهنا أود الإشارة إلى أن دولة الكويت ليست استثناء من هذا التوجه، وهنا لا أريد مقارنتها ببعض دول الخليج، ولكن مع بريطانيا وبقية الدول المتحضرة التي تقوم حكومات بالتخفيف عن مواطنيها بصور مختلفة كمراجعة التضخم سنويًا وزيادة الأجور، وإلى بند المساعدات الاجتماعية الذي قد يتجاوز ميزانية دولة الكويت مجتمعة، ناهيك عما يخصص من مبالغ ضخمة لتنفيذ مشاريع تحول المساكن القديمة إلى مبان خضراء تسهم في تقليل كلفة فواتير الكهرباء والتدفئة.

هذا الطرح قد يكون مقبولاً لو أن الكويت استنفدت فرصها الاستثمارية أو لا تملك المقومات والمقدرات الاقتصادية، ولو كانت هذه هي الحقيقة لما وجدنا هذا الكم الكبير من العمالة الوافدة التي تصل إلى نسبة 70% من عدد السكان.

الحل الحقيقي في تنشيط الاقتصاد المحلي وخلق وظائف جديدة جاذبة للكويتيين يتطلب عقد ورش عمل تجمع الاقتصاديين مع رواد الأعمال للخروج بتصور يحاكي مفاهيم استمرار دولة الرفاهية والاقتصاد المستدام والمتنوع.

دائماً ما نتساءل عن العوائد النفعية المباشرة وغير المباشرة للمشاريع التي نفذتها حكومات دولة الكويت خلال العشرين سنة الماضية وانعكاسها على الاقتصاد المحلي ونوعية تلك الوظائف وأعداد الموظفين الكويتيين الذين استفادوا من تلك المشاريع.

إن كانت الحكومة جادة في كسب ثقة المواطنين وأن غايتها رفاهية المجتمع فعليها إثبات ذلك عبر تقديم برنامج عمل تكون ركيزته الأساسية تعزيز الاقتصاد بعيداً عن إثقال عاتق المواطنين باقتراحات سمجة، وأن تفكر جيداً بكيفية رفع نسبة الطبقة الوسطى، والمحافظة على مستوى من العيش الكريم لأصحاب الدخول المنخفضة.

ودمتم سالمين.

back to top