البدون الساكنون في تيماء والصليبية أين سيتم ترحيلهم «وين تودونهم»! هل سينتقلون ويستأجرون الفلل الفخمة في الضاحية، أم «الشويخ السكنية»؟ أم تتوقعون أن يستأجروا دوراً أو دورين في مشرف وبيان وغيرهما بأجرة شهرية لا تقل عن 700 دينار، بينما دخول هؤلاء البؤساء - إذا كان لهم أي مصادر دخل كبشر- بحدود المئتي دينار؟
معظم الساكنين الذين سيتم إخلاؤهم بحدود 680 منزلاً قد يسكنه أكثر من عائلة في فترة لا تزيد على الشهر كانوا يعملون في «الداخلية» أو «الدفاع»، بالتالي خدموا الدولة بقدر ما يستطيعون، فهل جزاء العمل بعد هذا العمر الطويل في خدمة البلد الطرد من السكن ورميهم بالشارع، إن لم يكن هذا جزاء سنمار، فماذا عساه يكون؟!
حجة الحكومة هي حاجتها إلى هاتين المنطقتين لتوفير طلبات السكن المقدمة للمؤسسة العامة للرعاية السكنية، هل هو عذر صحيح يعبّر عن الحقيقة أم مجرد غطاء للضغط على البدون الكويتيين واضطهادهم، وهو من جملة عدة إجراءات تتخذها الإدارة السياسية «لتصحيح أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية»، مثل الحرمان من التعليم والعمل وفرض الجنسيات الملفقة؟
أياً كان العذر الحكومي لهذا الإخلاء غير الإنساني، فهو في النهاية لا يمكن تقبّله من أصحاب الضمائر الحية، وإن هلل له الكثيرون من العنصريين وأهل الرياء.
تمديد المدة المحددة للإخلاء ضرورة يفرضها الواقع، وفي الوقت ذاته لا بُد من توفير بدائل للسكن لمئات أسر البدون الكويتيين، وعيب كبير أن يتم فتل واستعراض العضل السلطوي على البؤساء، فهي ليست قضية صورة الكويت بالخارج، بل هي صورة الفروق بين الذات الإنسانية العالية والذات الأنانية المتغطرسة، وقد انتفخت كثيراً في الشهور الأخيرة.